صحافة

"المشهد اليوم"…غزّة بانتظار الهدنة وتوقف الملاحة في "بن غوريون"غارات اسرائيليّة مُكثفة جنوب لبنان و"داعش" يتبنى "أول هجوم" ضد القوات الحكومية السورية

حشود من مواطني القطاع تتجه لتسلّم مساعدات غذائية في إحدى مراكز التوزيع التابعة لـ"مؤسسة غزّة الانسانية" المدعومة أميركيًا (رويترز)

خالفت اسرائيل كل التوقعات وأعلنت قبولها بالمقترح "المُحدّث" للمبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف لوقف النار في غزة، والذي يصب في عناوينه العريضة لصالح تل أبيب، ما يضع حركة "حماس" في موقف حرج للغاية لانه في حال الرفض فإن النيران السياسية الاميركية والتبريرات الاسرائيلية لتوسيع العملية العسكرية ستكون حاضرة وبقوة. وعليه الكرة في ملعب الحركة التي تدرك حجم الضغوط الملقاة على عاتقها، لاسيما على الصعيد الشعبي مع تفاقم الاوضاع الاجتماعية والمعيشية سوءًا.

فلم يكفِ أهل غزة اتباع سياسة التجويع المُتعمد حتى برزت الالية الجديدة للمساعدات بدعم من الولايات المتحدة والتي، منذ اليوم الاول للتوزيع، تلقى معارضة شرسة من قبل الأمم المتحدة والجهات الاغاثية العاملة في هذا المجال لانها تشرّع سطوة اسرائيل وتنفذ حلم التهجير الذي يراود رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ليل نهار. فحصر مراكز التوزيع في نقاط قليلة معينة وشح الامدادات الانسانية المُقدمة تجعل الغذاء أشبه بورقة مساومة للضغط على السكان واخضاعهم خاصة ان الجوع بات يستفحل بالقطاع مع مرور اكثر من 80 يومًا من الحصار المُطبق وإغلاق المعابر ومنع قوافل المساعدات من الوصول الى مليوني شخص.

وتتزامن هذه الظروف المُعقدة مع تصاعد وتيرة المخططات الاستيطانية بهدف فرض واقع جديد في الضفة الغربية بعد غزة وتعزيز السيطرة الاسرائيلية، وهذا ما بدا جليًا من خلال مصادقة مجلس الوزراء الإسرائيلي "الكابينت" على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في مناطق الضفة ومنها ما كان بالأساس خاليًا لأي وجود للاستيطان، ما يعني المزيد من قضم الاراضي ومضايقة السكان الاصليين وتشريع السيطرة على ممتلكاتهم وارزاقهم. وقد لاقت هذه الخطوة تنديدًا عربيًا ودوليًا خصوصًا انها ترافقت مع الاحاديث عن تلويح تل أبيب بتوسيع الاستيطان وذلك ردًا على الدول الأوروبية الساعية للاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال المؤتمر الذي سيعقد في نيويورك الشهر المقبل.

وبالتالي، تصعّد اسرائيل من عملياتها العسكرية في الضفة الغربية وغزة حيث أصدرت أمس، الخميس، اوامر اخلاء فوري لسكان شمال القطاع بهدف السطو على المزيد من الاراضي متعمدة استهداف المستشفيات واخلائها من المرضى والجرحى، رغم صعوبة أوضاعهم الصحية، ما يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الانسان. وفي التفاصيل، أعلنت إدارة مستشفى العودة، شمالي القطاع، أن الاحتلال باشر في الإخلاء القسري للمرضى والطواقم الطبية المتواجدة في المكان بعد أيام من الحصار والاستهداف المتكرر للمستشفى، محذرة من أن ما يحصل حرم نحو 400 ألف فلسطيني شمال القطاع من الخدمات الصحية بعد إخراجها المستشفى من الخدمة قسرًا، وهو آخر صرح طبي كان يعمل في المنطقة.

هذه الاوضاع الميدانية كانت على طاولة بحث حركة "حماس" خلال تقييم المقترح الجديد للهدنة في غزة، والذي بحسب عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم "لا يستجيب لأي من مطالب شعبنا"، معتبرًا أن "رد الاحتلال في جوهره يعني تأبيد الاحتلال واستمرار القتل والمجاعة (حتى في فترة التهدئة المؤقتة)، ولا يستجيب لأي من مطالب شعبنا وفي مقدمها وقف الحرب والمجاعة"، لكنه أيضًا رفض اغلاق الباب كاملًا أمام جهود الوساطة حيث أعلن أنه "مع ذلك، تدرس قيادة الحركة بكل مسؤولية وطنية الرد عليه". ويمثل المقترح "المُحدّث"، وفق بنوده الجديدة، تراجعًا عما وسبق واتفقت عليه "حماس" مع مبعوث ترامب، ويتكوف، لاسيما لجهة غياب الضمانات الاميركية بشأن وقف إطلاق النار الدائم وهو ما يثير المخاوف من انقلاب تل أبيب على الاتفاق تمامًا كما حصل في الفترة الماضية.

في سياق متصل، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن، أمس، بعد دوي صفارات الإنذار في مناطق واسعة وسماع أصوات انفجارات في أجواء القدس. في حين ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن حالة من الهلع والذعر أصابت آلاف المشجعين في ملعب بلومفيلد أثناء حضورهم إحدى المباريات والتي شهدت حضور الرئيس إسحاق هرتسوغ. كما توقفت حركة الملاحة في مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب مؤقتًا، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي اعتراضه الصاروخ. وكانت اسرائيل قصفت مطار صنعاء الدولي، الأربعاء، وأخرجته عن العمل بشكل كامل واستهدفت أخر طائرة مدنية بهدف فرض حصار بحري وجوي على الحوثيين وذلك في معرض ردها على استمرار اطلاق الصواريخ من اليمن.

هذه المعطيات وسط ترقب حذر لموقف "حماس" الرسمي بشأن المقترح تأتي على وقع التطورات في المشهد السوري وذلك بعدما رفع المبعوث الأميركي توماس برّاك، بُعيد وصوله إلى دمشق علم بلاده بعد اعادة افتتاح السفارة اثر اغلاق دام منذ العام 2012. وشكلت هذه الخطوة تأكيدًا على الانفتاح الاميركي التام على الادارة السورية الجديدة في وقت دعا السفير برّاك الى حوار بين سوريا وإسرائيل يبدأ بـ"اتفاق عدم اعتداء" بين الطرفين. وتسعى ادارة الرئيس احمد الشرع الى تخطي الاثار الأقتصادية  التي نجمت عن المرحلة السابقة والاستفادة من الفرص المتاحة واغتنامها من اجل دفع عجلة التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار بعد 14 عامًا من الحرب الدموية الطاحنة.

وكانت اولى بشائر السير على هذا الطريق تمثلت بتوقيع مذكرة تفاهم بين وزير الطاقة السوري محمد البشير وتحالف شركات رائدة بمجال الطاقة لتعزيز مجالات الاستثمار في قطاع الطاقة وتوليد الكهرباء بقيمة 7 مليارات دولار. هذا ويشكل العامل الامني تحديًا رئيسيًا في البلاد خاصة بظل كثرة الساعين داخليًا وخارجيًا الى اثارة النعرات. وضمن السياق، تبنى تنظيم "داعش" أول هجوم له ضد القوات الحكومية السورية الجديدة منذ الاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان الذي أشار الى أن شخصًا قتل وأصيب ثلاثة أخرين من الفرقة 70 في الجيش السوري بعد تعرض دوريتهم لتفجير لغم عن بعُد يوم الأربعاء الماضي. وكانت السلطات السورية أعلنت هذا الأسبوع عن القاء القبض على أعضاء خلية تابعة للتنظيم قرب دمشق، واتهمتهم بالتحضير لهجمات.

ومن سوريا الى لبنان الذي شهد في الساعات القليلة الماضية سلسلة عنيفة من الغارات الاسرائيلية التي استهدفت عدة بلدات وقرى جنوبية ادعت قوات الاحتلال بأنها كانت بهدف مهاجمة منصات صواريخ ومواقع لتخزين الأسلحة تابعة لـ"حزب الله". وتمثل هذه الخروقات اليومية عائقًا أمام عهد الرئيس جوزاف عون الذي يسعى لحصر السلاح بيد الدولة وبسط سلطتها وسيادتها وسط تزايد الانتقادات والنقمة الشعبية لأن تل أبيب، ومنذ توقيع اتفاق وقف النار، لم تلتزم ببنوده بل خرقته مرارًا وتكراراً. وعلى هذا الصعيد، حذّر قائد قوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان، أرولدو لاثارو، من أن الوضع على طول "الخط الأزرق" لا يزال متوترًا وقابلاً للاشتعال؛ لأن أي خطأ قد يؤدي إلى عواقب وخيمة"، وذلك خلال كلمة ألقاها بمناسبة "اليوم الدولي لحفظة السلام".

وبالشأن الايراني، فقد نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين قولهم إن المحادثة التي جرت بين الرئيس ترامب ونتنياهو بشأن النووي الايراني كانت "مشحونة إلى حد كبير". فيما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين اشارتهم الى أن "مكالمة هاتفية متوترة واحدة على الأقل بشأن إيران جرت بين ترامب ونتنياهو الذي قال للرئيس الأميركي إن "ضعف إيران لن يدوم طويلًا وإن الوقت مناسب لشن هجوم عليها". وتشكل المفاوضات الاميركية الجارية للتوصل الى اتفاق نووي جديد مع ايران نقطة خلاف بين واشنطن وتل أبيب، فبينما تسعى الاولى للتوصل الى حلول دبلوماسية بعيدًا عن الحروب، ترى الثانية ان الفرصة مؤاتية لتحجيم ايران عبر توجيه ضربات عسكرية لمنشأتها النووية.

دوليًا، انتقدت بكين قرار الولايات المتحدة إلغاء تأشيرات طلاب صينيين ووصفته بـ"غير المنطقي" مؤكدة تقديم احتجاج لدى واشنطن عقب إعلان وزير الخارجية ماركو روبيو عن هذا الإجراء. وتجد هذه الخطوة المتعلقة بالطلاب الصينيين أولويةً من قبل إدارة ترامب لتضييق الخناق على العلاقات الأكاديمية مع الصين، والتي وصفها الجمهوريون بأنها تهديد للأمن القومي.

وضمن الجولة الصباحية اليومية على الصحف العربية نبرز أهم ما ورد على الشكل التالي:

رأت صحيفة "الخليج" الاماراتية أن الواقع الانساني المؤلم في العالم "يحتاج إلى إرادة سياسية دولية توفر لمجلس الأمن سرعة الحركة لكي يتعامل مع النزاعات القائمة، بحيث لا تطول في حال نشوبها"، مشددة على ان "لدى المجلس أدوات كثيرة، لكن الواقع يشير إلى أنه يكون مشلولًا في حال كان أحد أطراف النزاع يتمتع بعضويته الدائمة، أو أن هذا الطرف يتمتع بحماية مطلقة من قبل أحد الأعضاء الدائمين أو أكثر، ومن ثم يطول الصراع، ومع كل يوم يسقط مدنيون، وقد تباد أسر بأكملها. هنالك حاجة ماسة لئلا يتم السكوت على تلك الجرائم حتى لا يشعر من بقي حيًا باليأس، ولن يتحقق ذلك إلا بإعادة الاعتبار لقواعد القانون الدولي الإنساني".

وتحت عنوان "ما يجري بين أميركا وإيران مفاوضات أم إملاءات"، كتبت صحيفة "البلاد" البحرينية ما يجري هو أقرب الى "الإملاءات التي تفرضها أميركا وإسرائيل من وراء الكواليس على إيران، وأهمها أن تتخلى طهران عن برنامجها النووي، وأن يتحول من برنامج عسكري إلى برنامج طاقة"، معتبرة أن النظام الايراني"يريد الخروج من هذه المفاوضات بأي اتفاق لحفظ ماء الوجه أمام شعبه في الداخل أولا وأمام دول العالم، بعدما تخلى النظام الإيراني عن تلك الشعارات الرنانة التي كان يتبجح بها تجاه أميركا وإسرائيل".

وشددت صحيفة "القدس العربي" على أن "التحدي الإسرائيلي الخطير لسيادة سوريا، ولتدخلها فيما تسميه "المجتمع الدرزي"، وكذلك خطط توسيع ذلك لضم القوات الكردية، يضع خيارات صعبة أمام سلطات سوريا الجديدة الطامحة لتحقيق استقرار وازدهار لشعبها، وانفتاح على المحيط العربي والعالمي". واضافت "تضمّ هذه الخيارات إجراء تسويات سياسية وعسكرية مع القوى الكردية والدرزية تستجيب لمطالب اللامركزية مقابل الانخراط في الإطار العام للدولة، ووقف التجاوزات في مناطق الساحل، ولكن من ضمنها أيضا تأكيد السلطات السورية على رفض خطط إسرائيل عبر تعزيز التعاون مع الدول العربية وتركيا".

من جانبها، لفتت صحيفة "الجريدة" الكويتية الى أن "الضغوط على رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام تتصاعد في ظل مرحلة متقدمة من التشنج السياسي في لبنان، مع عودة سلاح "حزب الله" إلى صدارة الملفات. وقالت "ففي الوقت الذي يتمسك سلام بضرورة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادة، وحصر السلاح بيد الدولة، يواجه حملة شرسة من الحزب الذي يرفض هذا الطرح ويصرّ على شروطه الخاصة".

صحيفة "اللواء"، بدورها، أوضحت أن "السجال السياسي والإعلامي بين بعض أركان الحكومة والقوى السياسية وبين "حزب الله" حول سلاح المقاومة بدأ يأخذ أبعادًا تصعيدية قد تؤثر على الوضع الحكومي لاحقًا إذا تطورت ولم تجد من يخفف من حدّتها"، متوقعة ان تميل الاوضاع "الى التهدئة لا سيما إذا حصل اللقاء بين الرئيس سلام ووفد حزب الله خلال اليومين المقبلين، لأن وضع البلد لا يحتمل مزيدًا من التوترات والانقسامات والخلافات، وبخاصة انه على أبواب موسم صيف واعد، وعلى أبواب تطورات إقليمية ودولية مهمة وحسّاسة ستطال بتأثيراتها بلا شك لبنان"، على حد تعبيرها.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن