تصدر المشهد الميداني الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة عناوين الصحف العربية الصادرة اليوم وسط تحذيرات أممية بتفاقم "الوضع الكارثي". واذ وافق رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على تخصيص أماكن معينة داخل غزة لتطعيم الأطفال ضد "البوليو" (الشلل) نتيجة ضغوط أميركية، نفى أن يكون ذلك بمثابة "هدنة".
وطغت أخبار العملية العسكرية الموسعة للجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية، والتي شملت 4 مدن هي جنين ونابلس وطوباس وطولكرم، على وقائع المفاوضات لوقف إطلاق النار والتي تراوح مكانها مكبلة بالشروط الإسرائيلية التي تحول دون تحقيق أي نتائج ملموسة.
وفي الوقائع، دعا وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس إلى "ضرورة التعامل مع الضفة كما تمّ التعامل مع غزة بما في ذلك الإخلاء المؤقت للسكان"، متهماً إيران بالعمل على "إقامة جبهة ارهابية شرقية ضد إسرائيل في الضفة، على غرار غزة ولبنان، من خلال تمويل الإرهابيين وتهريب الأسلحة المتطورة من الأردن".
وفيما حذَّرت الرئاسة الفلسطينية من أن الجميع سيدفع ثمن هذه الحرب الإسرائيلية المتصاعدة، تعهدت "كتائب القسام" التابعة لحركة "حماس" بتوسيع المواجهات إلى وسط الضفة وجنوبها.
إلى ذلك، أكد نائب مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ديفيد كوهين أن "الاسرائيليين يظهرون جدية في المفاوضات الجارية"، واضعاً الكرة في ملعب حركة "حماس".
ميدانياً، سقط في اليوم الأول لعملية "مخيّمات الصيف" 11 شهيداً فلسطينياً في الضفة وسط حملة إعتقالات وإغتيالات واسعة شملت جرف الأراضي ومحاصرة المستشفيات وفرض حظر للتجول. بالمقابل تصدت الفصائل الفلسطينية للهجوم بما أسمته عملية "رعب المخيمات" وفجرت عدة عبوات ناسفة مستهدفة الآليات العسكرية ما أدى إلى إصابة عدد من الجنود.
في غضون ذلك، أفاد الجيش الإسرائيلي بانتشال جثة جندي من غزة كان قد قتل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.وقال نتنياهو إن القوات الإسرائيلية أعادت جثة جندي من غزة، و"تواصل بذل كل الجهود لإعادة الأسرى الأحياء والقتلى".
ويواصل الاحتلال سياسة الأرض المحروقة وإرتكاب المجازر في قطاع غزة المحاصر، حيث أعلنت وزارة الصحة عن 4 مجازر جديدة خلال الساعات الماضية، وصل منها إلى المستشفيات 58 شهيداً و131 مصاباً. في وقت علّق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة "حتى إشعار آخر" تحركات طواقمه في قطاع غزة، بعد إصابة إحدى شاحناته بنيران إسرائيلية.
وفي سياق آخر، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وحضّت إسرائيل على التصدي لهذه المجموعات المتطرفة المتهمة بتأجيج أعمال العنف.
لبنانياً، وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على التمديد لقوات "اليونيفل" في لبنان لمدة 12 شهراً وذلك على وقع استمرار العمليات المتبادلة بين "حزب الله" والجيش الإسرائيليّ على طول حدود لبنان الجنوبيّة.
إقليمياً، أعلنت بعثة إيران بالأمم المتحدة أن الحوثيين في اليمن وافقوا على هدنة مؤقتة، للسماح بوصول زوارق وسفن إنقاذ إلى ناقلة النفط المتضررة في البحر الأحمر "سونيون"، التي ترفع علم اليونان.
ونستعرض في جولة الصحف العربية:
اعتبرت صحيفة "الأهرام" المصرية أن هدف قادة إسرائيل من تدمير الضفة وغزة، وهو الحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية في المستقبل، إذ أين سيقيم الفلسطينيون دولتهم، وقد أصبحت الضفة والقطاع مجرد أنقاض تهيم فيها الأشباح وأرواح الأطفال الذين ذبحتهم آلة الحرب الإسرائيلية الإجرامية؟ وهنا سيكون السؤال هو: عن أي سلام يتحدث قادة إسرائيل، وقد صوت أعضاء البرلمان الإسرائيلي بالأغلبية بعدم منح الفلسطينيين أي فرصة لإقامة دولة لهم؟
وأشارت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أن الأردن، بقيادة الملك عبدالله الثاني، "سيبقى في طليعة المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، ولن نتخلى عن دورنا مهما بلغت التحديات، وسنبقى صفاً واحداً خلف راية جلالته الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، فلا مساومة على أرض الأنبياء، ولا مساومة على حق الأشقاء الفلسطينيين، وخيارتنا مفتوحة في التعامل مع حكومة احتلال متطرفة تقود المنطقة لحافة الهاوية".
ولفتت صحيفة "الوطن" القطرية إلى أن العدوان الإسرائيلي على شمال الضفة الغربية يأتي استكمالاً للحرب الشاملة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، وهو تصعيد خطير تتحمل مسؤوليته سلطات الاحتلال والجانب الأميركي الذي يوفر الحماية والدعم لهذا الاحتلال، مؤكدة أن هذه السياسة التصعيدية وتدمير المدن وقتل الفلسطينيين والاعتقالات والاستعمار، لن تجلب الأمن والاستقرار لأحد وسيدفع ثمنها الجميع.
ورأت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن "ليس هناك ما يطمئن فعلاً بأن إسرائيل سترضخ لرغبة جميع الأطراف في التوصل إلى صفقة تمهد لإنهاء الحرب على غزة، وتحول دون امتدادها إلى الضفة الغربية، ومن ثم توسعها إلى صراع إقليمي شامل، وربما هذا ما سيكون لاحقاً، في غياب الضغط الدولي، والأميركي أساساً، على تل أبيب، لتمتثل إلى التحذيرات الجادة من مآلات غير محمودة".
من جهتها، وصفت مصادر سياسية مطلعة، عبر صحيفة "اللواء" اللبنانية، قرار التمديد لليونيفيل بـ"الخطوة الإيجابية في ما خص فتح الباب أمام التهدئة وتعزيز التأكيد بالالتزام بالقرار 1701، والذي يعكس وجهة نظر الموقف اللبناني الرسمي"، مشيرة إلى أن ما من أولويات جديدة سوى إعادة الأمور إلى التهدئة والالتفات نحو تحريك الاستحقاقات، ولاسيما الإستحقاق الرئاسي، حتى لو لم يحن الوقت لذلك".
(رصد "عروبة 22")