صحافة

"المشهد اليوم"… ترامب يتراجع عن مخطط التهجير مع استئناف المفاوضاتالعرب يناقشون "خطة القاهرة" مع ويتكوف وطهران في مرمى "الضغوط القصوى" الأميركية

فلسطينيون يتدافعون للحصول على وجبة إفطار رمضاني من مطبخ خيري بعد وقف اسرائيل الكامل للمساعدات الانسانية وفرض الحصار (إ.ب.أ)

يجهد الوسطاء من أجل بلورة حلول لإعادة مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتصويب مسارها واستعادة زمام الأمور بعد التنصل الاسرائيلي الأخير من الالتزام بالاتفاق الذي وقع سابقاً ونقض بنوده وعدم الإيفاء بالتعهدات، والتي تجلت بوضوح مع عودة العمليات العسكرية، ولو بنطاق محدد، إلى القطاع المحاصر بعدما استخدمت تل أبيب ورقة المساعدات الإنسانية للمساومة وفرض شروطها مع تزايد معاناة الفلسطينيين جراء بدء نفاذ المواد الغذائية والمتطلبات الرئيسية إثر الحصار المُطبق الذي تنفذه قوات الاحتلال منذ اكثر من أسبوع.

ورغم المواقف الدولية والعربية المندّدة باستخدام التجويع، إلا ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يمضي بخططه الانتقامية دون أي رادع. في حين برز تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال لقائه رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن، حين تراجع عن مواقفه السابقة الخاصة بتهجير الفلسطينيين، إذ قال: "لن يطرد أحد أحداً من غزة"، فيما طالب مارتن بـ"وقف النار في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن وإدخال المساعدات". وسارعت حركة "حماس"، بدورها، إلى تلقف هذا الموقف الجديد ذات الأهمية في حال تبنيه رسمياً، داعية ترامب إلى "عدم الانسجام مع رؤية اليمين الصهيوني المتطرف".

بموازاة ذلك، أجرى وزراء خارجية السعودية ومصر وقطر والأردن ووزير الدولة بالخارجية الإماراتية وأمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية"، لقاءً في الدوحة، مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف لمناقشة تطورات الوضع فى قطاع غزة والمنطقة، واستعرضوا خلاله خطة إعادة الإعمار، التي تم إقرارها في القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة اوائل الشهر الحالي. وبحسب البيان المصري الصادر، أكد المجتمعون أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على "ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال".

ووصل ويتكوف إلى الدوحة، الثلاثاء، مع استئناف المحادثات بهدف تمديد الهدنة الهشة في غزة، ولقاء رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بحسب ما نشرته "تايمز أوف إسرائيل" أمس. في وقت أشارت "القناة 12" الإسرائيلية إلى ضغوط مكثفة يمارسها الوسطاء على "حماس" للقبول بالمقترح الداعي إلى الإفراج عن 10 رهائن محتجزين لديها مقابل هدنة لمدة 60 يوماً. وتحت الظروف الصعبة التي يمرّ بها أهالي القطاع والتضييق عليهم من كل حدب وصوب، من الممكن أن ترضخ الحركة وتبدي موافقة على ما بات يُعرف بـ"خطة ويتكوف" رغم أنها لا تزال تدفع نحو بدء مفاوضات المرحلة الثانية.

سورياً، لا تزال الأوضاع الأمنية المتشنجة تلقي بثقلها على المشهد العام بعد موجة العنف الأخيرة في الساحل الغربي، والتي دقت ناقوس الخطر وشكلت اول اختباراً حقيقياً للإدارة السورية الجديدة وجهودها للّم الشمل واستعادة السيطرة. ورغم محاولات الحزم والتشدد، لا تزال بعض الجهات الداخلية تسعى للخراب وترتكب التجاوزات وأخرها صباح اليوم، حيث قال مصدر في وزارة الدفاع السورية "إنه تم افشال هجوم مجموعة مسلحة من فلول النظام السابق حاولت مهاجمة ثكنة عسكرية في ريف اللاذقية على الساحل الغربي للبلاد وتم إلقاء القبض على عدد منهم".

بالتزامن مع ذلك، أعلنت الرئاسة السورية عن تشكيل مجلس الأمن القومي برئاسة الرئيس أحمد الشرع "انطلاقاً من المصلحة الوطنية العليا وحرصاً على تعزيز الأمن القومي والاستجابة للتحديات الأمنية والسياسية في المرحلة المقبلة"، بحسب ما أورده البيان الصادر. هذا وتستمر قوات الاحتلال بانتهاكاتها ومحاولتها فرض واقع عسكري وميداني جديد منذ سقوط نظام بشار الاسد، إلا ان اللافت كان تصدي أهالي قرية كويا في حوض اليرموك بنصب كمائن في محيط البلدة لمنع القوات الإسرائيلية من دخول الأراضي السورية وذلك بعد اقتحامها عدة مرات في وقت سابق واستجواب سكانها. إلى ذلك، أعلنت كندا تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، حيث ستسمح بإرسال الأموال عبر بعض البنوك السورية، بما في ذلك مصرف سوريا المركزي، وذلك لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية والمالية للمحتاجين، كما أشارت إلى تعيين سفيرتها في لبنان لتشغل أيضاً منصب السفيرة غير المقيمة لدى دمشق.

وإزاء تزايد الضغوط الاميركية على ايران مع اعتماد الرئيس ترامب سياسة "الضغوط القصوى"، تسلمت طهران أمس رسالة موجهة من الأخير إلى المرشد الإيراني علي خامنئي يقترح فيها محادثات بشأن الاتفاق النووي، مخيراً طهران بين الخيار العسكري أو اتفاق يمنعها من الاستحواذ على الأسلحة النووية. الرسالة التي سلّمها المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، كانت محط رفض من قبل الخامنئي الذي أعاد مواقفه السابقة، واصفاً عرض ترامب بالـ"خداع للرأي العام". واضاف "إيران لا تبحث عن الحرب، ولكن إذا أخطأ الأميركيون وحلفاؤهم، فسيكون الرد الإيراني حازماً وحتمياً، وأميركا ستكون الخاسر الأكبر".

وعُقد أمس اجتماع لمجلس الأمن الدولي، بناء على طلب عدد من أعضائه (الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، واليونان، وبنما، وكوريا الجنوبية)، وذلك لبحث تقرير أصدرته "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" واتهمت فيه طهران بأنها تسعى إلى زيادة احتياطاتها بطريقة "مقلقة للغاية". وقد دعت واشنطن إلى ادانة هذا السلوك الذي وصفته بـ"الوقح"، بينما لوحت بريطانيا بـ"إجراءات دبلوماسية لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وهذا يشمل استخدام آلية إعادة فرض العقوبات، إذا لزم الأمر"، وفق ما قاله نائب السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة جيمس كاريوكي.

وفي الأحداث الدولية، اجتمع وزراء دفاع خمس دول أوروبية كبرى في حلف الناتو أمس في باريس، بهدف بحث الضمانات الأمنية العسكرية التي تطالب بها أوكرانيا لضمان عدم الغزو الروسي مستقبلاً، بما في ذلك احتمال نشر قوات حفظ سلام في حال التوصل إلى اتفاق مع روسيا وذلك عقب الإعلان عن موافقة كييف على مقترح أميركي لهدنة تستمر 30 يوماً خلال المحادثات الرفيعة المستوى التي جرت برعاية سعودية. وبانتظار موقف روسيا الرسمي، تنشط الدول الأوروبية لضمان أمن القارة وزيادة التسلح وتعزيز التعاون بينها، بعدما دفعتها القرارات الاميركية الأخيرة إلى توحيد جهودها وزيادة التنسيق بين أعضائها لمواجهة التحديات المستقبلية.

هذا وتضغط موسكو عسكرياً في غرب روسيا، إذ توشك القوات الأوكرانية على خسارة المواقع التي حصلت عليها سابقاً في مقاطعة كورسك مع تزايد حدة المعارك وأسر عدد كبير من الجنود الأوكرانيين. وكان الرئيس فلاديمير بوتين تفقد، بزي عسكري، قواته في كورسك، داعياً الجنود إلى إكمال مهمة استعادة المنطقة برمتها بعد المكاسب الميدانية الأخيرة التي حققتها هذه القوات.

وتنوعت اهتمامات الصحف العربية الصادرة اليوم، بين زيادة الضغوط على ايران إلى الواقع السوري المحتدم وصولاً إلى تطورات المشهد اللبناني. وفي جولتنا الصباحية على ابرز العناوين والمقالات المنشورة نرصد:

أشارت صحيفة "الوطن" البحرينية إلى أن "إيران اليوم عند مفترق طرق خطير. فاستمرار نظام ولاية الفقيه في سياساته لن يؤدي فقط إلى تصعيد عسكري مع الولايات المتحدة، بل إلى انهيار اقتصادي واجتماعي داخلي"، مستنتجة أن "كل هذه التطورات تدل على أن إيران لم تعد قادرة على الموازنة بين قمع الداخل والتصعيد الخارجي، وهو ما يضع النظام أمام مرحلة مصيرية لا مجال فيها للمراوغة".

من جهتها، أفادت صحيفة "الجريدة" الكويتية بأن لبنان يشهد "اهتماماً أميركياً متجدداً، ظهر في اجتماع لجنة مراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلالة نائبة الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط ومواقفها التي أعلنت فيها إطلاق مجموعات عمل دبلوماسية للعمل على حل المشكلات بين لبنان وإسرائيل، بما في ذلك الانسحاب من النقاط الخمس وترسيم الحدود البرية وإطلاق سراح أسرى لبنانيين لدى إسرائيل"، متحدثة عن "رضا أميركي على أداء الجيش اللبناني في جنوب نهر الليطاني، حيث التزم بتلبية أكثر من 75٪؜ من مطالب اللجنة، لجهة مداهمة مواقع ومخازن لـ"حزب الله".

أما صحيفة "اللواء" اللبنانية، فأوضحت أن تطورات الاوضاع جنوبا أظهرت، بما لا يدع اي مجال للشك، بتنامي وحصرية دور الدولة اللبنانية، دون أي طرف آخر، بالتفاوض وبت الامور ديبلوماسيا او من خلال اللجنة الدولية لمراقبة وقف اطلاق النار، خلافا لما كان يجري مع "حزب الله" تحديدا في السابق"، معتبرة أن ذلك "يدل على تبدل في التعاطي الدولي مع هذه المسألة، والاصرار على اعتبار الدولة اللبنانية الجهة الوحيدة، بادارة التفاوض والبت فيه، دون اي طرف او جهة أخرى".

ورأت صحيفة "القدس العربي" أن "أحداث العنف الجارية في سوريا تمثل انفجارا فظيعا، إلى حدّ كبير، لتفاعل عوامل تراكمت خلال أكثر من نصف قرن من حكم طغيان الأسدين، الأب حافظ، والابن بشار، و14 عاما من الإجرام المهول ضد الثورة الشعبية السورية عام 2011"، مشددة على أن "السوريين يرغبون في دولة تمثّلهم وتضمّهم جميعا، ضمن نظام مدني ديمقراطي يعيد سوريا إلى سكّتها التاريخية العظيمة ويشرك الجميع في البناء ويوفر آليات الحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي وينهي "نظام الأبد" الأسدي إلى الأبد".

وكتبت صحيفة "الراية" القطرية "الاشتباكات التي اندلعت في الساحل السوري ليست مجرد اضطرابات أمنية بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة الجديدة على فرض سيادتها. فلول النظام السابق، المُدججون بعقود من الامتيازات والولاء الأعمى، لم يستوعبوا بعد أن التاريخ قد تجاوزهم، وأن سوريا اليوم لم تعد رهينة لطائفة أو زعيم، بل وطن لجميع السوريين". وأضافت "سوريا الجديدة لا تحتاج إلى تصفية حسابات، بل إلى حسم يُرسي قواعد القانون دون انزلاق إلى دُوامة الانتقام".

بدورها، أكدت صحيفة "الدستور" الأردنية أنه "لا يمكن استمرار جرائم الاحتلال دون مواجهة حقيقة وفاعلة من المجتمع الدولي ويجب التدخل من قبل المؤسسات الدولية ورفض كافة مظاهر التجويع والإبادة والتهجير وترهيب المواطنين كما يحدث في جنين وطولكرم"، مناشدة بضرورة "استجابة الاحتلال لكل مطالبات الدول والأوامر الاحترازية التي صدرت عن محكمة العدل الدولية بوقف انفلات إسرائيل كقوة احتلال من القانون الدولي وأية التزامات تفرضها اتفاقيات جنيف".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن