إنشغلت الصحف العربية الصادرة اليوم بتحليل تطورات الجبهة الجنوبية اللبنانية مع اسرائيل، وذلك بعد رد "حزب الله" على عملية اغتيال القيادي فؤاد شكر واعلان "نجاح عملية يوم الأربعين". فيما جددت تل أبيب التأكيد على المضي قدماً "لإزالة كل تهديد في أي جبهة وفي أي وقت".
ووفق قراءة للمشهد العام، فقد التزم "حزب الله" الردّ ضمن قواعد الاشتباك المعروفة التي تحول دون التصعيد وانفجار الأوضاع. وقد أتى هذا الهجوم قبل ساعات من إنطلاق مفاوضات القاهرة للتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في قطاع غزة.
واذ لم يرشح أي جديد بشأن مشاورات القاهرة رغم الاتصالات والجهود الدولية الحثيثة. دعت مصر للحفاظ على استقرار وسيادة لبنان وحتمية الوقف الشامل لإطلاق النار في غزة لتجنيب المنطقة حالة عدم استقرار شاملة، وفق ما جاء في بيان للخارجية المصرية.
وكان الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله قد فنّد تفاصيل "عملية يوم الأربعين" والأهداف والنتائج لجهة استهداف "قاعدة غليلوت للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية"، قائلاً: "رغم كل التهويل المقاومة اتخذت القرار وأقدمت ولم تتأخر". وأضاف: "بنتيجة التشاور مع الحلفاء، تم اختيار أن يكون الردّ من قبل حزب الله بمفرده، وفي ذلك حكمة ستكشفها الأيام".
وفي حين شدد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن التزام بلاده الصارم بـ"الدفاع عن إسرائيل ضد أي هجمات تشنها إيران ووكلاؤها". قال نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت "نحن نعمل عسكرياً وكأننا لن نتوصل إلى تسوية وعلى جاهزية لحرب في الشمال في أي لحظة، لكن ذلك ليست الطريق المفضلة بالنسبة لنا، وما زلنا نعطي فرصة للتسوية".
وفي سياق متصل، أفادت صحيفة "يسرائيل هيوم" بأن "إسرائيل نقلت رسالة لمجموعة من الأطراف الأجنبية للمساعدة في منع التصعيد". وقالت إن "الرسالة تفيد بأنها تحرّكت لإحباط هجوم من حزب الله لكنها لا تنوي تحويل ذلك لحرب واسعة النطاق". واعتبرت الصحيفة أنه "إذا كان حزب الله راضياً عن ردّه اليوم فإن إسرائيل لن توسع الحملة وسيتم إغلاق ملف اغتيال شكر".
وبشأن مفاوضات غزة، أشارت حركة "حماس" إلى أن وفدها غادر القاهرة إلى الدوحة بعدما استمع لنتائج جولة المفاوضات الأخيرة، مؤكدة "ضرورة أن يتضمن أي اتفاق وقفاً دائماً لإطلاق النار وانسحاباً كاملاً من قطاع غزة وعودة السكان إلى مناطقهم، والإغاثة والإعمار وصفقة تبادل جادة".
إلى ذلك، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن واشنطن قدمت لإسرائيل راداراً تخترق موجاته الأرض للمساعدة في ملاحقة رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" يحيى السنوار. ونقلت عن مصادر أميركية قولها إن اغتيال السنوار له تأثير كبير على الحرب، حيث يعتقد بعض الأميركيين أن النجاح في هذه المهمة سيوفر لرئيس الوزراء الاسرائيلي مبرراً لإنهاء العمليات العسكرية في غزة، بادعاء "الانتصار العسكري البارز".
وضمن جولة الصحف اليوم:
أشارت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أن لا أحد ينكر أن الحرب الشاملة ستطيح بالمنطقة برمتها، ومنع نشوبها أولوية قصوى، ولكن بالمقابل فإن عدم قدرة المجتمع الدولي على حسم الأمور أو عدم رغبته في ذلك، ما هو إلا تأجيل للحظة الانفجار، فحرب استنزاف المنطقة ستزيد من الضغوط على الحكومات وتصاعد الغضب الشعبي وتفاقم الأزمات الاجتماعية، ومع مرور الوقت، قد تأتي شرارة الحرب وإشعال المنطقة من مكان لا أحد يتوقعه ودون الحاجة إلى حرب شاملة.
ولفتت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أن التصعيد يفرض تداعيات سلبية مباشرة على الملف الأكثر أهمية، وهو الوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، ينهي المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني في القطاع الذي يواجه كارثة حقيقية بكل المقاييس، إذ إن هذا التصعيد الإقليمي يوحي بأن الأطراف المنخرطة فيه لها حسابات ومصالح خاصة بعيدة كل البعد عن هذا الهدف الحيوي.
ورأت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن المفاوضات المتنقلة بين القاهرة والدوحة، هي من باب ذر الرماد في العيون بالنسبة لنتنياهو، الذي إفتضح دوره بالتعطيل المتعمد لإقرار "الصفقة"، للقريب والبعيد، وبدأت خلافاته مع الفريق الإسرائيلي المفاوض تظهر في الإعلام، ووصلت إلى حد إتهامه رئيس الموساد بالتنازل في المفاوضات والتساهل مع مطالب "حماس"، كذا، في محاولة مكشوفة لنعي الجولة الحالية من التفاوض قبل أن تبدأ.
واعتبرت صحيفة "الرياض" السعودية أن الظرف الراهن، الذي نعيشه اليوم في منطقتنا، يُحتم علينا الرجوع إلى الدمج بين "الصبر الاستراتيجي" و"الوعي الاستراتيجي"، وهو ما نادت به ضمنيًا وعلنيًا الرياض، وتأكيدها للجميع من دون استثناء بعدم القفز على الحواجز، والانجرار خلف دعوات الحرب التي تفتقد للأفق السياسي والتنموي، بل وأهمية الوقوف خلف تطلعات شعوب المنطقة، وقراءة المستقبل بشكل عميق، لعدم الوقوع في فخ خيار الحرب قدر الإمكان.
وأوضحت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن الباحث عن شمعة مضيئة في نفق منطقتنا المظلم، يكاد يرى، فيما يمكن القول، أن من الإيجابيات القليلة في جو التوتر المسيطر على المشهد اليوم، أن الكل يجمع على أنه لن يكون هناك تصعيد نحو حرب شاملة، لافتة إلى أن أن التصعيد غير المدروس لا يفيد أحداً على ما يبدو، وهو كذلك، لا بل وكل حريص يدرك أن الدفع نحو وقف الحرب في غزة، هو فقط مفتاح الحل المأمول لفك الاشتباك قبل أن تنفلت الأمور ونذهب إلى ما لا يحمد عقباه.
وأشارت صحيفة "الشرق" القطرية إلى أن التطورات الخطيرة والمتسارعة التي تشهدها منطقة جنوب لبنان، تعد مؤشرًا واضحًا على مخاطر التصعيد غير المسؤول في المنطقة على خلفية تطورات أزمة غزة والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، ولا يمكن لحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني إلا أن تنتج بؤرا جديدة من التوتر والعنف، الذي يهدد المنطقة بأكملها ويدخلها في دوامة من الحرب والدمار.
(رصد "عروبة 22")