كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تملك قطاع غزة وتهجير أهله من الفلسطينيين إلى مصر والأردن، وما أعقبه من تصريحات هستيرية لرئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتهجير القسري للشعب الفلسطيني من الضفة وغزة، ومن الأراضي العربية المحتلة عام 1948 وإقامة دولة فلسطينية في السعودية، يحمل نذور مرحلة صعبة من الإضطرابات وعدم الإستقرار، ليس في منطقة الشرق الأوسط وحسب، بل على مستوى تهديد السلم والأمن الدوليين في العالم قاطبة، لأن مثل هذه المواقف الرعناء تخرج عن كل قواعد ومبادئ السلم العالمي، الذي ساد في العقود الثمانية الأخيرة بعد حربين عالميتين مدمرتين.
وإذا أخذنا بعين الإعتبار الأزمات المتسارعة التي إفتعلها الرئيس الأميركي غداة دخوله البيت الأبيض، مع الإتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك وباناما، إضافة إلى حربه الإقتصادية المتصاعدة مع الصين، تظهر أمامنا حجم الأخطار المحدقة بالعالم، نتيجة سياسة الصلف والإستعلاء التي يمارسها ترامب مع الحلفاء والأعداء، دون أي إعتبار للأسس التي قام عليها النظام العالمي الحالي، والذي نجح في إبعاد شبح الحروب العالمية التي تهدد الحياة البشرية على كرة الأرضية، بعد إنتشار الأسلحة النووية الفتاكة.
ورغم أن كبار العاملين في البيت الأبيض والبنتاغون يعتقدون أن خطط ترامب بالنسبة لتهجير سكان غزة والضفة إلى مصر والأردن، وكلام نتنياهو عن دولة فلسطينية في الأراضي السعودية، غير قابلة للتنفيذ في الوقت الحاضر، وثمة معوقات وتحديات تجعل من الصعوبة تحقيقها مستقبلاً، فإن موجات من الغضب والإستنكار عمّت العالم العربي والإسلامي، إلى جانب مواقف مستغربة ورافضة من الحلفاء الأوروبيين، ودول العالم لمبدأ العودة إلى حروب الإبادة والترانسفير التي عرفها العالم في القرون الغابرة، لا سيّما حروب المستعمرين الأوروبيين الذين غزوا القارة الأميركية، وشنّوا حروب إبادة عنصرية ضد السكان الأصليين، والإستيلاء على أراضيهم.
تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين يتناقض مع كل مواقفه ووعوده السابقة في إعتماد حل الدولتين كمدخل أساسي، للوصول إلى الحل النهائي للصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، والتوصل إلى السلام الدائم بين العرب والدولة الصهيونية. وكلام نتنياهو عن السعودية، يكشف نوايا العدو الإسرائيلي الذي لا يحصر المعركة بدول المواجهة المجاورة للأراضي الفلسطينية المحتلة، بل تصل أطماعه إلى عمق الأراضي العربية.
ميدان المواجهة مع الطروحات الإسرائيلية سيكون في المحافل الديبلوماسية الدولية، خاصة بعد نجاح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في إنشاء تحالف دولي يتبنّى مشروع حل الدولتين، تم الإعلان عنه بعد المؤتمر العالمي الذي إنعقد في الرياض في تشرين الأول ــ أكتوبر الماضي وضم ممثلين عن ١٤٩ دولة عربية وإسلامية وأوروبية.
أما الحديث عن توسيع إتفاقات إبراهام والتطبيع مع السعودية، فلم يعد له من مبرر، في ظل هذه الطروحات الأميركية والإسرائيلية العدوانية ضد النظام الأمني العربي، والتي تشكل خطراً داهماً على السلم العالمي.
(اللواء اللبنانية)