صحافة

"المشهد اليوم"... لبنان تحت النار و"سهام الشمال" تقتل وتُدمّر وتُهجّر!

يعيشُ لبنان في قلب الحرب بعدما تحول من جبهة إسناد لغزّة إلى ساحة رئيسيّة ارتكب فيها الاحتلال الاسرائيلي طوال يوم أمس، الاثنين، مجازر متنقّلة في جنوب لبنان وشرقه حصدت في حصيلة غير نهائية 492 شهيداً، بينهم 35 طفلاً وإصابة أكثر من 1600 آخرين. فيما شهدت البلدات والقرى المستهدفة عملية نزوح كبيرة أدت إلى حالة إزدحام علق فيها الهاربون لساعات طويلة في الطرقات.

وركزت الصحف العربية الصادرة اليوم على المخاوف من تدهور الأوضاع وسط حركة النزوح الكثيفة للمدنيين، بينما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن 42 مدرسة ومعهداً تقنياً، لاستخدامها كمراكز إيواء للنازحين من الجنوب. وفي حين تم تعليق التدريس في المدارس والثانويات والمعاهد اليوم، الثلاثاء، بعدما شنّ الاحتلال بشكل هيستري ومباغت عمليات استهدفت العّزل وقتلت عائلات بأكملها، اذ أعلن عن مهاجمة 1300 هدف تابع للحزب في جميع أنحاء لبنان، مشيراً إلى أنه نفذ أكثر من 650 طلعة هجومية خلال 24 ساعة.

وإذ لم تتضح بعد حجم الخسائر البشرية والمادية على حد سواء، توالت ردود الفعل العربيّة والدوليّة المستنكرة والمنددة بالهجوم الدموي، وسط دعوات لوقف التصعيد ومنع الدخول في أتون حرب إقليمية والعودة الى الحلول الدبلوماسيّة. وعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً في نيويورك أدانوا خلاله العدوان المتصاعد، أما فرنسا فدعت مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة. بدوره، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه من تصاعد المواجهات.

العراق أيضاً دخل على الخط عبر دعوة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لعقد "اجتماع طارئ" لرؤساء الوفود العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل العمل على "وقف سلوك إسرائيل الإجرامي" في لبنان. من جهته، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان "نحن نعلم أكثر من أي طرف آخر أنه إذا اندلعت حربٌ أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، فلن يكون ذلك في مصلحة أحد".

الولايات المتحدة الأميركية كررت على لسان أكثر من مسؤول سعيها إلى منع تدهور الأوضاع، مع تأكيدها على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. في وقت ذكرت عدة مصادر اعلامية بأن تل أبيب حصلت على الضوء الأخضر الأميركي للبدء بحملة "سهام الشمال" لتعذر الاتفاق الدبلوماسي في الوقت الراهن. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن واشنطن سترسل "عدداً محدوداً" من القوات الإضافية إلى الشرق الأوسط في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة، من دون أن تذكر تفاصيل إضافية.

وعلى خط الوساطات، وصل المبعثوت الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان لعقد سلسلة من اللقاءات. في حين يصل تباعاً موفودون دوليون من تركيا وقطر للبحث في سبل احتواء التصعيد.

الى ذلك، ردّ "حزب الله" بموجات من الهجمات الصاروخية استهدفت العمق الإسرائيلي من الجولان إلى حيفا وعكا والجليل وصولاً إلى مرج بن عامر. وأعلن في بيانات متتالية استهدافه بعشرات الصواريخ قاعدة ومطار رامات دافيد والمقر الاحتياطي للفيلق الشمالي وقاعدة تمركز احتياط فرقة الجليل في قاعدة عميعاد، كما قصف مجمعات الصناعات العسكرية لشركة رافائيل. وفي المجمل، تم رصد حوالي 210 صواريخ أطلقت من لبنان على إسرائيل يوم الإثنين، وفقا لما نقلته صحيفة "هآرتس" عن الجيش الإسرائيلي.

سياسياً، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن تل أبيب "على أعتاب أيام معقدة". وقال: "وعدت بأننا سنغير ميزان القوى في الشمال، وهذا بالضبط ما نفعله"، كما أكد أن إسرائيل "لا تنتظر التهديد بل تسبقه". بينما زعم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن إسرائيل تقوم "بهدم ما بناه حزب الله منذ 20 عاما".

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤولين إسرائيليين كبار تأكيدهم بأن الحملة العسكرية "لن تتوقف قبل عودة السكان إلى منازلهم وهذا سيستغرق بعض الوقت، وإسرائيل و "حزب الله" لم يظهرا بعد شيئاً من قدراتهما ونحن في حدث متدحرج".

هذا وقد نعت "كتائب القسام" القائد الميداني حسين النادر الذي اغتيل بغارة إسرائيلية على لبنان. في وقت أكد الحزب، بعد ساعات من تضارب المعلومات، أن قائد الجبهة الجنوبية علي كركي الذي استهدف بغارة محددة في الضاحية الجنوبية لبيروت "بخير وقد انتقل إلى مكان آمن".

في سياق متصل، تواصلت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة حيث ارتكب الاحتلال 3 مجازر ضد العائلات وصل منها للمستشفيات 24 شهيداً و60 مصاباً خلال الـ24 ساعة الماضية، على وقع تفاقم المعاناة الانسانية جراء الأمطار الغزيرة التي أغرقت خيم النازحين.

وفي جولة الصحف العربية الصادرة اليوم:

كتبت صحيفة "الأهرام" المصرية تحت عنوان "الشرق الأوسط فوق صفيح ساخن" بأن الأمور تتجه نحو مزيد من التصعيد وتوسع الصراع الإقليمي"، معتبرة "أن استمرار هذا العدوان غير المسبوق على غزّة هو ما يغذي بيئة الصراع والتصعيد في المنطقة، بظل توجهات اليمين الديني الإسرائيلي الحاكم الذي يسعى لإشعال الحرائق في المنطقة لاعتبارات سياسية داخلية، وتنفيذ مخططه في تصفية القضية الفلسطينية".

ورأت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "الإشكاليات التي تواجه "حزب الله" في الرد على هذا العدوان، لا تقتصر على العمليات الميدانية وحسب، بل تتجاوزها بمسافات، إلى البحث عن مشاركة الحلفاء في الساحات الأخرى من سوريا إلى العراق واليمن، وصولاً إلى الراعي الأساسي لمحور الممانعة إيران". وقالت: "الكلام المعلن أن لا أحد يرغب بحرب شاملة في المنطقة. ولكن المخفي من التفاهمات والصفقات يبقى أعظم.. وأكثر دماراً من الحرب المفتوحة ضد لبنان".

بدورها، تحدثت مصادر ديبلوماسية لصحيفة "الأنباء" الكويتية عن أن "باريس تعمل على خطين متوازيين، الأول عبر المسعى الدولي من خلال الأمم المتحدة. والثاني عبر موفدها إلى لبنان جان إيف لودريان الذي يصر على التحرك، على رغم إشارات سلبية تلقاها من أكثر من جهة لبنانية دعته إلى عدم الحضور إلى البلاد، لان الأرضية غير صالحة للبحث في اتفاقات داخلية في الظروف الحالية".

وأشارت صحيفة "الإتحاد" الاماراتية الى أن "المواجهة الجارية في لبنان خلال الأيام الأخيرة شهدت تطورات ذات دلالات خطيرة تتعلق بمستقبل الحروب، وذلك باستحداث تطبيقات مستجدة للهجمات السيبرانية، فبدلاً من أن تنال هذه الهجمات أهدافاً محددة تتعلق بقدرات الجانب الآخر المادية، اتجهت هذه المرة إلى القوام البشري لقوات الخصم، مشيرةً بذلك إلى الآفاق الخطيرة لما يمكن أن تصل إليها الحرب السيبرانية".

ووفق صحيفة "الصباح" العراقية، فإن "توسيع الحرب لن يبقيها محصورة بالجنوب اللبناني، بل سيحرّك باقي الساحات المتضامنة خصوصاً تلك التي فيها سلاح ما يعرف بمحور المقاومة المتعدد الجنسية، وفي هذه الحالة سيكون على واشنطن، الداعمة للكيان على الدوام، أن تدخل مواجهة مع مجموعات مسلحة ترى الصدام مع الجانب الأميركي ترسيخا لهويتها".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن