صحافة

"المشهد اليوم"...نعيم قاسم أمينًا عامًا لـ"حزب الله" ومجازر الإحتلال تتوالىتصعيد ناري يسابق جولات المفاوضات والهدن "الجزئية" و"حماس" توافق على مقترحات جديدة

من المجزرة الدامية التي إرتكبها العدو الاسرائيلي على حارة صيدا جنوب لبنان (أ.ف.ب)

يتعمّد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع العثرات والعراقيل أمام مقترحات التسوية في غزّة ولبنان، في وقت تسابق مجازر الاحتلال الوحشية وصور الدمار والخراب الآتية من مخيم جباليا ومحيطه شمال قطاع غزّة الى حارة صيدا والصرفند في جنوب لبنان وغيرها من البلدات البقاعية، الجهود والمساعي الديبلوماسية التي تحاول الضغط من أجل وقف حمام الدم "ولو جزئياً" عبر هدن قصيرة، تمهد الطريق أمام خطة عمل مستقبلية تأخذ في عين الاعتبار مطامع ومخاوف اسرائيل على حد سواء.

وتتوالى صيغ المقترحات المتداولة وسط محاولات حثيثة تقودها الولايات المتحدة الأميركية بشخص رئيسها جو بايدن الذي يسعى لتحقيق مكاسب، في حال نجاح ضغوطه على اسرائيل، ومن بينها اطلاق سراح رهائن محتجزين لدى "حماس" من حملة الجنسية الاميركية، كما شدّ عصب الناخبين الاميركيين بعد أقل من أسبوع على انتخابات رئاسية مفصيلة تجري وسط حروب مشتعلة من اوكرانيا الى غزّة ولبنان وما بينهما من توترات في سوريا والعراق واليمن…

الا أن الوقائع الملموسة تشي بأن مسار المفاوضات لا يزال في بدايته رغم التسريبات الاعلامية وأن الشيطان يكمن في التفاصيل، مع مراوغة نتنياهو واصراره على استكمال مخططاته حتى النهاية دون أن يقيم اعتباراً أو وزناً لأحد، وهذا ما برز بعد قرار حظر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". وركزت الصحف العربية الصادرة اليوم على ما تعنيه هذه الخطوة البالغة التداعيات من تحدٍ مباشر لقرارات الأمم المتحدة وتأثيراتها على القضية الفلسطينية برمتها، إلى جانب التطرق للأوضاع في غزّة ولبنان.

وإزاء كل هذه المعطيات، برز  إعلان "حزب الله" تعيين الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً للحزب خلفاً لأمينه العام الراحل حسن نصرالله، الذي اغتيل بغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت قبل شهر. وفي حين لم يحدد البيان من سيتولى منصب نائب الأمين العام بعد شغوره، دلت هذه الخطوة على محاولات الحزب الايحاء بإستعادة زمام المبادرة وتنظيم نفسه واختيار شخصية سياسية أكثر من كونها حزبية في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها "حزب الله" ولبنان.

ويُعرف عن الأمين العام الجديد إلمامه بالتوازنات السياسية الداخلية في لبنان وهو الذي لعب دوراً مفصلياً فيها منذ دخول الحزب معترك العمل السياسي. وفي أول تعليق ايراني، اعتبر الرئيس مسعود بزشكيان أن تعيين نعيم قاسم "يعزز المقاومة". أما الجانب الاسرائيلي، فتوعّد بإغتياله حيث قال وزير الطاقة إيلي كوهين: "إن كل من يقف على رأس الحزب هدف للاغتيال".

ولم يحجب هذا التعيين "المتوقع" الأنظار عن التصعيد الناري والمجازر التي ارتكبها العدو في حارة صيدا والصرفند جنوب لبنان بعد يوم الأحد الدامي الذي أوقع عشرات الشهداء والجرحى في البقاع. وترافق هذا مع توجيه إنذار بالإخلاء إلى 16 بلدة جنوبية على وقع احتدام المعارك البريّة حيث تشهد القرى الجنوبية الحدودية إشبتاكات عنيفة وضارية يحاول فيها عناصر "حزب الله" صدّ أي توغل بري، ولاسيما عند أطراف بلدة الخيام ذات البعد الاستراتيجي الهام، مع تكبيد العدو خسائر بشرية، حيث بلغ عدد قتلاه (بحسب إعلامه) ما يفوق الـ33 جندياً منذ بداية العمليات البرية في بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر الحالي.

وفي جديد العمليات العسكرية، ما نشره جيش الإحتلال عن اعتقال قائد منطقة عيتا الشعب في "حزب الله" حسن عقيل جواد ومسلحين آخرين من قوة الرضوان. في المقابل، واصل "حزب الله" ضرب العمق الإسرائيلي برشقات صاروخية وإستهدف تجمعات للجنود في عدة مواقع. أما التطور الأبرز فتمثل بإعلان قوة الأمم المتحدة العاملة في لبنان (اليونيفيل) عن تعرضها لإعتداء. وذكرت في بيان: "أنه تم إطلاق صاروخ من شمال المقر العام لليونيفيل، على الأرجح من قبل "حزب الله" أو مجموعة تابعة له، وقد فتحنا تحقيقا في الحادث". 

وفيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيليّة أنّ مبعوثي الرئيس الأميركي جو بايدن، آموس هوكشتاين وبريت ماكغورك، سيزوران إسرائيل غداً، الخميس، في مسعى لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب في لبنان. أشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن "هناك إجماعًا بالمؤسسة الأمنية على استغلال الإنجازات العسكرية بجنوب لبنان وغزة للتوصل إلى اتفاقيات تنهي الحرب". 

وضمن هذا السياق، أعلنت قطر على لسان المتحدث بإسم خارجيتها "أنه تم تحقيق الكثير خلال جلسة المفاوضات التي عُقدت يوم الأحد الماضي"، مشدداً على أن "الهدف الاساسي يكمن باحتواء الصراع في غزة كما أن هناك خطوطاً متوازية للعمل على خفض التصعيد في لبنان". وقد تلقفت حركة "حماس" هذه البوادر "الإيجابية" لتعلن انفتاحها على مناقشة "أي اتفاق" يكفل وقفاّ نهائياً لإطلاق النار في قطاع غزّة وإنسحاب قوات الاحتلال منه بشكل كامل، وهو أمر لا يزال يرفضه نتنياهو الذي يتمسك بشروطه كمنطلق للبحث في أطر التسوية. 

بموازاة ذلك، ارتكب الجيش الاسرائيلي مجزرة جديدة تضاف الى جرائمه بعد استهداف مبنى سكني في مخيم بيت لاهيا ما أدى الى سقوط أكثر من 121 شهيداً، ربعهم من الاطفال، وسط مناشدات بإغاثة المصابين والجرحى وإنقاذ العالقين تحت الركام.

وضمن جولة اليوم على الصحف العربية:

حللت صحيفة "الدستور" الأردنية تداعيات حظر وكالة "الأونروا"، مؤكدة أن "قرار الكنيست هدفه شطب قضية اللاجئين، وشطب عنوان الأمم المتحدة ووكالتها، وإخراجها عن سياق العمل لشطب نصف الشعب الفلسطيني، نصف قضيته، واستثمار الوضع غير المستقر، بالحرب والجرائم والمجازر التي تقترفها قوات الاحتلال على كافة المستويات، وبكل الاتجاهات".

بدورها، رأت صحيفة "القدس العربي" ان "استهداف وكالة "الأونروا" يرتبط بخيار صهيوني قديم ومتأصل فحواه رفض مبدأ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وهذا كان ويظل ركيزة كبرى في أساس إنشاء الأونروا"، موضحة أن "إجراءات الكنيست تضع الولايات المتحدة في حرج مخالفة قوانين أمريكية سارية المفعول، تحظر شحن الأسلحة إلى دول تمنع إيصال المساعدات الإنسانية".

وتطرقت صحيفة "اليوم" السعودية إلى ما أسمته "التحيّز الأميركي الفاضح للعربدة الاسرائيلية والإبادة الممنهجة التي يتعرض لها شعب فلسطين الأعزل في غزة، بدعم أميركي بالسلاح والمواقف السياسية"، مشددة على أنه "موقف ينسحب ايضاً على القوة الغربية الأخرى، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الذين يعلنون كل يوم دعمهم المستمر لإسرائيل وتعهدهم بالدفاع عنها في حرب يسمونها دفاع مشروع عن النفس من خطر الأطفال والنساء".

ومن وجهة نظر، صحيفة "الجريدة" الكويتية فإن اسرائيل فشلت في "تحقيق غاياتها وأهدافها طوال 13 شهراً من الحرب على قطاع غزّة، وهو ما يزيد قناعتنا وإيماننا بأنها "أوهن من بيت العنكبوت"، وزوالها هيّن وقادم لا محالة، وهو وعد رباني، فلا يمكن لبيت عنكبوت أن يُرمّم ولو أعيد بناؤه وتسليحه ودعمه عشرات المرات".

وفي السياق نفسه، تحدثت صحيفة "الأهرام" المصرية عن "وجود توافق على خطورة التصعيد الذي تشهده المنطقة مؤخرا، لتأثير ذلك ليس على دول المنطقة فحسب، وإنما على المجتمع الدولي بأكمله"، مؤكدة أن "أمن أوروبا، والسلم العالمي بشكل عام، مرتبط جذريا بأمن واستقرار الشرق الأوسط، وهو ما لن يتحقق دون التوصل إلى تسوية سلمية للقضية الفلسطينية تستند إلى مبادئ الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".

ولفتت صحيفة "البلاد" البحرينية إلى أن "الكيان الإسرائيلي يعتقد جازمًا أن الفرصة متاحة الآن لإكمال اجتياح الجنوب اللبناني والسيطرة عليه كاملًا نتيجة الضعف العربي والدعم الأميركي الغربي لإسرائيل، في عالم أصبحت فيه السيطرة لقطب واحد مهيمن نتيجة التأييد وتفرج الآخرين"، لتخلص إلى أن "العرب عليهم التحرك لوقف الحروب في المنطقة، فالمواجهات الحالية تستدعي تعبئة وطنية في لبنان مع إعادة إحياء المؤسسات، وبناء الدولة على أسس صحيحة، سليمة، وثابتة".

من جهتها، نبهت صحيفة "اللواء" اللبنانية بأن الحرب المستمرة في لبنان "باتت متفلّتة من كل الضوابط ومفتوحة على كل الاحتمالات ما يعني أنها ستأخذ مع قابل الأيام المنحى التصعيدي بفعل انسداد أفق الحل الدبلوماسي". وأضافت: "ان انتهاء الانتخابات الرئاسية في أميركا لا يعني اقتراب معرفة الخيط الأبيض من الخيط الأسود على مستوى الحرب على لبنان، لأن الأمر يحتاج إلى بضعة أشهر، إلّا في حال طرأ شيء ما في الميدان فرض تغيير الواقع من حال الى حال".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن