فلسطين... القضية والبوصلة

"إبعادُ الأسرى"... عقابٌ جماعي مستمر منذ 1967!

فلسطين - فادي داود

المشاركة

لا يتردَّدُ الاحتلالُ في استخدامِ أيّ وسيلةٍ للتنكيلِ بالفلسطيني وفرضِ العقابِ عليه، فالأسيرُ على سبيلِ المثال تبدأ دائرةُ التّنكيلِ والعقابِ به من لحظةِ الاعتقالِ مرورًا بفترةِ السّجن حتّى الإفراج عنه أو تحرّره، ولا يكتفي بذلكَ فقط، بلْ يعاقبُه بعد التحرّر أيضًا!. ففي المرحلة الأولى من صفقةِ تبادُل الأسرَى، اشترطت سلطات الاحتلال إبعادَ عددٍ من الأسرى خارج فلسطين، في خطوةٍ تتعمّد قهر الأسير وذَويه والمجتمعِ الفلسطيني ككُلّ.

ذكَرَ مكتبُ إعلامِ الأسرَى في قطاع غزَّة أنَّ قائمةَ الأسرَى الذين سيتمُّ إبعادُهم إلى غزَّة والخارج تشمل 189 أسيرًا، بالإضافة إلى 47 من محرَّري صفقة "وفاء الأحرار" (2011)، ليكونَ المجموعُ الكلّي 236 أسيرًا، من أصل 1737 أسيرًا سيتمّ الإفراجُ عنهم خلال المرحلةِ الأولى من الصفقة.

ومن بين الأسرى الذين يواجِهون خطرَ الإبعاد خارج فلسطين، "عميدُ الأسرى الفلسطينيّين" نائل البرغوثي الذي دخل عامَه الـ45 في سُجونِ الاحتلال، وهو من محرَّرِي الصفقة السابقة "وفاء الأحرار"، حيث يرفضُ وترفضُ زوجتُه إيمان نافع بشكلٍ قاطعٍ الإبعاد، لما يترتَّب عليه من عقابٍ له وعقابٍ جماعي للأسْرة وتشتيتِ شَمْلِ العائلة.

يلفت النّاشطُ والأسيرُ السّابقُ عمر عسّاف، في حديث لمنصة "عروبة 22"، إلى أنّ "سياسةَ إبعادِ الأسرى والنّشطاء والمناضِلين لم تبدأ في السنواتِ الأخيرة، بل هي سياسة مستمرة منذ عام 1967 تُمثِّل عقابًا للشعب الفلسطيني وتتعارَضُ مع القانون الدّولي".

ويوضح عسّاف أنَّ "سلطاتِ الاحتلال أصدرَت بحقِّه ومجموعةٍ من الأسرى قرارًا بالإبعادِ خارجَ فلسطين عندما كان أسيرًا عام 1991، ولم يُنَفَّذْ القرار حينها بسببِ الضُّغوطِ السياسيّة، لذلك يجبُ اليوم ممارسةُ الضغط على الاحتلال لوقفِ هذه السياسة التي يُعَاقَبُ من خلالِها الشعبُ الفلسطيني وتُشتَّتُ عائلاتُه داخل وخارج الوطن".

ويؤكّد عسّاف أنّه، على الرَّغم مِن لجوء الاحتلالِ لهذه السّياسةِ منذ سنواتٍ طويلة، "إلَّا أنّه ثَبُتَ أنَّها لم تُضْعِفْ المقاومةَ ولم تمنعْ المناضلين من القيامِ بدورِهم النِّضالي حتَّى في خارج فلسطين، وخيرُ دليلٍ على ذلك نائب رئيسِ المكتبِ السِّياسي لحركةِ "حماس" الشهيد صالح العاروري الذي اغتالَه الاحتلال في بيروت خلالَ الحرب الأخيرة، كما أنَّ مبعدي "مرجِ الزّهور" استطاعوا إقامةَ علاقاتٍ واسعةٍ مع العالم".

ويضيفُ: "عندما يجد الأسيرُ نفسَه خارجَ السجن في بلدٍ آخر وليس في البلدِ الذي ناضَل من أجلِه، يتأثّرُ نفسيًّا واجتماعيًّا، لأنَّ الأمرَ هوَ بمثابةِ اقتلاعِ شجرةٍ من أرضِها الأصليّة".

"سكين على رقبة" الفلسطينيين

بدورِه، يقول النّاشط في مناصرَةِ الأسرَى، الأسيرُ المُفرجُ عنه، عبد الفتاح دولة لمنصة "عروبة 22": "الإبعاد الذي تنتهجُه حكومةُ الاحتلال مخالفٌ لنهجِ العودة وحقوقِ المواطَنة الفلسطينية، بوصفه يمسُّ أحدَ أهمِّ حقوقِ الشعبِ الفلسطيني في أرضِه ووطنه".

ويضيف: "على الصّعيد الإنسَاني يُفرَّقُ الإبعاد بيْن الأسيرِ وعائلتِه ويبعدُ المسافات بينهما، فيوضعُ في شروطِ حياةٍ مختلفة، بالإضافة الى القيودِ التي تُفرَضُ على الأسيرِ وصعوباتِ تنقّل العائلةِ للخارجِ والسَّفر، مما يُشكِّلُ حالةً مستمرة من الألمِ والحرمان مِن لمِّ الشّمْلِ"، غير أنه يلفت إلى أنّه عندما يُخَيَّر الأسيرُ بين السجنِ والإبعادِ، بالتَّأكيد سيختارُ الإبعادَ لأنَّه يعيش في السجن تحت ظروفٍ قاسية، ولأنَّ حرّيته أغلى من أيّ شيءٍ، ولأنّه في الأساسِ يُقاتِل من أجل حرّيته وحرّية شعبِه".

ويختم: "الإبعادَ ليس فقط عقابًا جماعيًّا للأسرى وعائلاتهم، بل هو بمثابةِ سكينٍ يضعها الاحتلال على رقبةِ كل الفلسطينيين لنحر قضيّتهم وحقّهم في العودة إلى أرضهم".

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن