صحافة

"المشهد اليوم"... "حماس" ترفع التحدي وترصّ الصفوف خلف السنوار

واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع إستمرار حالة الترقب لمرحلة ما بعد الاغتيالات التي كانت تل أبيب قد نفذتها في طهران والضاحية الجنوبية، بحيث تتزايد التهديدات والخطوات التصعيدية، بالرغم من الجهود الدبلوماسية القائمة لمحاولة نوع فتيل التوتر الواسع.

في هذا السياق، برزت الخطوة التي اتخذتها حركة "حماس" وأكدت من خلالها رفع سقف التحدي ورص الصفوف خلف يحيي السنوار بتعيينه رئيسًا لمكتبها السياسي خلفًا لاسماعيل هنية، الذي اغتالته إسرائيل في طهران. في حين دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى "تصفية سريعة" للسنوار.

من جانبها، كشفت مصادر مطلعة على المناقشات التي دارت قبل الإعلان عن اختيار السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لـ"حماس"، لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن "هذه رسالة تحدٍ لإسرائيل، فإذا كانوا يعدّونه خطيرًا ودمويًا وإرهابيًا ويجب قتله، ها هو جاءهم خلفًا للشهيد هنية، الدبلوماسي المرن الذي اغتالوه بأيديهم". وقال مصدر مطلع على كواليس المباحثات إنّ غزّة حسمت المسألة، مضيفًا: "الرسالة هي رسالة تحدٍ لإسرائيل وغير إسرائيل. السنوار وغزّة هما البوصلة في المرحلة الحالية". بينما لفتت هيئة البث الإسرائيلية إلى أنّ "تعيين السنوار مفاجئ، ورسالة لإسرائيل بأنه حي وأن قيادة "حماس" بغزة قوية وقائمة وستبقى".

على صعيد متصل، حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إيران وإسرائيل على عدم تصعيد النزاع في الشرق الأوسط، لافتًا إلى أنّ "أحدًا يجب ألا يصعّد هذا النزاع. نحن منخرطون في جهود دبلوماسية مكثّفة مع حلفاء وشركاء، لنقل هذه الرسالة مباشرة إلى إيران، ولقد نقلنا تلك الرسالة مباشرة إلى إسرائيل". بينما تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن إلى نظيره المصري عبد الفتاح السيسي وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في مكالمات هاتفية منفصلة، لمناقشة الجهود المبذولة لتهدئة الوضع في الشرق الأوسط والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزّة وعقد صفقة تبادل أسرى.

بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أنّ الولايات المتحدة بعثت برسائل إلى إيران لحثها على الامتناع عن التصعيد، مؤكدًا سعي بلاده لإنهاء الهجمات التي يشنّها "حزب الله" على إسرائيل عبر الدبلوماسية، لكنه أقرّ بأنّ هذا الأمر غاية في الصعوبة، في ضوء استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. بينما أشارت صحيفة "يديعوت احرونوت" إلى أن تل أبيب تقدّر أنّ محور إيران و"حزب الله" قد يستهدف مواقع بارزة مثل الكنيست، ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، ومقر الموساد و/أو قواعد استخبارات القوات الجوية والجيش الإسرائيلي.

في هذا الإطار، توعّد الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله بأنّ الردّ على اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر "آتٍ، قويًا ومؤثرًا وفاعلًا، وحدنا أو في إطار ردّ جامع لكامل المحور"، معتبرّا أنّ حالة الانتظار التي تعيشها تل أبيب "هي جزء من هذا الرد".  في وقت كان الجيش الإسرائيلي قد استأنف ملاحقة عناصر الحزب إلى العمق اللبناني، حيث استهدف منزلًا في منطقة ميفدون المحاذية لمدينة النبطية، وأسفر الاستهداف عن مقتل 5 عناصر من الحزب، بينما أعلن "حزب الله" قصف قاعدة عسكرية قرب نهاريا بالمسيّرات المفخخة، بينما أقرّ الجيش الإسرائيلي بأنّ أحد صواريخه الاعتراضية سقط في نهاريا ما أسفر عن مقتل وإصابة عددًا من الإسرائيليين.

وفي تطور لافت، خرق الطيران الإسرائيلي"جدار الصوت" على علو منخفض في سماء بيروت أمس، تزامناً مع بدء "حزب الله" حفل تأبين شكر. في حين رأى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري أنّ "نصر الله يأخذ لبنان إلى المجهول"، بينما رأى زعيم حزب "معسكر الدولة" الإسرائيلي بيني غانتس أنه "يجب زيادة الضغط العسكري بما يشمل ضرب البنية التحتية بلبنان"، كما شدد وزير المال الاسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على وجوب أن "لا ترد إسرائيل على خطاب حسن نصر الله، بل عليها اغتياله".

على مستوى التطورات الميدانية في قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة أنّ جيش الاحتلال ارتكب ثلاث مجازر ضد العائلات في القطاع، خلال الـ24 ساعة الماضية، وصل منها إلى المستشفيات 30 شهيدًا و66 إصابة. بينما أصدر الجيش الإسرائيلي، بعد انتصاف ليل الثلاثاء الأربعاء، بيانًا يدعو فيه جميع الموجودين في بيت حانون وأحياء أخرى قريبة منها، بالإضافة إلى النازحين في المآوي داخل المنطقة، إلى إخلاء تلك الأماكن فورًا والتوجه إلى مناطق أخرى.

أما في الضفة الغربية، فأفادت وسائل إعلام فلسطينية بأنّ قوات الاحتلال قتحمت، فجر اليوم، قلقيلية من المدخل الشرقي للمدينة معززة بآليات عسكرية. كما أفادت بأن قرابة 12 آلية عسكرية اقتحمت نابلس من جهة حاجز الطور العسكري ووصلت إلى أحياء عدة في المدينة.

على هذا الصعيد، حذرت صحيفة "الأهرام" المصرية من أنّ "التصعيد يأتي بمزيد من التصعيد، والصراع، لا ينجم عنه إلا المزيد من الصراعات. ووسط هذه الصراعات، ستضيع القضية الرئيسية، وهي القضية الفلسطينية، التي سبق لمصر أن حذرت من أن التقاعس عن إيجاد تسوية دائمة وعادلة لها طوال هذه المدة، سينجم عنه توسيع نطاق الصراع وإطالة أمده، وهو ما يتحقق بالفعل هذه الأيام".

في حين نقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية عن مصدر متابع أنّ "لبنان قد يكون نقطة الضعف الأكثر تعرّضا لتداعيات أي توسيع للحرب في ظل الاشتباك القائم على مدى 10 أشهر ولو ضمن ما سماه البعض قواعد اشتباك محدودة"، لافتةً إلى أنّ "توسيع الحرب سيكون فرصة لإسرائيل لتصفية حسابات جديدة وقديمة مع لبنان، ومحاولة لفرض واقع جديد يلغي كل ما هو قائم منذ العام 2006 من خلال قرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي أوقف الحرب ويتمسك لبنان بتطبيقه ويدعو إلى الالتزام بكامل بنوده".

بدورها، رأت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "تكتيك الإنتظار الثقيل الذي إعتمدته طهران، أتاح المجال لحركة ديبلوماسية ناشطة قادتها الولايات المتحدة في خطوط التواصل "الخلفية" مع الإيرانيين، لإبقاء الرد على إغتيال إسماعيل هنية في طهران خاطفًا ومحدودًا، وفي إطار مُخفف، ولا يشكل ذريعة لنتنياهو، لتنفيذ مخطط التوريط لواشنطن ودول المنطقة في حرب شاملة ومدمرة، تُغطي على فشله في غزّة، وتساعده على البقاء في السلطة، والهروب من المحاسبة السياسية والقضائية على فشله".

واعتبرت صحيفة "الرياض" السعودية أنّ "الحرب الإقليمية الشاملة، التي تتعالى الأصوات بها وتنادي بقيامها بعض الأصوات المُتطرفة والعميلة، ليست إلا أُمنيات عبَّرت عنها سياسات وخطابات وإعلام أعداء المُجتمعات والشعوب والدول العربية، السَّاعين لزعزعة أمنها وسلمها واستقرارها الاجتماعي والسياسي".

من جانبها، لفتت صحيفة "الشرق" القطرية إلى أنّ الدوحة "تقود مساعي سياسية ودبلوماسية مكثفة، من خلال الاتصالات التي تجريها على أعلى المستويات مع العديد من الشركاء الدوليين والمنظمات الدولية، للتأكد من نزع فتيل التوترات وضمان تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والوقف الفوري لإطلاق النار وضرورة استدامة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة".

أما صحيفة "الخليج" الإماراتية فأشارت إلى أنّ "أيًا من سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة، سواء استقرت الأمور لصالح دونالد ترامب، أو حدثت مفاجآت غير متوقعة غيّرت من صورة المشهد الانتخابي، إلا أنّ ذلك لا ينفي ما يحدث الآن من بروز واقع جديد من الغضب الجماعي، كان قد بدأ يتشكل داخل الولايات المتحدة، ويجمع في صفوفه العديد من الشخصيات السياسية التي تدعو لإعادة النظر في استمرارية الانحياز لإسرائيل، من زاوية النظر إلى مصالح أميركا أولًا".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن