صحافة

"المشهد اليوم"..بدء "ماراثون التأليف" وهواجس من تعطيل زخم "التكليف"عدّ عكسي لاعلان إتفاق غزّة وخطة "اليوم التالي" في عهدة ترامب

من اللقاء الذي جمع الرئيسين جوزاف عون ونبيه بري مع الرئيس المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (النهار)

يبدأ لبنان اليوم "ماراثون" تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة بعد التكليف الذي شكل "مفاجأة مدوية" وعكس تغيّرًا في المشهد اللبناني الذي أتى ليلاقي التطورات الدولية والإقليمية بملفاتها المتداخلة والمتشابكة، من المشهد السوري الى مستجدات مفاوضات غزّة، التي يُتوقع أن تشهد نهاية "إيجابية" بعد أشهر طويلة من القتل والمجازر والتطهير العرقي.

محاور عديدة ركزت عليها الكلمة الأولى للرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام، بعد التكليف رسمياً، ومنها بسط سلطة الدولة اللبنانيّة على كامل أراضيها وتطبيق القرار 1701، وضع برنامج متكامل لبناء إقتصاد منتج، إعادة إعمار ما خلفته الحرب الاسرائيليّة الأخيرة، تحقيق العدالة لضحايا انفجار المرفأ وإنصاف المودعين الذين خسروا أموالهم. هذه العناوين التي تتقاطع معظمها مع ما ورد في "خطاب القسم" الذي ألقاه رئيس الجمهورية جوزاف عون يمكن أن تشكل اندفاعة قوية وتترجم أفعالاً في حال سهلت الكتل النيابية والاحزاب السياسية من خلفها عملية التشكيل وأزاحت العقبات التي يمكن أن تضعها في وجه الرئيس المكلف الذي دعا الى استشارات نيابية غير ملزمة على مدى يومين متتالين، اليوم وغداً الخميس، في مبنى مجلس النواب.

أما سياسة "اليد الممدودة" والحديث عن "الشراكة" التي تعهدت بها كلمة الرئيس المكلف، فقد جاءت لامتصاص "الغضب الشيعي" وطمأنة الثنائي الشيعي، لا سيما بعدما تحدث "حزب الله" عن "الإلغاء" و"الإقصاء" إثر تكليف سلام، وما يتردد عن رفض الثنائي الشيعي المشاركة في الحكومة ما يعني تعطيل عملها بسيناريو أشبه بما حصل مع رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة بين عامي 2006 - 2008 أو تعطيل تشكيل الحكومة نفسها بحجة عدم "ميثاقيتها" ما يعني تلقائياً بقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

هذا التعطيل، إن تم، سيؤخر البت بقضايا وملفات عالقة وعلى رأسها إعادة الاعمار التي تنتظر خطة متكاملة من حكومة تحظى بالثقة الخارجية لتوفير الأموال اللازمة بالاتفاق مع البنك الدولي الذي يطالب منذ العام 2020 بإدخال إصلاحات جوهرية لم تلق أذاناً صاغية حتى اليوم. وجوهر الكلام عينه عبّر عنه الرئيس عون خلال لقائه نائب رئيس المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى الشيخ علي الخطيب حين شدّد على "وجوب عدم وضع أي عراقيل في وجه تشكيل الحكومة لأنّه يجب استغلال هذه الفرص وإرسال رسائل إيجابيّة إلى الخارج، بأن لبنان قادر على أن يحكم نفسه وعلى تنفيذ إعادة الاعمار بشفافية وعلى بناء دولة ننادي بها جميعًا".

بالتزامن مع الحراك الداخلي، يستمر الزخم الدبلوماسي الخارجي حيث يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان في 17 كانون الثاني/ يناير الجاري. وذكرت الرئاسة الفرنسيّة، في بيان، "من خلال هذه الزيارة، يرغب رئيس الدولة الفرنسيّ في التأكيد على التزام فرنسا الثابت بدعم لبنان وسيادته ووحدة أراضيه".

وعلى وقع التطورات الداخلية برز تحذير إسرائيلي جديد على لسان سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون الذي اعتبر أنّ "حزب الله لا يزال يشكل تهديدًا خطيرًا لإسرائيل واستقرار المنطقة"، مشيرًا إلى أن "الحزب يسعى لإعادة بناء قوته بدعم من إيران". فيما تستمر الخروقات الاسرائيليّة جنوباً بشكل يومي، وآخرها التوغل في بلدة عيترون وحرق وتفجير مباني سكنية في منطقتي المفيلحة ورأس الظهر غرب بلدة ميس الجبل كما في عيتا الشعب.

فلسطينياً، تستعد إسرائيل و"حماس" لإعلان اتفاق مرتقب على وقف إطلاق النار في غزّة وتبادل الأسرى. وضمن هذا الإطار، قالت القناة 12 "إنه لم يتم الاتفاق بعد بين الطرفين، على ترتيب مراحل تنفيذ الصفقة، باستثناء الأيام السبعة الأولى، مع توقعها أن يتم توقيع الاتفاق خلال الساعات القليلة المقبلة، أو في غضون يومين كحد أقصى". وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، استبق النتائج الاخيرة، بعقد لقاء مع عائلات الأسرى الذين طالبوا بإبرام اتفاق، يضمن الإفراج عن كافة الأسرى المحتجزين، وبجدول زمني واضح ومحدد لذلك.

من جهته، رمى وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الكرة في ملعب "حماس" حين أكد أن الأمر يتوقّف عليها لإبرام الصفقة، كاشفاً عن أن إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، ستسلم لفريق الرئيس المُنتخب دونالد ترامب، خطة لإدارة قطاع غزّة بعد الحرب، بما في ذلك تفاصيل عن قوة أمنية مؤقتة، تضم قوات دولية وفلسطينيين. وكان الناطق باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أعلن، الثلاثاء، الوصول إلى المراحل النهائية، قائلاً: "بلغنا أقرب نقطة للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار"، مؤكداً أنه "تم تسليم صيغة الاتفاق للجانبين وهناك تذليل للعقبات ومؤشرات إيجابية". لكنه أشار في المقابل، إلى أن "الحديث عن إدارة غزّة مبكر، ونحن منفتحون على أفكار لإدارة المرحلة الانتقاليّة، بقرار فلسطيني".

وبظل إستمرار حرب الإبادة في قطاع غزّة، استشهد 6 فلسطينيين، وأصيب آخرون، بينهم أطفال، في قصف إسرائيلي استهدف موقعاً في مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة. وجاء ذلك، بالتزامن، مع مواصلة الحملة الأمنية التي تشنها أجهزة الأمن الفلسطينية في المخيم. بموازاة ذلك، أعلن الحوثيون، أمس، تنفيذ هجومين على أهداف في تل أبيب بعدد من الطائرات المُسيّرة وإيلات في الجنوب بصاروخ كروز، متعهدين بمواصلة الهجمات على إسرائيل إلى أن "يتوقف العدوان على غزّة ورفع الحصار عنها".

وفي الشق السوري، حمّل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الرئيس المخلوع بشار الأسد، المسؤولية عن تدهور الوضع وانهيار نظامه السابق في سوريا. وقال إن "عدم رغبته في تغيير أي شيء وتقاسم السلطة مع المعارضة كان من أهم أسباب انهياره". وأضاف أنه "على مدار السنوات العشر الماضية ورغم المساعدة التي برزت من جانب الدول العربية، أبدت السلطات في دمشق مماطلة في العملية السياسية ورغبة في إبقاء الوضع على ما هو عليه". ويأتي كلام لافروف بعد سنوات من التدخل الروسي والايراني في سوريا والذي ساهم في وأد الانتفاضة الشعبية لصالح بقاء الأسد في الحكم "ولو بأثمان باهظة".

وتمحورت عناوين الصحف العربية حول اتفاق غزّة ومستجدات الوضع السياسي اللبناني، حيث ضمن جولة اليوم نرصد:

أشارت صحيفة "العرب" القطرية إلى أن "الخبر المنتظر بإعلان نجاح مفاوضات الدوحة في التوصل لاتفاق بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي، سيكون تتويجاً لثمرة جهود دبلوماسية قطرية طويلة الأمد مع شركائها الدوليين من أجل تخفيف معاناة المدنيين وتحقيق الاستقرار في المنطقة"، مشددة على أن "النجاح المرتقب لهذه المفاوضات سيكون إنجازاً  كبيراً ليس فقط للمنطقة، بل للعالم بأسره، حيث يوضح أن الحوار والدبلوماسية يمكن- بل يجب- أن يتفوقا على العنف والقوة".

وعلّقت صحيفة "الدستور" الأردنية على مجريات الاتفاق بالقول: "هذه الحرب دون غيرها من الحروب، لا يوجد فيها معيار للانتصار، ولا تكافؤ بين المتحاربين، ولم يحقق أحد أهدافه التي أعلنها، وبالتالي لا يوجد فيها أي طرف منتصر، الجميع سيخرجون خاسرين". وأضافت "يجب أن تتوقف هذه الحرب بأي شكل، وبأي ثمن، ثم أن نستدرك أثمانها السياسية القادمة التي قد تكون أبشع منها، لكن، الخشية أنها لن تتوقف، حتى وإن تم الاتفاق على الهدنة، لأن كل طرف فيها لا يعترف بالخسارة، أو بنصيبه منها، ، وما زال يصر على الانتصار الكامل".

في السياق عينه، أوضحت صحيفة "القدس العربي" أن "العمل جارٍ على إتمام الصفقة قبل وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب إلى الرئاسة، وما يعنيه ذلك من انتظار طرحه لطبعة جديدة ومزيدة من "صفقة القرن". وأردفت: "في هذا الوقت من شأن إتمام الصفقة وضع حكومة نتنياهو أمام كباش جديد في الداخل الإسرائيلي، بين المزايدين عليه من على يمينه، ومن المنتقدين له من على يساره بأنه كان بإمكانه توفير أشهر من القتال طويلة، من خلال التوصل إلى صيغة الصفقة نفسها".

من جهتها، ذكرت صحيفة "الأهرام" المصرية أن "اسرائيل تنتظر دعماً بلا حدود لخططها التوسعية في غزة والضفة وفي المنطقة بأشملها، بصورة تفوق ما حظيت به في عهد بايدن، بالرغم من مطالبة خبراء استراتيجيين ترامب بوقف تأييده المطلق لسياسات نيتانياهو على غرار ما شهدته ولايته الأولى". وقالت: "نيتانياهو جاهز لأي تقلبات من ناحية ترامب...وهو أيضاً لا يعدم الأدوات الأساسية لتعزيز سلطته، بإظهار أنه يتعرض لضغوط أمريكية دائمة، ما يعزز من وضعه داخل المعسكر اليميني المتطرف وبين ناخبيه".

وفي الملف اللبناني، رأت صحيفة "الراي" الكويتية أن "الصفعة السياسية" التي تلقّاها الثنائي الشيعي تؤشر واقعياً إلى أنه لم يَعُد "نقطة الجاذبية" في الوضع اللبناني وأن ما كان ممكناً تحقيقه سابقاً فقط بـ "وهج السلاح" الذي يحدّد الاتجاهات لمختلف الاستحقاقات طُوي مع المتغيّرات"، معتبرة أن الحزبَ اليوم يبدو "عالقاً بين مطرقة حربٍ لم تنتهِ وسندان عدم قدرة على الوقوف في وجه موجة عاتية داخلية وخارجية تدفع نحو تغييرٍ جذري على مستوى الإصلاحات المالية والاقتصادية واستعادة السيادة وحصر السلاح بيد الدولة".

وتحت عنوان "التعاون للإنقاذ أم البقاء بين الإنقاض؟"، كتبت صحيفة "اللواء" اللبنانية "ما أن بدأ اللبنانيون يتنفسون الصعداء، إرتياحاً لإطلالة خيوط فجر جديد، حتى عادت غمامات الحذر والقلق تخيّم على الأجواء السياسية، بسبب ما يعتبر "هواجس" الثنائي الشيعي من المتغيرات السريعة لبنانياً وإقليمياً، وإنعكاساتها على مراكز القوى الداخلية، وعلى توازنات المعادلة الوطنية"، منبهة أن "بلد الأزمات أمام مفترق حاسم: إما التجاوب مع الأيدي الممدودة لإنتشالنا من جحيم الإنهيارات والتعاون للإنقاذ، وإما البقاء بين الأنقاض والركام الإقتصادي والآفاق المسدودة أمام الحلول المطلوبة".

بدورها، لفتت صحيفة "عكاظ" السعودية الى أن "المملكة بواقعيتها وبالنظر إلى خلفية الواقع السوري وحاجته، كانت على دراية بأن مساندتها للسوريين لا تقف فقط عند مساعدة إنسانية مؤقتة، بل يُراد لها أن تكون انطلاقة لواقع جديد لهذه البلاد"، مؤكدة أن اجتماع الرياض "لم يكن مجرد تجمع دبلوماسي، بل منصة حقيقية لإعادة رسم ملامح المستقبل السوري، حيث تمّت مناقشة ملفات حيوية كما خرج الاجتماع بتوصيات تضمنت دعوة دولية عاجلة لرفع العقوبات الاقتصادية التي ترهق كاهل السوريين، إلى جانب حشد الموارد لدعم جهود الإغاثة وإعادة الإعمار".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن