صحافة

المجازر واقتحام الأقصى.. أين ضمير العالم‪؟‬

خالد قنديل

المشاركة
المجازر واقتحام الأقصى.. أين ضمير العالم‪؟‬

كل يوم إبادة، كل ساعةٍ مجزرة، وكل وقت استفزاز، هكذا تسير الأمور، ببساطة واعتياد، ففي الوقت الذي تتحرك فيه الجهود لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والعمل على وقف إطلاق النار ووقف التصعيد في الأراضي المحتلة، وتخرج الأخبار المتواترة باستعداد قادة الاحتلال للانخراط في اتفاق يحقق هذا الهدف، يمارس المُحتل البغيض لعبته القذرة وكذبه، ويجدد القصف والغارات والاستهداف بحق المدنيين العُزل في أنحاء غزة، بل ويتجرأ على المقدسات في أكثر الأوقات احتقانًا وشعورًا بالحنق تجاه ما يحدث.

وقد استيقظنا صبيحة الثلاثاء الماضي على أنباء اقتحام وزير الأمن القومى اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، ووزير آخر، وأعضاء في الكنيست ومئات المتطرفين من الكيان المحتل، باحات المسجد الأقصى الشريف ورفع علم الكيان داخله، تحت حماية شرطة الاحتلال، وبالتزامن مع منع المصلين الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى، بل إن أعدادًا كبيرة من مستوطني الاحتلال كانوا يرقصون ويؤدون صلوات تلمودية في باحات الأقصى، في اعتداء صارخ وواضح على الشرعية الدولية.

ويوم السبت الماضي استيقظ العالم على أنباء مجزرة جديدة، واستشهاد أكثر من 100 مواطن فلسطيني وإصابة العشرات، بعد أن قصف الاحتلال مدرسة «التابعين» التي تؤوى نازحين في حى الدرج شرق مدينة غزة، وقبلها بساعات شن الاحتلال غارات على مناطق متفرقة بالقطاع في خان يونس والنصيرات والبريج، وتل السلطان، ودير البلح وغيرها، في مشهد متكرر واستخفاف غير مسبوق بقوانين الإنسانية وأحكام القانون الدولي، وكما وصفت الدولة المصرية في سياق جهودها لوقف هذا العبث وهذا الإجرام، يأتي استمرار ارتكاب جرائم المحتل واسعة النطاق، وتعمد الكيان الصهيوني إسقاط تلك الأعداد الهائلة من المدنيين العُزل، كلما تكثفت جهود الوسطاء لمحاولة التوصل إلى صيغة لوقف لإطلاق النار في القطاع، كدليل واضح وقاطع على غياب الإرادة السياسية لدى الكيان المحتل لإنهاء حربه والتسبب في مزيد من المعاناة للفلسطينيين حتى صار المشهد كله صورة لكارثة إنسانية يقف العالم مكتوفًا وعاجزًا عن وضع حد لها.

ولعل المقصود بالعالم هنا لن يشمل الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تزل تنخرط في الخداع والأكاذيب، وتمنح جميع الفرص وجميع الخيارات للاحتلال يفعل ما يحلو له، يقتل ويشرد ويمنع دخول الغذاء، الأمر الذي لم يمنع أحمق مثل وزير مالية الكيان المحتل بتسلئيل سموتريتش، أن يجهر بحماقته ويصرح بأن «منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة مبرَّر وأخلاقى، حتى وإن تسبب في موت مليونى مدنى جوعًا». ولمَ لا يقول ذلك، فمن الذي تصدى لآلة القتل اليومية؟ ومن منع الإبادة الجماعية التي يعترف بها هذا الـ«بتسلئيل»، ومن نفذ قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية؟ إذًن هناك رُخصة مفتوحة في يد المحتل لمواصلة القتل والإبادة واقتحام المقدسات، كأنها الحقيقة الوحيدة مهما تغيرت الأحداث ومهما تكلم المحللون، فإذا كان الكيان منشغلًا بالسنوار الذي جاء خليفة لهنية بعد اغتياله، وإذا كان منشغلا بترقب الرد الإيراني على اغتيال هنية واغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر، وإذا كانت واشنطن تؤكد وتكرر حق إسرائيل في الأمن والسلام والدفاع عن نفسها، فما ذنب الأبرياء من الأطفال والنساء والشباب فيما يحدث؟ وما الجديد الذي يمكن تقديمه بعد كل مرة من المماطلة ووضع العراقيل التي باتت تؤكد أمام العالم وأمام جميع الأطراف نية التخلص من كل فلسطيني ومحو اسم فلسطين وإحلال الكيان الذي يضع شروطًا جديدة وغير منطقية لوقف القتل، رغم التلويح من خلال البيت الأبيض باستعداد مجرم الحرب نيتانياهو قبول الصفقة المطروحة من قبل مصر وقطر وأمريكا لوقف إطلاق النار، وإبرام اتفاق بشأن الإفراج عن الرهائن والمعتقلين، وقبل الوصول إلى وضع التفاصيل المتعلقة بالتنفيذ وفق المبادئ التي طرحها بايدن من قبل، يتجدد الإجرام ويتجدد القصف ويستشهد المئات وتُهدم المدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء، وتتجدد الإدانات لكن لا شىء يتغير، فمتى يستيقظ ضمير العالم.. متى يتوقف نزيف الدماء؟.

(الأهرام المصرية)

يتم التصفح الآن