واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع مواصلة الجيش الإسرائيلي مجازره في القطاع، بالرغم من الرهانات على جولة المفاوضات الجديدة في منتصف الشهر الحالي. فالجيش الإسرائيلي أقدم أمس، على قصف نازحين أثناء إقامتهم صلاة الفجر في مدرسة التابعين بحي الدرج بمدينة غزة شمالاً، ما أدى إلى سقوط أكثر من 100 شهيد غالبيتهم أشلاء، الأمر الذي قوبل بإدانات دولية واسعة.
وفي حين زعمت تل أبيب وجود عناصر لحركة "حماس" داخل المدرسة، لتبرير المجزرة المروعة، نفت الحركة هذه المزاعم. بينما أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن من بين الأسماء التي نشرها الجيش الإسرائيلي، في قائمة زعم أنها للعناصر المستهدفين، شهداء سقطوا قبل وقوع المجزرة بيوم، مشيراً إلى أنه "يستطيع الجزم بأن القائمة مغلوطة ومضللة 100%".
في هذا السياق، أشارت نائبة الرئيس الأميركي والمرشح الرئاسية عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، إلى أن "من مسؤوليات إسرائيل تجنب حدوث قتلى في صفوف المدنيين"، مطالبة في الوقت نفسه بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى. بينما دعت الجزائر إلى عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن يوم الثلاثاء المقبل بشأن المجزرة، لافتة إلى أن "هذا الطلب تم تقديمه بالتشاور مع دولة فلسطين"، وموضحة أن طلب الجزائر "يحظى بتأييد دول أعضاء أخرى في مجلس الأمن".
بالتزامن، ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية أن واشنطن تستعد لتقديم دعماً مالياً بقيمة 3.5 مليارات دولار لإسرائيل، في إطار حزمة الأسلحة والمساعدات العسكرية التي وافق عليها الكونغرس للجش الاسرائيلي قبل أشهر. بينما أشارت السفيرة الأميركية في قبرص جولي فيشر إلى أن سفينة هجوم برمائي أميركية رست في قبرص ضمن زيارة تم التخطيط لها مسبقاً، لكن يمكن استخدامها لدعم المدنيين إذا اندلعت أعمال قتالية في الشرق الأوسط.
بالنسبة إلى جولة المفاوضات المنتظرة، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن جولة المفاوضات المرتقبة، الخميس المقبل، لن تحدث اختراقاً بل تهدف إلى تحريك المفاوضات الرامية لإبرام صفقة لتبادل الأسرى، موضحة أن جمود مفاوضات صفقة التبادل تسبب في توتر العلاقة بين الوفد الإسرائيلي المفاوض والمستوى السياسي. بينما نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أخبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الجمعة، أنه يفكر في زيارة الشرق الأوسط الأسبوع المقبل، بهدف الانضمام لجهود وقف إطلاق النار في غزة وتجنب التصعيد.
في هذا الوقت، وصلت طهران التهديدات بالرد على عملية إغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" إسماعيل هنية داخل أراضيها، بحيث أكدت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، رداً على سؤال عما إذا كانت طهران ستؤجل ردها حتى استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، أن "أولويتنا وقف إطلاق نار مستدام في غزة". وأشارت إلى أن "أي اتفاق تقبله حماس سيكون مقبولاً لدينا"، مؤكدة أن "الكيان الإسرائيلي بعمله الإرهابي الأخير قد خرق أمننا وسيادتنا الوطنية، ونحن يحق لنا الدفاع المشروع، وهذا لا علاقة له بوقف إطلاق النار في غزة".
بالنسبة إلى الأوضاع على جبهة جنوب لبنان، أشارت صحيفة "معاريف" العبرية إلى أن التقديرات في إسرائيل تُرجح أن ينفذ "حزب الله" هجومَه للرد على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر خلال الساعات الـ24 القادمة، لافتة إلى أن الترجيحات تشير إلى أن "حزب الله" سيهاجم إسرائيل قبل الهجوم الإيراني. في حين يستمر التمادي الإسرائيلي في تنفيذ عمليات اغتيال داخل الأراضي اللبناني، بحيث أقدمت تل أبيب، الجمعة، على اغتيال القائد الميداني في حركة "حماس" سامر الحاج، بغارة جوية شنتها مُسيّرة على سيارته عند المدخل الجنوبي لمدينة صيدا. بينما رد "حزب الله" بهجوم جوي بأسراب من المسيرات الإنقضاضية على قاعدة محفاة ألون (قاعدة تجميع وتحشد للقوات ومخازن طوارئ للفيلق الشمالي الواقعة جنوب غرب صفد).
في الضفة الغربية، أفادت وسائل إعلام فلسطينية باندلاع مواجهات مسلحة، فجر اليوم الأحد، بين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم العين غرب مدينة نابلس وبلدة السيلة الحارثية غرب جنين، كما أشارت إلى استهداف آليات الاحتلال بعبوة متفجرة محلية الصنع خلال اقتحامها بلدة كفردان غرب جنين.
إقليمياً، أكد مسؤول أميركي، لوكالة "رويترز"، أن عددا من أفراد القوات الأميركية والتحالف الدولي أصيبوا بجروح طفيفة جراء هجوم بطائرة مسيرة في سوريا يوم الجمعة، موضحاً أنه لا توجد إصابات خطيرة بين القوات ولكن جرى نقل بعض الأفراد إلى موقع منفصل لإجراء المزيد من التقييم.
في هذا الإطار، دعت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أن تصمت كل الأصوات التي تمارس الكذب والتذاكي بأن الأردن يقف حاجزاً أمام الرد على اغتيال هنية، فمن يريد أن ينتقم أمامه جبهات واسعة عبر وكلائه وميليشياته، أما الأردن فلن يكون مسرحاً للخراب، وسيبقى هذا الوطن في طليعة المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، ولن يتخلى عن دوره مهما بلغت التحديات، وسيبقى يقدم بالأفعال المخلصة ما يمليه واجب الضمير، لا زيف الشعارات والتضليل.
بينما كشف مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، عبر صحيفة "الجريدة" الكويتية، أن طهران تلقت، أمس الأول رسالة جديدة من واشنطن موجهة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، تطلب فيها من الإيرانيين تأجيل ردهم على اغتيال هنية، من أسبوعين إلى بضعة أسابيع، موضحاً أن الرئيس مسعود بزشكيان نجح بالفعل في إقناع علي خامنئي بالتريث في الرد حتى يكون على الأقل للبلد حكومة مكتملة الصلاحيات في حال نشوب حرب كبيرة، مضيفاً أن بزشكيان سيعرض حكومته بعد غد أمام مجلس الشورى (البرلمان)، الذي سيكون لديه أسبوعان للتصويت على منح الثقة للوزراء.
وأشارت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أن هناك فرصة سانحة لإنفاذ اتفاق التهدئة بين إسرائيل وحركة "حماس"، في منتصف أغسطس الحالي، سواء في القاهرة أو الدوحة، معتبرة أن المرحلة المقبلة تتطلب خفض التصعيد ودخول مرحلة التهدئة حتى لا تمتد النيران إلى الإقليم في ظل بيوت خشبية هشة قابلة للتأثر.
في وقت رأت صحيفة "الوطن" القطرية أن قصف المدرسة امتداد للمجازر الوحشية وجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل طوال أكثر من عشرة شهور في قطاع غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وأوامر محكمة العدل الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، مما يستلزم مساءلة إسرائيل على كل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة.
بدورها، اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أنه عندما تقر مقررة الأمم المتحدة الخاصة في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز بالعجز عن وقف الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وتلتمس السماح من الفلسطينيين لعدم القدرة على احترام المعنى الأساسي للقانون الدولي، فهي تقدم إدانة صريحة للمجتمع الدولي الذي فقد مصداقيته وأفلست أدبياته، بعد صمته الطويل وتغاضيه عن الجرائم الرهيبة التي تسحق المدنيين في غزة بـ"أسلحة أميركية وأوروبية"، وفق اعتراف المسؤولة الأممية.
(رصد "عروبة 22")