كم أسهمت القضية الفلسطينية في تغيير خريطة العمل السياسي في الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين طالما كانتا رأس الحربة في الدفاع عن السياسة العدوانية للدولة اليهودية! فمثلما وجدنا المرشحة الرئاسية كامالا هاريس تسعى في الولايات المتحدة للحصول على أصوات قطاعات عريضة من الناخبين الأمريكيين الذين يطالبون بالحرية لفلسطين، مما جعل القضية الفلسطينية مطروحة لأول مرة في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وجدنا بريطانيا في نفس الوقت تعلن أخيرا حظر بيع بعض الأسلحة لإسرائيل لاحتمال إساءة استخدامها في الحرب ضد غزة، وكانت حكومة العمال قد وعدت في بداية توليها الحكم بإجراء مراجعة لصادرات السلاح لإسرائيل للتأكد من عدم استخدامها في انتهاكات للقوانين الدولية.
وأوضحت وزارة الخارجية البريطانية أمس الأول أن المراجعة استغرقت شهرين وأسفرت عن نتائج مثيرة للقلق بشأن استخدام الأسلحة البريطانية في غزة، وأكدت رفض 30 تصريحا من تصريحات تصدير الأسلحة لإسرائيل والتي تستخدم بالمخالفة للقوانين الدولية في التعامل مع المحتجزين الفلسطينيين وتسهم في منع إدخال المساعدات الإنسانية لغزة.
وتضمن قرار الحظر بعض مكونات للطائرات المقاتلة، والطائرات المروحية "الهيليكوبتر"، والطائرات المسيرة "درونز"، وقالت الخارجية البريطانية لجريدة "الجارديان" إن المراجعة التي شارك فيها عدد من العسكريين تركت شعورا بالقلق إزاء استخدامات إسرائيل للأسلحة البريطانية في عمليات تتعارض مع القوانين الإنسانية. وأشار متحدث باسم الوزارة إلى أن حجم الدمار الذي شهدته غزة على مدى ما يقرب من العام يثير قلقا كبيرا داخل دوائر الحكومة البريطانية.
والحقيقة أن التصاريح التي حظرتها الحكومة البريطانية رغم ما تمثله من مراعاة لقطاعات عريضة من الرأي العام الرافض لسياسة الدعم الأعمى لإسرائيل، فإنها تمثل أقل من 10% من مجموع تصاريح تصدير السلاح لإسرائيل والتي بلغت هذا العام 350 تصريحا، على أنه يجب ألا نغفل أن المؤتمر السنوي لحزب العمال قد بات على الأبواب وينتظر أن يوجه فيه النقد للحكومة البريطانية على دعمها إسرائيل في حرب الإبادة التى تقودها في غزة، كما أن هناك عددا من القضايا المرفوعة ضد الحكومة في هذا الشأن وقد بدأ نظر إحداها هذا الأسبوع.
(الأهرام المصرية)