قضايا العرب

التغيّـر المناخي: اليمن أكثر البلدان العربية تأثّرًا بلا "خطة مواجهة"!

اليمن - محمد الغباري

المشاركة

رغم أنّ اليمن صُنّف بأنه أكثر البلدان العربية تأثّرًا بالتغيّرات المناخية إلا أنه وإلى جانب الحرب التي تعصف به منذ عقد من الزمان لا يمتلك خطة واضحة لمواجهة هذا التغيّر الذي تضرر منه أخيرًا نحو نصف مليون شخص وآلاف المساكن.

التغيّـر المناخي: اليمن أكثر البلدان العربية تأثّرًا بلا

وفي حين وضع هذا البلد في المرتبة 171 من بين 181 دولة هي الأشد عرضة للتأثّر بالتغيّرات المناخية، كانت المفاجأة أنّ الحكومة لا تزال تدرس حتى الآن مشروع قرار لإنشاء هيئة مختصة بإدارة مخاطر الكوارث وتغيّر المناخ، بهدف الحد من مخاطر الكوارث، وتكون من أولويتها اعتبار الحد من مخاطر الكوارث أولوية وطنية تتطلّب مؤسسات وسياسات قوية ومساندة حقيقية من أصحاب المصلحة والشركاء.

المشروع قيد النقاش يفترض أن يؤدي إلى إنشاء جهاز تكون مهمته الحد من الأخطار بما فيها الأخطار الناشئة عن تغيّر المناخ ورصدها وتوثيق الخسائر بشكل منتظم، والاستفادة من العلوم والابتكارات، بما يعمق الفهم في إدارة مخاطر الكوارث. والاستثمار في الحد من مخاطر الكوارث وتعزيز نظم الإنذار المبكر المتعدد الأخطار والمحافظة على النظم البيئية، بما يعزّز القدرة على الصمود والمرونة، وتحسين مستويات التأهب وإعادة البناء بشكل أفضل خلال مرحلة التعافي من الكوارث.

وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي تحدث عما تشهده اليمن من تزايد في معدلات حدوث الكوارث وآثارها السلبية التي تكلف الكثير من الخسائر، وقال إنّ "على رأس هذه الكوارث تزايد أعداد المتوفين والمفقودين والمتضررين، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية والهياكل الأساسية الحيوية والخدمات، في ظل الوضع الراهن إثر الحرب التي أشعلتها المليشيات الحوثية الارهابية".

وفيما اعتبر تبريرًا لغياب أي خطة للتعامل مع آثار التغيّر المناخي، ذكر المسؤول اليمني أنّ بلاده اعتمدت "إطار سنداي" للحد من مخاطر الكوارث في العام 2015 مع بقية دول العالم، ونهاية العام الماضي شكّلت لجنة لإعداد مشروع إنشاء جهاز الإغاثة والطوارئ والأزمات، بالتواصل مع الجهات الدولية المتخصصة ممثلة بمكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث في المنطقة العربية من أجل مساعدة اليمن لتطوير بنيتها المؤسسية والتشريعية للحد من مخاطر الكوارث.

هذه النقاشات تأتي فيما تؤكد البيانات الأممية أنّ الأمطار الغزيرة المصحوبة بالعواصف الرعدية العنيفة والفيضانات الشديدة التي شهدتها البلاد مؤخرًا أثّرت على ما يقرب من 562 ألف شخص. وكانت محافظات الحديدة ومأرب وصنعاء وإب وتعز والمحويت وعمران وصعدة، الأكثر تضررًا جراء ذلك، كما وتسببت في تدمير المئات من المنازل وملاجئ النازحين، والطرق، ومصادر المياه، والمرافق الطبية، والبنية التحتية للصرف الصحي.

كما تُظهر هذه البيانات أنّ الرياح القوية المصاحبة للأمطار الغزيرة ألحقت أضرارًا جسيمة بـ73 موقعًا للنزوح وأثّرت على أكثر من 21 ألف أسرة، وأدت إلى مقتل وجرح 44 شخصًا في محافظة مأرب التي تأوي 60‎%‎ من النازحين داخليًا وهي واحدة من أكثر مناطق البلاد ضعفًا، ما زاد من سوء الأزمة الإنسانية.

أما في الحديدة فقد تضررت أكثر من 9 آلاف أسرة، كما تم الإبلاغ عن 36 حالة وفاة و564 إصابة حتى الآن. كما تضرر أكثر من 11 ألف أسرة، ولقي ما لا يقل عن 15 شخصًا حتفهم، وأصيب آخرون جراء الفيضانات التي ضربت أجزاء من محافظة تعز، كما تضرر نحو 1,500 أسرة وتوفي 9 أشخاص في محافظة إب، وتضررت 550 أسرة في صنعاء، وبالإضافة إلى ذلك قُتل وفُقد أكثر من 41 شخصًا وتضررت 1,020 أسرة في مديرية ملحان بمحافظة المحويت.

وفي حين أعاقت الألغام الأرضية وأضرار الطرق والدمار الواسع النطاق توصيل المساعدات، أدت الكارثة إلى تفاقم نقاط الضعف، وتكثيف الاحتياجات العاجلة للمأوى والخدمات الصحية والأمن الغذائي. ووُصف الوضع بـ"المروّع" الذي يتطلب استجابة فورية ومنسقة لمعالجة الآثار المركّبة للفيضانات والصراع، بحيث كان التأثير مدمّرًا بشكل خاص في مواقع النازحين داخليًا والمجتمعات المحيطة.

في نهاية العام 2023، وزع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن دراسة عن آثار تغيّر المناخ على التنمية البشرية في البلاد بغرض فهم التحديات والمخاطر التي تواجه البيئة، وحددت الدراسة، الاحتياجات الأساسية وقدّمت تدخلات فعّالة للحد من مخاطر تغيّر المناخ في البلاد، مما يساعد على حماية البيئة للأجيال القادمة.

ووضعت الدراسة العديد من النتائج والتوقعات التي توضح السيناريوهات المحتملة التي ستكون حتمية إذا لم يتم اتخاذ إجراءات ضد تغيّر المناخ. وبيّنت أنه وعلى المدى الطويل، سيؤثر تغيّر المناخ في اليمن سلبًا على صحة وتغذية السكان، حيث سيكون تغيّر المناخ مسؤولًا عن أكثر من 121 ألف حالة وفاة بحلول عام 2060. وقدّرت التوقعات أن يكون إجمالي الناتج المحلي المفقود هو 93 مليار دولار حتى العام نفسه، إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد تغيّر المناخ في البلاد.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن