صحافة

"المشهد اليوم"... إسرائيل تستهدف "مالية حزب الله" وتقوّض فرص التسويةهوكشتاين وأبو الغيط في بيروت.. والتصريحات الإيرانية الاستفزازية تتوالى

إحدى الغارات الإسرائيليّة التي استهدفت فرع "القرض الحسن" في الضاحية الجنوبية لبيروت

ينقسم المشهد السياسي اليوم بين الجهود اللبنانية الحكومية مع أطراف عربية ودولية لوقف العدوان الاسرائيلي على لبنان والاستجابة لمطالب المجتمع الدولي بتطبيق القرار الدولي 1701 وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وإطلاق مسار المؤسسات الدستورية الرسمية بعد سنوات من الفراغ والترهل وبين العمليات العسكرية والمعارك المحتدمة في الميدان بين القوات الاسرائيليّة و"حزب الله".

ورغم أن الآمال المعقودة بشأن صفقة أو تسوية ديبلوماسية لا تزال ضئيلة، يزور الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين لبنان اليوم حاملاً معه مقترحات جديدة، سبق وأن أعلن عنها في مقابلات تلفزيونية وتقضي بإدخال تعديلات على القرار الدولي بما يضمن حماية أمن اسرائيل. إلا أن هذه التعديلات ستكون مدار خلاف ونقاش مستفيض خاصة بعد اعلان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، المفوّض من قبل "حزب الله"، بأن لبنان يتمسك بالقرار 1701، الذي يحظى بإجماع داخلي "دون أي زيادة أو نقصان".

وهذا التصريح يعكس عدم تجاوب "حزب الله" الفعلي رغم الضغوط الدولية الممارسة عليه لعدة اعتبارات، وأبرزها أنّ ايران، الراعي الرسمي للحزب، تريد أن يكون لها حصة في أي طاولة مفاوضات تُعقد، ومن هنا كان التصريح الاستفزازي الجديد لرئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف الذي قال فيه "إنّ إيران والمرشد هما ركيزة لبنان ومسؤوليه".

الى جانب عامل ثالث أشد أهمية وخطورة، وهو عدم رغبة أي طرف لبناني بكسر "حزب الله" داخلياً والدخول في أتون اقتتال داخلي خطير الأبعاد والدلالات، ومن هنا تأتي المحاولات اللبنانية للتوفيق بين المصلحة اللبنانية العليا ورغبات الخارج والمطالب التي تحفظ ماء وجه "حزب الله" كمكوّن لبناني.

وقبيل وصول الموفد الاميركي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، صعّد الاحتلال الاسرائيلي من عملياته العسكرية، بعدما أعلن أن مصالح "حزب الله" الاقتصادية وأذرعها المالية ستكون في مرمى صواريخه وغاراته في المرحلة الجديدة، التي يريد من خلالها، تجفيف منابع أموال الحزب وتدمير كل منشآته وبناه التحتية التي أقامها على مدار السنوات الماضية.

وعمد الاحتلال الى استهداف فروع "القرض الحسن"، المعروف بمصرف "حزب الله" أو مؤسسته المالية الأضخم، والتي تنتشر على طول الأراضي اللبنانية بما يفوق الـ31 فرعاً، حيث شنت غارات قوية ومكثفة شملت الضاحية الجنوبية لبيروت، الجنوب، البقاع الغربي والبقاع الشمالي. وقد جاءت هذه الغارات بعد اجتماع عقدته الحكومة الإسرائيلية المصغّرة للبحث في التصعيد ضد لبنان، رداً على العمليات التي ينفذها "حزب الله" وآخرها استهداف منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قيساريا، بالإضافة إلى البحث في الردّ على إيران.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت جدد التعهد "بإعادة سكّان الشمال إلى منازلهم آمنين"، قائلاً إن "حزب الله خائف من الانهيار في جنوب لبنان بسبب القوّة غير المعهودة الّتي نهاجمه بها..وقد نتحوّل من مرحلة الانتصار إلى مرحلة إبادة الحزب". وعلى وقع هذه التصريحات، كثّف الجيش الإسرائيلي من غاراته الجويّة على قرى وبلدات جنوبية حدودية حيث دمر أحياء بأكملها كما استهدف الجيش اللبناني وقتل 3 من عناصره، في استهداف هو السابع من نوعه منذ بدء العدوان على لبنان.

وشهدت محاور القتال اشتباكات عنيفة في وقت استمر "حزب الله" بإطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيليّة، معلناً، وفق بياناته، استهداف الكريوت وحيفا وصفد والجليل الأعلى والأوسط، حيث أمطرها بما يزيد عن 170 صاروخاً. وفي السياق عينه، قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" إن تقديرات للجيش الإسرائيلي تشير إلى أن 80% من المسيّرات التي تطلق على إسرائيل يتمّ اعتراضها، لكن 20% من تلك المسيّرات تخترق الدفاعات وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة.

ولليوم السادس عشر على التوالي، واصل الاحتلال حصاره المشدّد على شمال غزّة، خصوصاً مخيم جباليا ومحيطه، مرتكباً مجازر مروعة أودت بحياة مئات الفلسطينيين، بظل إنعدام كافة مقومات الحياة من غذاء وماء وإمدادات صحية وطبية.

وبينما يراقب العالم ارتفاع عداد الشهداء بشكل مطرد يومياً، تغتنم القوات الاسرائيلية الفرصة لتنفيذ أفظع مخطط تطهير عرقي وتهجير سكاني سعياً وراء تطبيق "خطة الجنرالات". بدورها، صعدّت الفصائل الفلسطينية من استهدافاتها والتي أدت الى مقتل قائد اللواء 401 العقيد إحسان دقسة وإصابة آخر بجروح خطيرة. ويعتبر دقسة القائد الأعلى رتبة في صفوف جيش الاحتلال، الذي يُقتل خلال العملية البرية، منذ بداية الحرب على القطاع.

بموازاة ذلك، أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن رئيس جهاز (الشاباك) رونين بار، زار القاهرة أمس، الأحد، والتقى المدير الجديد لجهاز المخابرات العامة المصرية حسن رشاد بهدف مناقشة سبل التوصل إلى صفقة جديدة بشأن الرهائن.

وفي سياق إنساني آخر، وصف خبراء أمميون الوضع في السودان بأنه "يشكل أكبر مجاعة في التاريخ الحديث"، مشيرين إلى أن نحو 97% من السكان يواجهون "مستويات خطيرة من الجوع".

وضمن الجولة على الصحف العربية الصادرة اليوم:

تطرقت صحيفة "الشروق" الجزائرية، في مقال، الى القرار الدولي 1701، معتبرة أن الاحتلال الاسرائيلي "يتعامل مع القرارات الأممية بمنطق انتقائي بناء على ما يخدم الأمن القومي الإسرائيلي أو ما يخدم أجندتها في المنطقة العربية". وتابعت: "هذا الكيان الغاصب لا يهمه من قرارات مجلس الأمن إلا ما يحقق له هذه الثنائية وما عداه من القرارات لا تمثل شيئا".

وعن زيارة المبعوث الاميركي، أكدت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "مهمة هوكشتاين لم تأتِ بناء لطلب الادارة الاميركية، وانما بطلب دول تهتم بالوضع في لبنان للتوصل إلى الاتفاق المطلوب وتنفيذه بالوقت ذاته"، لكنها رأت أن هذه الزيارة لن تحقق المراد منها "ليس بسبب تراخي واشنطن، بل لأنها تتزامن مع تدخل ايراني فاضح لاستمرار ربط مصير الحرب بين إسرائيل و"حزب لله" مع حرب غزّة".

وأفادت صحيفة "الخليج" الإماراتية أنه "ثمة محاولات حثيثة تجري من تحت الطاولة، من أجل تعديل مهمة "اليونيفيل"، وهناك أيضاً أصوات، حتى في الداخل اللبناني، تطالب بتطبيق القرار 1559 الذي يقضي بنزع سلاح كل التنظيمات المسلحة بما في ذلك "حزب الله". وأضافت: "لكن استفاقة الحزب السريعة وعودته إلى الميدان على ما يبدو، وضعت معركة "اليونيفيل" رهن الميدان العسكري وما يمكن أن يفرزه من نتائج".

وتناولت صحيفة "الرياض" السعودية التطورات في منطقة الشرق الأوسط وخاصة الحرب على قطاع غزّة، حيث قالت: "إن القضاء على المقاومة العابرة للحدود والتي تنفذ أجندتها بعيدًا عن الحق الفلسطيني تمر بمرحلة ضعف كبير، ولكن ذلك لا يعني أبدًا موت القضية الفلسطينية"، موضحة أن "الحل الوحيد يكمن في استثمار الاندفاع العربي لإعادة الإعمار والدعم الاقتصادي، لأن ثمن السلام في الشرق الأوسط بكل وضوح هو دولة فلسطينية".

ومن وجهة نظر صحيفة "الدستور" الأردنية فإن "حل الدولة الواحدة الذي تقترحه إيران قد يبدو ظاهرياً كطرح يضمن كرامة وسلامة الشعب الفلسطيني، ولكنه في الواقع يسلبهم حقهم"، مؤكدة أن "القضية الفلسطينية في الأجندة الإيرانية لم تكن يوماً سوى أداة لتحقيق المصالح، ولن تتوانى طهران في ظل الضغط الإسرائيلي والأمريكي عليها عن حرق كل ما يتعلق بفلسطين في سبيل تجنب ما تخططه إسرائيل وواشنطن لها".

وتحت عنوان "امريكا واسرائيل: من يملك قرار الحرب؟"، كتبت صحيفة "القدس العربي" أن "الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الشراكة في الإبادة الجماعية الجارية ضد الفلسطينيين، كما تتحمّل عواقب توسيع حكومة الاحتلال مجالات الصراع في الشرق الأوسط". لكنها أردفت "أن واشنطن، رغم هذه الشراكة الفظيعة مع إسرائيل، لا تملك قرار الدفاع "عما تمليه عليه مصالحها"، أو أن "ما تمليه مصالح إسرائيل" حسب رؤية نتنياهو وشركاءه بن غفير وسموتريتش".

وفي اطار مشابه، أشارت صحيفة "الأهرام" المصرية الى أن "إسرائيل باغتيالاتها الأخيرة قد قضت على جميع من كان بيدهم أمر إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين،"، مشددة على أن "اغتيال (رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يحيى) السنوار سيكشف المخطط الحقيقي لنيتانياهو في غزّة، والذي صوره كذباً على أنه القضاء على "حماس"، بينما الهدف الحقيقي هو تطهير غزّة من سكانها تحقيقا لأطماع لدى إسرائيل في الأرض ذاتها".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن