صحافة

‎أمريكا وإيران.. هل تحدث المعجزة؟

عماد الدين حسين

المشاركة
‎أمريكا وإيران.. هل تحدث المعجزة؟

هل تحدث المعجزة وتنتهي المفاوضات الأمريكية الإيرانية في سلطنة عمان إلى اتفاق، أم تفشل وتنفذ واشنطن تهديدها بتوجيه ضربة عسكرية مشتركة مع إسرائيل ضد إيران؟ أخشى ــ بغض النظر عن نوع الإجابة ــ أن يدفع العرب أو معظمهم الثمن لنجاح الاتفاق أو فشله.

‎يوم السبت الماضي التقى ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مسقط عاصمة سلطنة عمان، وقال البيت الأبيض إن المباحثات كانت إيجابية وإن الجانبين اتفقا على اللقاء مرة أخرى يوم السبت المقبل. نتذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد وجه إلى إيران تهديدا صريحا في 30 مارس الماضي بأنه إذا لم يتم التوصل لاتفاق خلال شهرين فمن المحتمل أن يتم قصفها، إضافة إلى إمكانية فرض المزيد من القيود والعقوبات الاقتصادية ضدها.

لكنه وكعادته المتأرجحة عاد يوم السبت وقال إن إيران يمكنها أن تكون سعيدة إذا أبرمت الاتفاق وأوقفت برنامجها النووي. كان كثيرون يعتقدون أن الرد الإيراني على هذا التهديد السافر هو الرفض لأي مفاوضات تحت التهديد، لكن المرشد الأعلى علي خامئني قال إننا نرفض التفاوض المباشر، وليس التفاوض من الأساس، والمؤكد أن ما يتم في مسقط هو تفاوض مباشر حتى لو كان يتم عبر الوسيط العماني، فإذا كانت أمريكا قد تفاوضت وجها لوجه مع حركة "حماس" التي تصنفها "إرهابية"، كما سبق لها التفاوض مع كوريا الشمالية فهل نستعجب إذا تم التفاوض المباشر مع إيران؟! المؤكد أن أسلوب ترامب صار واضحا وهي أنه لا يرفض الجلوس والتفاوض حتى مع أشد أعدائه ما دام ذلك قد يحقق له أهدافه.

‎السؤال: وما هي أهداف ترامب من التفاوض مع إيران؟ أولا تفكيك برنامج إيران النووي ومنع طهران من امتلاك القنبلة النووية بأي طريقة، ويتحقق ذلك ــ من وجهة نظر إدارة ترامب ــ عبر الوصول إلى اتفاق أفضل من الاتفاق الذي وقعه الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2015، وألغاه ترامب بمجرد فوزه في ولايته الأولى عام 2017. وكان ترامب يعتقد أن الاتفاق الملغى ضعيف ولم يشمل برنامج الصواريخ الإيرانية ودعم إيران للعديد من الأذرع السياسية والعسكرية في المنطقة خصوصا دعم حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبى في العراق، ونظام بشار الأسد في سوريا قبل سقوطه في 8 ديسمبر الماضي.

‎وهناك الآن هدف استراتيجي جديد هو محاولة إغراء إيران بوقف علاقتها مع الصين أو تجميدها أو تخفيضها في إطار المحاولات الأمريكية لحصار الصين. بطبيعة الحال فإن إسرائيل لا تفضل المفاوضات الأمريكية مع إيران وحاولت مرارا إقناع إدارة ترامب بسرعة مهاجمة إيران استغلالا لحالة ضعفها وفقدانها ورقة نظام الأسد وتراجع دور "حزب الله"، وتوجيه ضربات موجعة للحوثيين.

‎السؤال: إذا كان معروفا أهداف إسرائيل وأمريكا، فما هي أهداف إيران من هذه المفاوضات؟

‎مبدئيا تكرر إيران أنها لا تريد امتلاك قنبلة نووية طبقا لفتوى من خامئني، وهو كلام يصعب تصديقه سياسيا بالنظر إلى أنها زادت من نسب تخصيب اليورانيوم من 3% إلى 60% ردا على العقوبات الأمريكية ضدها. المؤكد أن إيران حتى لو وافقت على تجميد برنامجها فإنها تريد ثمنا لذلك؟ والمعتقد أنها تريد حوافز اقتصادية ورفع العقوبات الاقتصادية كلها أو بعضها مع استمرار برنامجها النووي السلمي، وضمان عدم المساس بما بقي من أذرعها في العراق واليمن، ومزيد من النفوذ في المنطقة، والأهم تعهد بوقف التحرش الإسرائيلي.

‎حدوث أي اتفاق تكسب من ورائه طهران لن يريح إسرائيل وبعض الدول العربية، وموافقة إيران على تفكيك برنامجها النووي طبقا للتصور الإسرائيلي يعني سقوط شرعية النظام الإيراني تماما، وبالتالي نسأل وماذا عن المصالح العربية. وما هو المفيد لنا، وهل هذه المفاوضات مجرد ستار لقصف إيران بعد نهاية موسم الحج أم تحدث المعجزة ويتوصل الطرفان إلى اتفاق شامل بحيث تتفرغ المنطقة للتنمية بدلا من الهيمنة لهذا الطرف أو ذاك؟

ظني أن كلا الاحتمالين ــ أي نجاح أو فشل الاتفاق ــ واردان بنفس النسبة، وإن كنت أتوقع أن تسعى إسرائيل إلى إفشال المفاوضات بكل الطرق الممكنة.

(الشروق المصرية)

يتم التصفح الآن