صحافة

"المشهد اليوم"…ترامب في المنطقة الشهر المقبل ومقترح هدنة في غزّةإسرائيل تواصل اغتيالاتها في لبنان وتتلقى تطمينات من واشنطن بشأن مباحثات إيران

من طوابير انتظار الفلسطينيين أمام نقطة توزيع طعام مجانية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (د.ب.أ)

تُكثر مقترحات الوسطاء وتتكثف المساعي لوقف الحرب على غزة، خاصة أن المعنيين بالملف يدركون أن افشال المفاوضات هو تكتيك استراتيجي يعتمده رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في اطار دفع الفلسطينيين الى اختيار "الهجرة الطوعية" بعد انعدام كل سُبل الحياة في القطاع وتشديد الحصار ومنع دخول المساعدات. وتتلاقى هذه الجهود مع محاولات تقوم بها حركة "حماس" لتحقيق خرق ما من خلال زيارة عواصم دول ممكن أن تملك القدرة على التأثير في هذا الملف، الا ان الجمود لا يزال سيد الموقف بانتظار ما سينتج عن زيارة الحركة الى مصر والتي، وفق مصادر اعلامية، تسعى لبحث "أفكار جديدة" للتهدئة.

وهذه الافكار تقوم على مطالب واضحة أهمها الانسحاب الاسرائيلي الكامل من القطاع وادخال المساعدات وفق البروتوكول الانساني ووقف الحرب مقابل تسهيلات تتعهد الحركة بتقديمها، لاسيما في ما يتعلق بعدم حكم غزة وتسليم الامر لأي كيان فلسطيني يُتفق عليه "على المستويين الوطني والإقليمي" مقابل ابرام هدنة مطوّلة من شأنها أن تنهي الحرب على غزة. وفي هذا الاطار، قال مصدران لـ"رويترز" إن وفد "حماس" سيناقش عرضًا جديدًا يتضمن هدنة لمدة تتراوح بين 5 و7 سنوات بعد إطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين في غزة ووقف القتال، مشيرين إلى أن إسرائيل لم ترد بعد على مقترح الهدنة طويلة الأمد.

في غضون ذلك، نقلت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية عن أحد المسؤولين أن إسرائيل قررت منح فرصة إضافية للمفاوضات قبل اتخاذ قرار بتوسيع العملية العسكرية في القطاع المنكوب. ويتزامن الحديث عن منح تل أبيب فرصًا للمفاوضات بينما عقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) جلسة مساء أمس، الثلاثاء، وصفت بـ"الحاسمة" لبحث توسيع نطاق الهجمات على غزة بذريعة زيادة الضغط على "حماس". هذه المعطيات السياسية تتزامن ايضًا مع محاولة ستقوم بها الادارة الاميركية هذا الاسبوع لتحقيق اختراق في مساعي التهدئة وذلك قبل زيارة مرتقبة للرئيس دونالد ترامب الى الشرق الأوسط الشهر المقبل بهدف تعزيز العلاقات والتي ستشمل كل من السعودية والامارات وقطر.

وفي حين تستمر حكومة نتنياهو بالعرقلة والمماطلة، صعَّد وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ضد اتفاق محتمل مع حركة "حماس" مهددًا بإسقاط الحكومة إذا لم توسِّع الحرب، خاصة أن الاخير صرح، في وقت سابق، بأن الاولوية الحالية للحرب هي القضاء على الحركة وليس اطلاق سراح المحتجزين، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الداخل الاسرائيلي ودفع عائلات الاسرى الى التظاهر مشددين على رفض حالة التعود على بقاء ذويهم في غزة، كما وجهوا اتهامات لاذعة لنتنياهو متهمين اياه بـ"الخيانة".

هذا وتواصل آلة الحرب العسكرية الاسرائيلية ارتكاب المجازر الجماعية والتطهير العرقي في القطاع حيث استشهد أكثر من 44 فلسطينيًا وعشرات الجرحى في غارات على مناطق متفرقة في القطاع منذ فجر أمس. في وقت عمد الاحتلال إلى تدمير وإحراق ما بقي في غزة من معدات وآليات ثقيلة كانت تستخدم لإزالة الركام وشق الطرق وذلك ضمن سياسة "الارض المحروقة" والقضاء على كل الفرص أمام الفلسطينيين الذين، منذ اوائل شهر آذار/ مارس الماضي، لم يحصلوا على اي مساعدات نتيجة تحكم اسرائيل بالمعابر ومنع دخول اي مواد للقطاع كما استهدافها المتكرر لـ"تكيات" تقوم على توفير الطعام المجاني للعائلات ناهيك عن قطع الكهرباء والمياه.

الى ذلك، اعلن الجيش الإسرائيلي عن اعتراضه صاروخًا قادمًا من اليمن "على الأرجح" وذلك في ساعة مبكرة من صباح اليوم، الأربعاء. وقد دوت صفارات الإنذار في حيفا ومناطق أخرى في شمال إسرائيل، ما تسبب بحالة ذعر وهلع ووقوع عدة اصابات نتيجة التدافع نحو الملاجىء. وكان نتنياهو توعد بـ"رد قوي" على الحوثيين الذين قاموا مرارًا وتكرارًا باستهداف اسرائيل بالتزامن مع تصعيد عسكري أميركي غير مسبوق مع تكثيف الضربات العسكرية على العاصمة صنعاء ومدن أخرى. يُذكر أن الرئيس ترامب أكد أن الجيش الأميركي سيواصل ما أسماها عملياته الحاسمة حتى يتراجع تهديد الحوثيين للقوات الأميركية وحرية الملاحة في البحر الأحمر.

وفي موقف أخر، طمأن ترامب حليفه الاستراتيجي نتنياهو بشأن المفاوضات الاميركية - الايرانية وذلك خلال مكالمة جرت بين الطرفين. فيما خيمت هذه المحادثات غير المباشرة على اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسلطان عُمان، هيثم بن طارق، خاصة أن مسقط تلعب دورًا محوريًا من خلال استضافة جولات الحوار بين واشنطن وطهران بهدف التوصل الى اتفاق جديد بشأن ملفها النووي. وكان ترامب هدّد بمهاجمة إيران، ما لم تتوصل إلى صفقة على وجه السرعة بما يمنعها من تطوير سلاح نووي.

من جهته، حذّر "الحرس الثوري" الإيراني، من عواقب "أي عدوان" يستهدف البلاد، مؤكدًا جاهزيته لتنفيذ رد "سريع وحازم"، وذلك بعدما تناولت عدة تقارير اعلامية قيام الجيش الإسرائيلي بإكمال الاستعدادات لشنّ هجوم على البرنامج النووي الإيراني. ويبدو أن الديبلوماسية، التي يفضلها ترامب، في تعاطيه مع طهران "النووية" يواكبها زيادة الضغوط وذلك غداة اعلان وزارة الخزانة الأميركية عن فرض عقوبات جديدة على قطب الغاز الطبيعي الإيراني سيد أسد الله إمام جمعة وشبكته التجارية.

على صعيد متصل، لا يمر يوم في لبنان دون قيام العدو الاسرائيلي باعتداءات وانتهاكات لقرار وقف النار، الا ان اللافت تمثل باستهداف "الجماعة الإسلامية" حيث شنّت مُسيرة غارة على سيارة القيادي حسين عطوي في منطقة بعورتا الواقعة جنوب بيروت؛ ما أدى إلى مقتله على الفور. وهذا التطور يأتي مع مساعي رئيس الجمهورية جوزاف عون لايجاد آلية بشأن سلاح "حزب الله" بعد السقف العالي والتهديد الذي اطلقه الامين العام للحزب نعيم قاسم، رافضًا كل محاولات المساس بالسلاح، مطلقًا سلسلة من حملات الوعيد والتخوين. في الاطار نفسه، استدعى وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي نظيره الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني وذلك احتجاجًا على "تغريدات غير دبلوماسية" انتقد فيها ما يجري على الساحة اللبنانية لجهة الحديث عن نزع سلاح "حزب الله".

أما دوليًا، تتوقع الولايات المتحدة أن تقدم أوكرانيا، اليوم، جوابها على إطار عمل لاتفاق سلام يتضمن اعترافا أميركيًا بضم روسيا لشبه جزيرة القرم واعترافًا غير رسمي بسيطرتها على معظم المناطق التي احتلتها منذ عام 2022، وفقا لمصادر مطّلعة على الاقتراح تحدثت إلى موقع "أكسيوس". وتضغط واشنطن على كييف التي ترى أن الاقتراح الأميركي منحاز بشدة لصالح روسيا، وينص بوضوح شديد على مكاسب ملموسة لها ولكنها تجد نفسها بين نارين، فإما القبول والاذعان للمطالب الاميركية أو خروج واشنطن كليًا من الوساطة، كما هدد ترامب سابقًا، ما يعني استمرار الحرب وخسائرها الكبيرة على أوكرانيا وشعبها، وهو ما يحاول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينيسكي تفاديه.

الصحف العربية الصادرة اليوم تنوعت اهتماماتها وتغطياتها المحلية والاقليمية، حيث نرصد في الجولة الصباحية أبرز ما ورد على النحو التالي:

أفادت صحيفة "الراية" القطرية أن مساعي الدوحة تتركز على "إخراج المنطقة من النفق المُظلم، ومنع تدويل الأزمة الفلسطينية، خاصة أنَّ المنطقة مُرشحة للانفجار"، مشددة على أن "التنسيق مع الشركاء في الوساطة يتم على أعلى المستويات وبقنوات مفتوحة، فإنهاءُ العدوان على غزة لم يعُد مطلبًا لسكان غزة بل أصبح مطلبًا لجميع شعوب المنطقة والعالم، بعد أن شهدت الأسابيع القليلة الماضية استئناف الحرب العبثية، وتشديد الحصار حيث ثبت أن تصعيد العدوان والتوسع بالقتل والتدمير لم يسهم أبدًا في إطلاق سراح رهينة واحدة، دون الجنوح للحل التفاوضي".

وعن غزة ايضًا، كتبت صحيفة "الأهرام" المصرية "تتسع الهوة بمواقف الإدارة الأمريكية وتتأرجح بين وقت وآخر مما يدفع حركة "حماس" نحو يقين فقدان الثقة بنزاهتها كوسيط يلعب دورًا محوريًا في وقف الحرب وتوصيفها بشراكتها المباشرة بحرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين"، لافتة الى أن "تأرجح مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب يؤشر بأن الأمور تتجه وصولًا لرؤية مغايرة تعتنق في نهاية المطاف ممارسة ضغوط لتضع الحرب أوزارها ويصاغ اتفاق حاسم يقضي بالإفراج عن الرهائن".

من جهتها، تناولت صحيفة "الرياض" السعودية ما تتعرض له الدول العربية من مؤامرات ودسائس تؤكد أن "المحافظة على الأمن القومي العربي مسؤولية جماعية، وليست فردية، وواجبة على كل فرد عربي أياً كان الموطن الذي يتواجد فيه". واضافت "فإذا أيقنا بأن المحافظة على الأمن القومي العربي مسألة واجبة على جميع الأفراد والشعوب والأنظمة والدول العربية، فإننا نؤمن إيمانًا يقينيًا بأن دعم ومساندة وتأييد كل دولة عربية تتعرض للعمليات المُتطرفة والإرهابية، أو للاعتداءات الخارجية، مسألة واجبة سياسياً وأخلاقياً وعربياً".

صحيفة "البلاد" البحرينية تطرقت الى زيارة سلطان عُمان، هيثم بن طارق الى روسيا والتي "تعد بداية لتدشين مرحلة تاريخية من التعاون الاستراتيجي والسياسي والتجاري بين مسقط وموسكو في شتى المجالات"، مؤكدة أن نتائجها "ستنعكس خلال الفترة القادمة من خلال جهود البلدين لتوسيع العلاقات بينهما، وإرساء أسس الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم وجهودهما المتميزة لحلحلة الأزمات وتقريب وجهات النظر في العديد من القضايا الدولية".

الزيارة ذاتها كانت محط اهتمام من قبل صحيفة "الوطن" العُمانية التي رأت أنه من "جانب روسيا تأتي هذه الزيارة لتؤكد أن موسكو تراهن على شركاء موثوقين بعيدًا عن الضجيج، وتبحث عن موطئ قدم استراتيجي في الخليج من بوابة غير تقليدية. أما من جهة عُمان فإن اختيار روسيا كوجهة لأول زيارة "دَولة" يعكس قراءة عميقة للواقع الجيوسياسي، ورغبة في تنويع الشُّركاء وتوسيع شبكات المصالح خارج النَّسق الغربي التقليدي"، مستنتجة أن "الزيارة تكتسب أبعادًا تتجاوز اللحظة السياسية لتصبح نواة لعلاقة تقوم على العمق الحضاري والمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل"، على حدّ وصفها.

في سياق مختلف، تحدثت صحيفة "الغد" الأردنية عن الأزمة السورية، التي "كانت في بداياتها سورية داخلية، ثم تحولت إلى أزمة لدول جوار سورية، وتمددت كلفة الأزمة إلى دول أوروبية، ومهاجر بعيدة، وما يمكن الإشارة إليه صراحة أن برامج قبول اللجوء والتهجير الدولي، لن تكون متاحة للسوريين في دول غربية، كون الأولوية ستكون لتهجير الفلسطينيين"، منبهة الى أن "السوريين خارج سوريا، يواجهون إغلاقات صعبة، تفرض عليهم البحث عن أقل الحلول كلفة، وبطبيعة الحال ستبدو العودة الى سورية، الحل الأمثل، وسط هذه التناقضات وتغير أولويات المجتمع الدولي".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن