صحافة

"المشهد اليوم"… انفتاح عربي على دمشق ومطاردة "فلول الأسد" مستمرّةشمال غزّة دون مرافق صحية واسرائيل تستعد لـ"توسيع الحرب"

من اللقاء الذي جمع أحمد الشرع ووزير الدولة الليبي للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي في دمشق (وكالات)

تتعقد ملفات المنطقة وتتشعب بظل الهنجية الاسرائيليّة التي تختلق الذرائع لتطيير مفاوضات التسوية في غزّة ريثما يستلم الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب، وتتعمد خرق الهدنة المُتفق عليها بشكل يومي في لبنان في وقت تبقي على وجودها العسكري في سوريا بعد تعزيزه كما تتوعد الحوثيين وتشن غارات عنيفة ضد مواقعهم ومراكزهم في اليمن بينما عينها على إيران،  التي تتحرك في كل الاتجاهات بعد الهزائم التي مُنيت بها في العام الحالي، والتي أسهمت بتحجيم نفوذها ودورها وتقليم أظافرها عبر استهداف ميليشياتها.

وإضافة إلى ضبابية المشهد، أو الأصح، سوداويته تغيب معايير الأمن والاستقرار في البلدان الاربعة السالفة الذكر ما من شأنه أن يؤثر على بقية الدول العربية، التي لا تزال في مرحلة تحديد المسار ورسم صورة عن ماهية المرحلة المقبلة، بعد التغيّرات الجسيمة التي طرأت على موازين القوى مؤخراً وأعادت خلط الأوراق، رغم أن اتضاح الصورة النهائية وتقييم التداعيات لا يزال مبكراً.

وعليه، لم يرشح أي جديد في ملفات المنطقة العالقة حيث أن الوضع على خطورته وغليانه في غزّة ولبنان واليمن مع استمرار الاعتداءات الاسرائيليّة. أما في سوريا، فتستمر اللقاءات الديبلوماسية وتقاطر الوفود العربية، حيث زارها أمس وفد رفيع من حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، الذي تحدث خلال لقائه مع القائد العام للإدارة السياسية الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، عن "بوادر إيجابية" للتعاون بين البلدين، مشيراً الى السعي لرفع مستوى العلاقات مع دمشق، وتعيين سفير بشكل دائم فيها.

كما استقبل الشرع وفداً بحرينياً ترأسه جهاز الأمن الاستراتيجي، الشيخ أحمد بن عبد العزيز آل خليفة، دون أن يتم نشر تفاصيل حول المحادثات التي عُقدت بين الطرفين. هذا وتضاربت المعلومات الصحافية عن زيارة يمكن أن يقوم بها وزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي إلى دمشق خلال الأيام المقبلة، خاصة أن موقف القاهرة من الأحداث السورية منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد لا يزال "غامضاً".

وفي السيّاق، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أنقرة ستستهل عام 2025 بخطوات جديدة لتعزيز أمن حدودها الجنوبية والقضاء على "التهديدات الإرهابية الخارجية"، سواء "حزب العمال الكردستاني" أو امتداده في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية التي تعد أكبر مكونات "قسد") أو "داعش". في وقت تواصلت الاشتباكات العنيفة بين فصائل "الجيش الوطني السوري" الموالي لتركيا، وقوات "قسد"، على محور سد تشرين في شرق حلب، بالقرب من بلدة عين العرب (كوباني) الحدودية مع تركيا.

الى ذلك، شدد وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونظيره الإيراني عباس عراقجي، خلال مشاوراتهما في بكين، على أن "الشرق الأوسط ملك لشعوبه، ويجب عدم التضحية بمصالح المنطقة بسبب تدخلات وأطماع الدول الأجنبية... ينبغي ألا يكون ضحية للتنافس الجيوسياسي والنزاعات بين دول تقع خارج المنطقة". وتُعد هذه أول زيارة يقوم بها عراقجي إلى بكين منذ تعيينه وزيراً لخارجية إيران في آب/أغسطس الماضي.

وتتوالى المأساة الانسانيّة في سوريا، حيث قال رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، إن عدد المعتقلين والمختفين قسراً في سوريا، بعد إفراغ السجون، يبلغ 112 ألفاً و414، مشدداً على ضرورة كشف مصير المختفين. في حين أعلنت إدارة العمليات العسكرية في سوريا، بدء استخدام طائرات مروحيات عسكرية في ملاحقة فلول النظام السوري المخلوع، في منطقة الساحل السوري، بالتزامن مع تسليم الجيش اللبناني 70 ضابطاً وعنصراً من قوات النظام المخلوع إلى الإدارة، عند معبر العريضة الحدودي الفاصل بين البلدين.

وفي الشأن اللبناني ايضاً، تستمر العربدة والهمجية الاسرائيليّة مع مواصلة الاحتلال خروقاته من دون أن يأبه لقرار الهدنة المُتفق عليه، حيث تركزت الاعتداءات خلال اليومين الماضيين في قضاءي مرجعيون وبنت جبيل بمحافظة النبطية وقضاء صور بمحافظة الجنوب، وشملت نسف منازل وحرقها وإطلاق نار من أسلحة رشاشة وتخريب وسرقة محتويات ميناء للصيادين بعدما أعاثت قوات العدو فيه خراباً هائلاً.

فلسطينياً، اتهمت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزّة، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتخريب صفقة التبادل، مطالبة الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب، بالضغط عليه لإنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق شامل. بالتوازي بحث رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع وفد من حركة "حماس" برئاسة خليل الحية مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزّة وسبل دفعها إلى الأمام بعد الاتهامات المتبادلة بين الطرفين والتي بددت الآمال بشأن تسوية قريبة.

ومع تعثر المفاوضات، تتواصل معاناة الشعب الفلسطيني من فقر وجوع وإبادة جماعية وتطهير عرقي مقصود. وفي هذا الإطار، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن مستشفى كمال عدوان "أصبح خالياً"، عقب عملية عسكرية إسرائيليّة أدت إلى خروج آخر مرفق صحي كبير في شمال القطاع عن الخدمة. وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي أقدمت على اعتقال مدير المستشفى حسام أبو صفية وعدد من الكوادر الطبية، بعد إحراق مبانٍ من المستشفى وإجبار الأطباء والممرضين والمرضى ومرافقيهم على إخلائه.

ورغم فداحة المشهد القادم من غزّة، هنّأ وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس جيشه على ما وصفه بأنه "النشاط الفعّال والناجح بنهاية الأسبوع في غزة ضد إرهابيي (حماس) و(الجهاد الإسلامي)". ويأتي ذلك في وقت أفاد موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي بأن رئيس الأركان هرتس هاليفي أمر بالاستعداد لتوسيع الحرب في غزّة وتعزيز القوات هناك، معللاً السبب بـ"توسيع القتال لزيادة الضغط العسكري على الفصائل الفلسطينية في مواقع إضافية".

أما الشأن اليمني، فأعلنت جماعة الحوثيين، أمس السبت، عن شن "التحالف الأميركي البريطاني" غارتين على محافظة حجة غربي اليمن. وكان الحوثيون تبنوا، في وقت سابق، استهداف قاعدة "نيفاتيم" الجوية في منطقة النقب جنوبي إسرائيل بصاروخ باليستي فرط صوتي "حقق هدفه بنجاح"، في حين ادعى الجيش الإسرائيلي اعتراض هذا الصاروخ خارج المجال الجوي للبلاد. وهذا يُشكل سادس هجوم صاروخي من نوعه للحوثيين على إسرائيل خلال أقل من أسبوعين.

وتضمنت عناوين الصحف العربية الصادرة اليوم الأوضاع السورية والفلسطينية على ضوء التطورات الأخيرة. وأبرز ما أوردته:

شددت صحيفة "القدس العربي" على أن "الزالزال السياسي (المقصود طوفان الأقصى) الذي ضرب المنطقة أفرز وسيفرز تحولات سياسية وتقلبات جذرية ستؤثر على القضية الفلسطينية، أما في الضفة الغربية فهي جوهر الصراع وميدانه، كيف لا يكون ذلك والاحتلال الذي يسيطر على ميدان الضفة يفعل كل ما يفعله فيها، وبأقصى سرعة، من أجل تكريس سياسة الحسم وجعل "الضم" أمرا واقعا ومقبولا سياسيا أيضا". وخلصت الى أن "عام 2024 تلخصه جملة "عام اللاحراك"، فرغم نمو عمليات المقاومة إلا أنها لم تلعب الدور المنوط بها في إسناد غزّة".

وتناولت صحيفة "الخليج" الإماراتية الجرائم الاسرائيليّة في قطاع غزّة التي "أصبحت أمراً معتاداً". وقالت: "وإن حققت حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة أهدافها في هذه الحرب الملعونة. فما جرى ويجري في غزّة ليس عملاً من أعمال الحرب، وإنما بشاعة وفظاعة لا يفعلها حتى الطغاة والمجانين، وتؤسس لمرحلة مظلمة من الأحقاد والصراعات التي تقودها عقائد سياسية موغلة في التطرف ولا تعرف غير القتل والإبادة وشطب الآخر من الوجود".

بدورها، رأت صحيفة "الشروق" الجزائرية أن "ما يحدث اليوم في غزّة ومواصلة العدوان على اليمن، يدل على أمر واحد: أننا نسير باتجاه عالم لا تَحكمه القوة وحدها إنما القوة المفرطة التي لا تعترف بأية حدود، وهذا في جميع المجالات، التكنولوجية والعسكرية والاقتصادية وغيرها"، مشيرة إلى أن "هذه مرحلة تُعتبر من أسوأ مراحل الهيمنة الغربية على الآخرين، لم يعد الغرب فيها يشك أن الهوة الكبيرة الفاصلة بينه وبقية العالم المتخلف اقتصاديا ما فتئت تزداد، بل أصبح شبه متأكد أنها لن تضيق أبدا في المدى المنظور".

واعتبرت صحيفة "الراية" القطرية أن "ما حدث في سوريا ليس جديدًا على التاريخ الإسلامي، بل يعيد إلى الأذهان نماذج مشرّفة من انتصارات المسلمين التي قامت على الرحمة والعدل". وتابعت: "إن أهم ما قدمته الثورة السورية هو التأكيد على أن الأخلاق والقيم ليست مجرّد شعارات، بل هي أساس أي تغيير حقيقي. إنها تؤكد على أن أي ثورة تفقد بوصلتها الأخلاقية، تتحوّل إلى مجرد صراع آخر بلا جدوى. وقضية المُسلمين هي القضاء على الاحتلال والاضطهاد، بإعداد القوة المُخلصة للعهد الإلهي بإصلاح الأرض وإعمارها".

من جهتها، ركزت صحيفة "البلاد" البحرينية على مخططات نتنياهو وسعيه نحو الوصول الى "شرق أوسط جديد"، حيث "يتباهى علنًا بسلمية مشروعه "الشرق أوسط وحالة الاستقرار الثابت التي ستنبثق عن ذلك المشروع، في منطقة لم يعرف تاريخها الحديث الاستقرار إلا في فترات قصيرة، ومتباعدة". وأضافت: "اسرائيل ذاتها هي أهم عامل يبرز واضحًا عند تشخيص الأسباب التي تقف وراء الحروب التي عرفتها المنطقة منذ نهاية الحرب الكونية الثانية في نهاية أربعينات القرن الماضي".

من وجهة نظر صحيفة "الدستور" الأردنية، فإن حسابات: "حماس" و "حزب الله" ونظام الأسد لم تكن واقعية، ولم تقدر قدرة المستعمرة وتفوقها، فكانت النتائج: تدمير غزّة على رؤوس أهلها، واغتيال قيادات حزب الله، وسقوط نظام الأسد وتغييره"، مستنتجة أن "الشعوب وأنظمتها، لم تكن قادرة على مواجهة التحديات والخروج من مأزق الحصارات المختلفة والحروب الإقليمية، وتبعات الاستعمار الإسرائيلي منذ عام 1948، وتدخلات البلاد المجاورة في مسامات الشعوب العربية: تركيا وإيران وأثيوبيا، كل بطريقتها ومصالحها".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن