صحافة

"المشهد اليوم"…الشرع رئيسًا انتقاليًا ويطالب روسيا بتسليم الأسد "الهدايا" الأميركية لاسرائيل تتضاعف وحظر "الأونروا" يدخل حيّز التنفيذ اليوم

أحمد الشرع ملقياً "خطاب النصر" في قصر الشعب بدمشق أمس (أ.ف.ب)

بعد مرور أكثر من شهر على الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد، تبدأ سوريا رسمياً مرحلة جديدة بعد اتخاذ سلسلة من القرارات الهادفة إلى طي "رواسب" النظام القديم بكل تفاصيله وحيثياته والبدء بتأسيس مرحلة "سوريا الجديدة" التي سيقودها أحمد الشرع بعد تنصيبه رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية. هذه الخطوة التي تفتح الباب أمام سجالات كثيرة خاصة أنها لم تحدد مدة المرحلة الانتقالية أو تتناول مؤتمر الحوار الوطني الذي وعد به الشرع، تترافق مع الضغوط الخارجية التي تُمارس على الإدارة الجديدة من باب العقوبات التي يتم ربطها بسلسلة "تنازلات" و"مطالب"، وأهمها القضاء على النفوذ الروسي.

هذا النفوذ الذي تعاظم في عهد الأسد وتمدّد في طول البلاد وعرضها، لاسيما خلال الحرب، شهد تراجعاً بعد سحب موسكو جيشها من خطوط المواجهة بعد سقوط حليفها بشار الأسد مع الابقاء على قاعدتيها العسكريتين، قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية. وتشكل هاتين القاعدتين أهمية جيوسياسية كبرى ومن هنا كانت زيارة الوفد الروسي أمس بعد "مغازلة" الرئيس فلاديمير بوتين الإدارة الجديدة ومحاولة فتح خطوط تواصل معها. إلا أن اللافت كان ما سُرب عن لقاء الوفد الروسي مع الشرع الذي طالب موسكو بتسليم الأسد وكبار مساعديه كما بدفع تعويضات بعد مشاركة موسكو في سنوات الحرب والمساهمة بإعادة الإعمار، وفق ما أوردته وكالة "رويترز".

وبالعودة الى التفاصيل الداخلية بعد تكليف الشرع تمثيل البلاد رسمياً، باشرت سوريا وضع مداميك جديدة مع إعلان حلّ جميع الفصائل العسكرية، وإلغاء العمل بدستور سنة 2012، وحل مجلس الشعب واللجان المنبثقة عنه، كما حزب "البعث" العربي الاشتراكي وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية. هذه القرارات أعقبت إلقاء الشرع "خطاب النصر" في قصر الشعب بدمشق، حيث حدّد خلاله أولويات سوريا في المرحلة الحالية "ملء فراغ السلطة، والحفاظ على السلم، وبناء مؤسسات الدولة والعمل على بنية اقتصادية". وضمن الانفتاح العربي المستمر، أشارت عدة مصادر صحافية أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيزور دمشق اليوم، الخميس، ليكون أول قائد عربي يصل سوريا بعد سقوط الأسد.

المشهد السوري الذي يحمل الكثير من الدلالات والمتغيرات يأتي على وقع السخونة في المنطقة العربية حيث تشهد صفقة غزّة تخوفاً من انهيارها فيما تستمر العملية العسكرية في الضفة الغربية ويوسع الاحتلال إطارها. وفي هذا السيّاق، توعد وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، خلال جولته العسكرية في مخيم جنين بأنه "لن يعود كما كان بعد إنهاء العملية العسكرية والجيش الإسرائيلي سيبقى في المخيم من أجل التأكد من أن الإرهاب لن يعود". وبينما يعيث الاحتلال الخراب والدمار ويعتقل العشرات، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد 10 أشخاص في قصف جوي إسرائيلي على بلدة طمون، جنوب شرق طوباس بشمال الضفة الغربية.

في غضون ذلك، يواصل آلاف النازحين العودة إلى وسط وشمال القطاع رغم غياب أدنى مقومات الحياة بعد تدمير الاحتلال كل المرافق الحيوية. فيما أفاد موقع "العربي الجديد" أن إسرائيل تلقت تعهدات أميركية بتعطيل إعادة إعمار مناطق شمالي القطاع، وترحيل عملية إدخال المنازل الجاهزة "الكرفانات" إلى مناطق الشمال المتاخمة للمستوطنات إلى مدى زمني أبعد، لحين التوافق على الخطط الأمنية التي من شأنها ضمان أمن المستوطنات المجاورة لغزّة.

وحذر مصدران مطلعان في حركة "حماس" من أن "مماطلة" إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة قد تؤثر على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك ما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. وتهدف المماطلة في ادخال المساعدات وابطاء عملية اعادة الاعمار لتضييق الخناق على الفلسطينيين ودفعهم للهجرة وهو ما يتماشى مع المخطط الذي يكرر الرئيس الاميركي دونالد ترامب الحديث عنه والقاضي بترحيل أهل غزة نحو الاردن ومصر ودول أخرى. وهو ما ترفضه هذه الدول حيث أظهر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني رفضاً قاطعاً للمقترح.

تزامناً، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس، مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف. وبحث الجانبان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة واستعادة الرهائن الإسرائيليين. وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن زيارة ويتكوف هدفت إلى دفع الاتفاق إلى الأمام، بما في ذلك ترتيب المحادثات التمهيدية للمفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية من الاتفاق التي يُفترض أن تبدأ في اليوم الـ16 من تنفيذ الاتفاق الحالي، أي الأسبوع المقبل.

ووفقاً لأخبار "القناة 13"، لدى واشنطن حزمة من الحوافز التي تأمل أن تقنع من خلالها نتنياهو بالحفاظ على وقف إطلاق النار، وتشمل الموافقة على تشريع لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية ودعم الإدارة المعلن لقرار إسرائيل بقطع العلاقات مع (الأونروا) وتحركات أخرى. وبحسب القناة عينها، فإن اقتراح ترامب القاضي بإخراج الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى، كان أيضاً جزءاً من حملة الحوافز.

وتجري اليوم حركة "حماس" عملية تبادل أسرى ثالثة مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي سيتم بموجبها إطلاق سراح 110 أسرى فلسطينيين، بينهم 30 قاصراً، مقابل 3 رهائن إسرائيليين، بالإضافة إلى 5 تايلانديين جرى احتجازهم في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. على أن يتم ايضاً اطلاق ثلاثة إسرائيليين آخرين، يوم السبت، في إطار اتفاق الهدنة مع حركة "حماس". بموازاة ذلك، تنتهي اليوم الخميس، المهلة التي حددتها اسرائيل لوكالة "الأونروا"، قبل دخول قرار حظر الوكالة الأممية حيّز التنفيذ في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما يشمل القدس، ما يعني حرمان عشرات آلاف اللاجئين من الخدمات الرئيسية بينها التعليم والرعاية الصحية.

في سياق متصل، واصلت إسرائيل خروقاتها واعتداءاتها رغم موافقة لبنان على تمديد مفاعيل اتفاق وقف النار الى 18 شباط/ فبراير الحالي، إذ نفّذ العدو غارات جوية في منطقة شمال الليطاني مستهدفاً محيط مدينة النبطية مجدداً، فيما حلَّقت المسيرات على علو منخفض فوق بيروت، على إيقاع تفجير المباني ونسف المنازل في القرى والبلدات الحدودية الجنوبية واعتقال لبنانيين حاولوا العودة إلى قراهم وبلداتهم.

وفيما لا تزال عدة بلدات حدودية تقع تحت سيطرة القوات الإسرائيلية في القطاعين الأوسط والغربي بإنتظار استكمال تحريرها. نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول عسكري إسرائيلي، قوله أنّ "الجيش الإسرائيلي يخطط لاستهداف مجمعات لـ"حزب الله" قريبة من بلدات الجليل". وفي إطار ذات صلّة، أظهرت مشاهد متداولة عناصر من الجيش اللبناني يتنقلون داخل منشأة تحت الأرض، وكذلك أظهرت شاحنات ومعدات ضخمة وغرفاً للعناصر ظهرت داخلها صور كبيرة لقيادات الحزب وقيادات إيرانية. وفي حين تجنب الجيش إصدار أي بيان بهذا الشأن، أشارت معلومات صحافية الى أن هذه المنشأة تقع بمنطقة بين بلداي جويا وعيتيت في قضاء صور.

الى ذلك، لا يزال تشكيل الحكومة اللبنانية في المربع الأول رغم كل الجهود الداخلية التي يبذلها الرئيس المكلّف نواف سلام بمتابعة حثيثة من رئيس الجمهورية جوزاف عون وسط مساعي لتذليل العثرات والعقبات التي تعترض عملية التأليف. وفي حين تتضارب المعلومات عن العقد، يجدد الرئيس المكلّف تحديد معايير الحكومة التي يريدها أن تواكب تطورات لبنان وحاجته كما المتغيرات الاقليمية والدولية.

وأولت الصحف العربية اهتماماً واسعاً لتداعيات حظر وكالة "الأونروا" كما للمشهد اللبناني المتأزم، حيث نرصد في جولة اليوم:

تحت عنوان "أنقذوا الأونروا"، كتبت صحيفة "الخليج" الإماراتية :"نحن أمام عدوان سافر على منظمة دولية من جانب دولة عضو فيها، ومن جانب دولة أخرى تعملان معاً خارج القانون الدولي والشرعية الدولية، وهو بالتالي عدوان صريح على الشعب الفلسطيني بهدف تجويعه ونزع الغطاء الإنساني الدولي عنه". وخلصت الى أنه "لا يمكن أن يكون مثل هذا القرار "حقاً سيادياً"، ولا بد للمجتمع الدولي من موقف يضع حداً لاستهتار إسرائيل بالقانون الدولي".

ونبهت صحيفة "الدستور" الأردنية من "أن حظر عمل "الأونروا" وتقويض عملها من شأنه أن يعرض الاستجابة الإنسانية الدولية للخطر، كما من شأنه أن يؤدي الانتقاص والحد من قدرة الهيئة الدولية ويجعلها عاجزة عن تقديم مساعدتها الإنسانية للاجئين الفلسطينيين"، لافتة الى أن قرار الحظر هذا "يشكل تصعيداً خطيراً وغير مفهوم، وغير مسبوق في تاريخ البشرية والإنسانية، وكل من آمن بالقانون الدولي الإنساني والمنظومة الأممية".

بدورها، علّقت صحيفة "الأهرام" المصرية على قرار ترامب بالقول "بدلاً من مخطط التهجير المشبوه على الولايات المتحدة أن تبلور رؤيتها المتكاملة لحل القضية على غرار معايير كلينتون المطروحة عام 2000، ثم تقوم بجمع الأطراف المعنية لبدء النقاش أو التفاوض على أساس هذه الرؤية حتى يتم التوصل إلى حلول وسط مقبولة من الجميع"، مشددة على أن "أي مقترحات سوف تطرحها الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى لا تلبي تطلعات الشعب الفلسطيني سوف يكون مصيرها الرفض".

وأكدت صحيفة "القدس العربي" أن "عملية "طوفان الأقصى" والحرب الهمجية الإسرائيلية على القطاع كانت إعلانا قاصما عن وصول مخطط ترامب لتجاهل القضية الفلسطينية، والأمل بإنجاز صفقة تطبيع كبرى تضم السعودية إلى طريق مسدود"، معتبرة أن "اختيار ترامب لنتنياهو ليكون أول مسؤول أجنبي يزور "البيت الأبيض" يشير إلى الأفضلية الكبرى التي تتمتع بها إسرائيل ونتنياهو شخصيا، الذي حظي، أكثر من مرة، بأشكال من الترحيب الهستيري في الكونغرس صعب أن يحظى بها رئيس أمريكي".

من جهة أخرى، رأت صحيفة "الراي" الكويتية أنه "لم يعد مبالغة توصيف أن بيروت تعيش أياماً بالغة الحساسية في ظل وقوعها بين "فكّي كماشة"، وضع هشّ مُرشح لتحديات إضافية على جبهة الجنوب خلال "الوقت الإضافي" للهدنة وبعده، ومحاولة من "حزب الله" لمنع أي ترجمة سياسية على مستوى الحكومة العتيدة "، موضحة أن الحزب يسعى "لجعل الملف الحكومي أحد علامات "عدم هزيمته"، من باب إحباط أي ترجمة سياسية للانتكاسة العسكرية التي تعرض لها كما لتقلٌّص النفوذ الإقليمي لإيران".

وضمن السيّاق نفسه، أشارت صحيفة "الجريدة" الكويتية الى أن "الرئيس المكلّف نواف سلام يواجه تحديات خارجية وداخلية معقّدة، فخارجياً، يدور الكلام عن ضغوط إقليمية ودولية لعدم السماح لـ"حزب الله" بأن يشارك في الحكومة الجديدة بنفس الطريقة التي سبقت دخوله حرب إسناد غزة". وأضافت "أما تحديات طريق التشكيل الداخلية، فتعود إلى الانقسامات السياسية القائمة بين القوى المختلفة، لا سيما في ظل الصراع بين الكتل النيابية والأحزاب على الحصص، وعلى آلية توزيع الحقائب وكيفية التمثيل".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن