صحافة

"المشهد اليوم"…"صفعة اليونيفيل" تحت المجهر وزيارة فرنسية الى لبنانآمال "خافتة" بشأن مفاوضات غزّة والدول الغربية تطرح قرارًا ضد إيران أمام الوكالة الذرية الدولية

صورة أرشيفية للقوات العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

على الرغم من موجة التفاؤل التي سادت لبنان بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وما تلا ذلك من خطوات تمثلت بتشكيل حكومة اختصاصيين والانفتاح الخليجي على لبنان ورفع الحظر عن مواطنيها ما بشرّ بصيفٍ واعدٍ، إلا ان الوقائع الميدانية تنذر بامكانية عودة الحرب نتيجة تصاعد الاعتداءات الاسرائيلية واخرها في الضاحية الجنوبية لبيروت عشية عيد الأضحى، ما ترُجم على انه رسالة سياسية واضحة الى المسؤولين اللبنانيين بضرورة الاسراع بحصر السلاح بيد الدولة وبالتالي تجريد "حزب الله" من ترسانته العسكرية.

وتزداد الضغوط على لبنان الرسمي الغارق بين محاولة اعادة الاعمار وتثبيت الامن والاستقرار في البلد، فيما يحتل موضوع التجديد لقوات "اليونيفيل" الصدارة بعد احاديث عن وجود توافق اميركي - اسرائيلي لانهاء عملها وما يمكن ان يستتبع ذلك من تداعيات خطيرة لا يبدو ان "حزب الله" وقيادته مدركين لها، وذلك بعد تكرار حوادث التعرّض لهذه القوات في عدد من المناطق الجنوبية بشكل يثير الكثير من علامات الاستفهام. وقد ارتفعت وتيرة هذه "المواجهات" في الاونة الاخيرة ولاسيما أمس بعدما ضجّت الساحة اللبنانية بفيديو يُظهر "صفعة" تعرّض لها جندي فنلندي تابع لقوات "اليونيفيل"، ممن يُعتقد أنهم مناصرون لـ"حزب الله" في بلدة الحلوسية في قضاء صور بعدما اعترضوا على عبور هذه القوات البلدة بحجة عدم مرافقة الجيش اللبناني لها.

ويتلّطى الحزب خلف التحركات "الشعبية" ويرفع سقف المواجهة مع الحكومة رفضًا لتسليم سلاحه الا وفق حزمة مطالب وابرزها التمسك باعادة اعمار ما هدمته الحرب الاسرائيلية الاخيرة، وهو قرار تبنته الحكومة وسط مساعي جادة لتوفير الاموال اللازمة من دول وجهات مانحة. لكن هذه الخطوة لا تزال "متعثرة" نتيجة عدم تشجع المعنيين لدفع اي مبلغ قبل ايجاد حل جذري لمسألة السلاح والتطبيق الكامل للقرار الدولي 1701 وتحقيق الانسحاب الاسرائيلي من كافة الاراضي خاصة انها تستمر في فرض سيطرتها على التلال الخمس على طول الحدود الجنوبية. ويتخوف لبنان، الذي ينظر الى جارته سوريا، من ضياع الفرصة وعدم اغتنامها وسط ما يجري في المنطقة برمتها من تغيرات وتطورات.

وازاء ما ورد، يبقى السؤال الاساسي عن مدى قدرة لبنان عمومًا وجهوزية "حزب الله" خصوصًا لمواجهة اي تصعيد محتمل من جانب تل أبيب، التي تحظى بدعم اميركي لامحدود، بحجة "الدفاع عن نفسها" و"حماية حدودها" بالتزامن مع انتهاكات اسرائيلية فاضحة لمضمون اتفاق وقف النار الذي دخل حيّز التنفيذ في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وهذا ما يجعل المسألة تزداد تعقيدًا وتتطلب من المعنيين اللبنانيين البدء بخطوات حاسمة لجهة ايجاد حل لسلاح الحزب وسحب الذرائع الاسرائيلية، وذلك بعدما تعالت الانتقادات الخارجية، لاسيما من قبل واشنطن، لبطء مسار حوار رئيس الجمهورية جوزاف عون و"حزب الله" لبدء تسليم كل السلاح.

ومن معركة التجديد لقوات "اليونفيل" التي افتتحت باكرًا، خاصة أن لبنان يستعد لهذا الاستحقاق المهم بعد شهرين، والتطورات الميدانية المُقلقة، الى الزيارة الاستطلاعية للموفد الخاص للرئيس الفرنسي، الوزير السّابق جان إيف لودريان، حيث اجرى سلسلة لقاءات رسمية شدّد خلالها على ضرورة القيام بالاصلاحات المطلوبة كمدخل لاعادة الاعمار، وضرورة التزام جميع الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار والحفاظ عليه، وأهمية التعاون والتنسيق بين الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل". وهذه الزيارة تستحوذ على الاهتمام لانها تتزامن مع حماوة سياسية لبنانية كما وسط التباعد الحاصل بين باريس وتل أبيب بسبب الحرب على غزّة ومنع ادخال المساعدات الانسانية كما دعم الرئيس إيمانويل ماكرون للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

في غضون ذلك، تستمر التداعيات الكارثية للحرب على غزّة وسط معلومات عن مقترح "مُحدّث" للمبعوث الاميركي للشرق الاوسط ستيف ويتكوف بشأن مفاوضات الهدنة والافراج عن المحتجزين. وذكرت عدة مصادر إسرائيلية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنهاء الحرب على وجه السرعة "لأنها استنفدت أهدافها" وذلك خلال الاتصال الذي أجري بين الجانبين الاثنين. وكان مقترح ويتكوف السابق لاقى تأييدًا من قبل تل أبيب في حين أبدت "حماس" عدة ملاحظات عليه خاصة لجهة مطالبتها بالحصول على ضمانات لوقف القتال بشكل دائم وارساء هدنة طويلة الأمد وادخال المساعدات الانسانية عبر المنظمات والهيئات الاممية المعنية بعيدًا عن "مؤسسة غزّة الانسانية" المثيرة للجدل.

بدوره، تحدث نتنياهو عن "تقدم ما" ولكنه رفض "اعطاء الكثير من الآمال". في وقت يرى كُثر من المحللين أن الاخير يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة وهو يحاول الهرب قدمًا من اجل كسب المزيد من الوقت ويعتمد سياسة التحايل، خاصة بعد عزم حزب "شاس الحريدي"، التصويت، اليوم، لصالح حل البرلمان الاسرائيلي (الكنيست)، وذلك بسبب عدم تمرير الحكومة مشروع قانون يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية. ويجهد نتنياهو من اجل الحيلولة دون حصول التصويت مستغلًا الاحداث السياسية الجارية ولاسيما ما يتعلق بالقضية الايرانية كما باستمرار الحرب للقضاء على "حماس"، رغم انه مع مرور أكثر من 20 شهرًا من الحرب فشلت قوات الاحتلال في تحقيق أي من الاهداف التي أعلنت عنها.

في المقابل، تزداد الاوضاع الانسانية سوءًا حيث تتعمد قوات الاحتلال فتح النار بشكل مباشر على جموع الفلسطينيين المتجمهرين قرب مراكز التوزيع للحصول على المساعدات الانسانية، اذ وفق مصادر وزارة الصحة استشهد أمس ما لا يقل عن 20 شخصًا خلال رحلة الانتظار المضني قرب محور نتساريم وسط قطاع غزة. من جهة أخرى، أعلنت المملكة المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج، أمس، فرض عقوبات على وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش "لتحريضهما المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين" في الضفة الغربية المحتلة. وتشهد مخيمات الضفة على حملة تهجير ممنهجة ومنظمة بعدما أدت العمليات العسكرية الاسرائيلية المستمرة الى هدم عدد كبير من المنازل وسط عمليات اعتقال ومداهمات مستمرة وتضييق الخناق على الفلسطينيين.

تزامنًا، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق صاروخ من اليمن، وذلك بعد ساعات من إعلان الحوثيين عن تصعيد هجماتهم لتطال العمق الإسرائيلي. وإذ هدد وزير الدفاع يسرائيل كاتس بفرض حصار بحري وجوي على مناطق سيطرة الجماعة الحوثية ما لم تتوقف عن هجماتها، أقرت الأخيرة بغارتين استهدفتا رصيف ميناء الحديدة من دون ذكر اي تفاصيل عن الخسائر الناجمة. هذا وكانت قوات الاحتلال وجهت إنذارًا بإخلاء موانئ الحديدة الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى والصليف).

في الشأن الايراني، لا يزال موعد الجولة السادسة من المفاوضات الايرانية - الاميركية يعتريه الكثير من الضبابية وسط تضارب في تحديد تاريخ الانعقاد خاصة أن العقدة الرئيسية المتمثلة بتخصيب اليورانيوم لا تزال على حالها وسط تمسك الجانبين بشروطهما حتى الساعة. الى ذلك، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول إسرائيلي وآخر أميركي اشارته الى ان ترامب أبلغ نتنياهو بأنه يعارض القيام بعمل عسكري ضد ايران في الوقت الحالي لأنه يعتقد أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق نووي معها. ويدفع الرئيس الاميركي نحو الحلول الديبلوماسية مع ابقائه على سياسة التهديد باتخاذ الخطوات العسكرية المناسبة في حال فشل المفاوضات، الا انه ورغم كل ما يُحكى في الغرف المغلقة والتشدد في المواقف، تسعى كل من واشنطن وطهران لابرام صفقة لم تنضج شروطها بعد.

من جهتها، تراقب ايران بحذر ما سيصدر عن اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية المُنعقد في فيينا مهددة بالرد المتناسب على أي قرار يدينها بعدما تقدمت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة بمشروع قرار ضد طهران على خلفية "عدم احترامها" التزاماتها بشأن برنامجها النووي. وكان المدير العام للوكالة رافائيل غروسي أعلن عن تزايد المخاوف المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني، ذلك لأن تراكم اليورانيوم عالي التخصيب لدى طهران "يمثل قضية خطيرة"، مؤكدًا أن الوكالة حددت 3 مواقع غير مُعلنة كان بها تخصيب لليورانيوم في ايران.

ولم تختلف مواضيع وعناوين الصحف العربية الصادرة اليوم عما يجري في المنطقة، ولاسيما ما يتعلق بالمشهدين الغزاوي واللبناني. وابرز ما ورد نوجزه على الشكل التالي:

تحت عنوان "أيها اللبنانيون…لا تضيعوا الفرصة"، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية "المشكلة الحقيقية التي تواجه لبنان اليوم ليست مجرد أزمة اقتصادية خانقة، أو فساد إداري مستشرٍ، رغم أهمية هذه المشكلات، وإنما هي مشكلة سياسية بامتياز، تتلخص في وجود سلاح غير شرعي خارج عن سيطرة الدولة اللبنانية". وتابعت "إن اللبنانيين اليوم أمام فرصة تاريخية وهم مطالبون أكثر من أي وقت مضى برفع صوتهم عالياً وبوضوح تام ضد هذا الواقع المرير. الصمت لم يعد خياراً، والحياد والرمادية باتا تواطؤاً مع الأزمة. من يريد إنقاذ لبنان يجب عليه أن يرفض هيمنة حزب الله ويطالب بعودة الدولة اللبنانية القوية والفاعلة".

وطالبت صحيفة "اللواء" اللبنانية بـ"ضبط الحركات المعادية لقوات المراقبة الدولية والتي تبقى أولًا من مسؤولية الدولة اللبنانية، عبر أجهزتها المختلفة. ولكن لا شك أن المسؤولين في الثنائي الشيعي يستطيعون أن يساهموا بشكل فاعل في الحد من الإعتراضات المسيئة للمصالح اللبنانية"، مؤكدة أن "القوات الدولية (اليونيفيل) ضرورة لبنانية، طالما بقي الإحتلال الإسرائيلي جاثمًا على آخر حبة تراب من أرض الجنوب الصامد".

من جهتها، تطرقت صحيفة "البلاد" البحرينية الى ما أسمته "التباعد الأميركي الإسرائيلي وما يميزه في هذه المرحلة أنه حقيقي غير مصطنع لأغراض دعائية، لاسيما في ظل طبيعة شخصية الرئيس الأميركي (دونالد) ترامب من حيث الصراحة والبراجماتية وعدم المواراة، وفي ظل ما شهدته المنطقة من تطورات مهمة ليست في صالح إسرائيل ودون دور منها، بل وجعلت بعض الإسرائيليين يتحدثون عن عزلة دولتهم"، معتبرة أننا "إزاء مرحلة ونظام إقليمي ودولي جديد يتشكل؛ ما يستدعي بحثًا وتحركًا عربيًا جادًا ومتكاملًا ليكون لنا دور فاعل وصوت حاسم وموقف مؤثر"، على حدّ تعبيرها.

صحيفة "الأهرام" المصرية، من جهتها، رأت أن "المؤتمر الدولي حول حل الدولتين الذي سيُعقد في الأمم المتحدة هذا الشهر وتحت رئاسة كل من المملكة العربية السعودية وفرنسا، يمثل فرصة مهمة لحشد الدعم الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مشددة على أن "استمرار سياسة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وغياب التسوية السياسية والحل العادل للقضية الفلسطينية، يغذي بيئة العنف والصراع في المنطقة ويفاقم من التداعيات السلبية ومخاطر الصراع الإقليمي، وهو أمر ليس في مصلحة أي طرف".

أما صحيفة "الجريدة" الكويتية، فدعت "حماس" وجميع الفصائل المسلحة، "انطلاقًا من واجبها الوطني والإنساني والأخلاقي والديني، الى إنهاء القتال الدائر الآن في غزة بأسرع وقت، وبأي شكل، لحقن دماء أهلها، وأن تضع حدًا لهذه الأوضاع المأساوية اللانسانية التي يعيشها شعب غزة حتى هذه الساعة واللحظة". واضافت "ما يهمنا من كل ذلك هو نزيف الدم الغزاوي المهدر طوال العشرين شهراً السابقة، والذي أصبح هو الثمن الفعلي لهذه العملية العبثية (طوفان الأقصى).

في إطار آخر، لفتت صحيفة "الغد" الأردنية الى أن "دمشق الجديدة تواجه ملفات كبيرة وصعبة، وربما يراهن الأردن هنا على دور مهم لدمشق عبر مسربين، الأول انهاء ملف تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود الأردنية السورية، والثاني قيام دمشق بدور أكثر فاعلية لحض السوريين إلى العودة إلى بلادهم". وخلصت للقول "لا يريد الأردن الضغط في ملف اللاجئين السوريين على دمشق الجديدة، لكنه أيضا تحت مطارق قلة فرص العمل، واحتياجاته، وملفات مثل المياه والبنى التحتية والتعليم، يواجه تعقيدات يجهد من أجل حلها هذه الأيام بشكل خاص".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن