أبرزت الصحف العربية الصادرة اليوم حجم التصعيد المستمر الذي تشهده الساحة اللَبنانيّة والتطورات المتسارعة التي تعكسها التصريحات الاسرائيليّة بشأن توسيع الخطط العسكرية ورقعة الاستهدافات بما يوحي بأن المنطقة دخلت مرحلة جديدة لا مكان فيها للحلول الدبلوماسيّة، على الرغم من الحراك المستمر في محاولات "أخيرة" لمنع إنفلات الأمور من عقالها، حيث من المتوقع أن يزور لبنان في الساعات والأيام المقبلة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين والمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، فيما أعربت قبرص عن استعدادها للدخول على خطّ الوساطة.
وبينما كان لبنان الشعبي يُلملم جراحه بعد الغارة الاسرائيليّة على الضاحية الجنوبية لبيروت والتي قتلت إلى جانب قيادات رفيعة في وحدة "الرضوان" التابعة لـ"حزب الله" أطفالاً ومدنيين أبرياء في حصيلة تعدّ الأشدّ منذ حرب تموز/ يوليو 2006، بحسب موقع "ذا ديلي نيوز" الأميركي. تحدثت معلومات إعلامية عن وصول وفد إيراني للتحقيق في الخروقات المتعددة داخل الحزب وذلك بعد الأحداث التي طبعت الأسبوع الأخير والتي تكشف حجم الإنكشاف الامني وإختراق إسرائيل لصفوفه.
إلى ذلك، صعّدت اسرائيل من استهدافاتها العسكرية حيث شنت غارات واسعة ضد أهداف للحزب في جنوب لبنان. وبلغ عدد الغارات الّتي شنّها الاحتلال على القرى والبلدات اللَبنانيّة نحو الـ 100 غارة جويّة. فيما استهدف "حزب الله" مطار وقاعدة رامات ديفيد الجوية بعشرات الصواريخ من طراز "فادي 1" و"فادي 2". وهذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذين الطرازين من الصواريخ خلال الصراع الجاري. ولفتت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن الحزب "يستهدف مواقع عسكرية لا مدنيّة"، معتبرة أنه "لا يريد كسر القواعد" المتعارف عليها منذ العام 2006.
وفي إطار متصل، طلبت وزارة الخارجية الأميركية من مواطنيها مغادرة لبنان فوراً ما دامت هناك رحلات تجارية، في ظل "تخوف حقيقي من تصاعد المعارك بين إسرائيل و"حزب الله" بشكل كبير خلال الأيام المقبلة، مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة بين الجانبين، وفق ما نقله موقع "بوليتيكو" عن مسؤولين أميركيين.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر عسكرية اعتقادها أن إسرائيل تدفع "حزب الله" نحو هدفين: التفاوض والتسوية (للتراجع وفك ارتباطه مع قطاع غزة)، أو الحرب الشاملة.
بالتزامن، قالت الحكومة المجرية إن أجهزة المخابرات في البلاد استجوبت الرئيسة التنفيذية لشركة "بي إيه سي كونسلتينغ"، ومقرها بودابست، المرتبطة بأجهزة الاتصال اللاسلكية (البايجر) التي يستخدمها أعضاء "حزب الله" وانفجرت الأسبوع الماضي، وذلك ضمن إطار تحقيقات واسعة تجريها للوقوف عند ما حدث.
فلسطينياً، أعلنت "كتائب القسام" عن قتل جنود إسرائيليين في رفح، في حين ارتكبت قوات الاحتلال مجازر جديدة أسفرت عن استشهاد أكثر من 40 فلسطينياً في قطاع غزة، بينهم 22 شخصاً على الأقل معظمهم من الاطفال استشهدوا في غارة على مدرسة للنازحين جنوبي القطاع.
من جهتها، أشارت وزارة الصحة الفلسطينيّة الى مقتل أكثر من 990 من الكادر الصحي واعتقال 300 آخرين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر. أما في الضفة الغربية، فقد استكملت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملتها العسكرية ونفذت العديد من عمليات الاقتحام والاعتقال والتي نتج عنها 20 فلسطينياً على الأقل بينهم أسرى سابقون.
وعن المفاوضات، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان بتأثير ما يجري على الساحة اللّبنانيّة على ملف "هدنة غزة"، قائلاً "هناك مسار يُفضي إلى اتفاق وقف إطلاق النار بغزة؛ لكننا لسنا في مرحلة تسمح بطرح شيء على طاولة المحادثات الآن"، وفق ما نقلته وكالة "رويترز".
وفي جولة الصحف اليومية:
تناولت صحيفة "الأهرام" المصرية التطورات على الجبهة اللبنانيّة، اذ رأت أن "تصعيد الهجمات الإسرائيليّة على بعض مواقع "حزب الله" واستهداف قادته تعكس جملة من المخاطر. أولها، فتح جبهة جديدة للحرب بالشرق الأوسط، أو ما تطلق عليه مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الإسرائيلية "حرب بين الحروب" إذ تخوض تل أبيب مواجهات متزامنة مع حركة "حماس" في غزة، والمقاومة الفلسطينية في الضفة، و"حزب الله" في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية المسلحة في سوريا والعراق، وأخيراً إيران التي تقود محور المقاومة في الإقليم".
ووفق صحيفة "البيان" الاماراتية، فإن ما يهم نتنياهو البقاء في الحكم وما يسميه تحقيق "النصر وأهداف الحرب" التي لم يحقق منها أي هدف، مشيرة إلى أنه "لم يقض على المقاومة، لم يعد الأسرى، لم يهجر أهالي غزة بل ارتكب الجرائم ضد الإنسانيّة والقوانين الدولية التي قادته ووزير دفاعه ودولته إلى محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية إضافة إلى كشف صورة إسرائيل الحقيقية في العالم كدولة منبوذة".
بدورها، اعتبرت صحيفة "الراية" القطرية أن "مساعي دولة الاحتلال لإبادة الشعب الفلسطيني عبر سياسة المجازر الجماعيّة وعمليات القتل اليومية والهجمات البربرية تأتي في إطار سلسلة من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني"، مشددة على أن "ذرائع إسرائيل لا تُبرر في أي منطقٍ سوى منطق الانتقام، وتصعيد وتعقيد المأساة التي تُرجع القضية الفلسطينيّة إلى الوراء".
تحت عنوان "تصعيد جنوني"، كتبت صحيفة "الوطن" القطرية أن "إسرائيل أثبتت، من خلال اعتداءاتها، أنها لا تكترث لأرواح المدنيين، وتسعى للوصول إلى أهدافها البغيضة بكل الوسائل"، موضحة أن "العالم بأسره يؤمن بضرورة اللجوء إلى الدبلوماسية إلا أن تل أبيب ما زالت تعرقل مثل هذه الجهود، وهنا بالتحديد تكمن مسؤولية الولايات المتحدة في ممارسة ضغوط من شأنها وحدها وقف هذا التصعيد الجنوني".
ونقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية عن مصدر دبلوماسي إشارته إلى "أنه اذا قرر "حزب الله" الرد بقوة على اغتيال (قائد وحدة الرضوان في الحزب ابراهيم) عقيل، فإن المنطقة قد تكون على موعد مع تصعيد واسع على جبهات متعددة"، لكنه أوضح "أن أي تصعيد كبير قد يجرّ المنطقة إلى تدخلات دولية سريعة لاحتواء الموقف، خصوصاً أن لبنان يعاني من وضع اقتصادي وسياسي هش، قد يتأثر بشدة من أي حرب طويلة الأمد".
(رصد "عروبة 22")