أدى انخفاض المخزون التجاري الأمريكي يوم الأربعاء الماضي إلى قفزة في أسعار النفط، يعد موجة خسائر استمرت أسبوعين متتالين، حيث حقق برنت أكبر زيادة في أسبوع منذ أواخر يوليو بنسبة 5.5% أو 4.6 دولارات إلى 88.55 دولارا. بينما كانت مكاسب غرب تكساس الاسبوعية هي الأكبر منذ مارس بزيادة 7.2% أو 5.72 دولارات الى 85.55 دولارا، ليتقلص الفارق بين سعر غرب تكساس وبرنت إلى 3 دولارات.
واعتبرت أسواق النفط أن هذا التراجع الحاد في المخزونات الأمريكية خطوة نحو توازن العرض والطلب، مما سيعوض إخفاقات المؤشرات الاقتصادية العالمية. بل إنه انعكاس لاستمرار قرارات أوبك+ بتخفيض الإنتاج الإلزامي والطوعي، والذي عزز ارتفاع الأسعار الفورية. ويمكن أيضاً تفسير ذلك عدم قدرة شركات النفط الصخري على زيادة إنتاجها بمعدل سريع وبتكاليف أقل، مما دفعها إلى السحب من مخزوناتها للاستفادة القصوى من ارتفاع الأسعار الفورية وقصيرة الأجل على حساب العقود طويلة الأجل.
وخلال الخمسة أسابيع من الستة الأخيرة، انخفضت مخزونات النفط التجارية الأمريكية بمقدار 19 مليون برميل فقط منذ 14 يوليو، لكن انخفاض المخزونات خلال الأسبوع المنتهي في 25 أغسطس هو الاكبر بمقدار 10.6 ملايين برميل عن الأسبوع الذي سبقه، رغم ارتفاع الصادرات النفطية فقط بمقدار 0.270 مليون برميل يوميا إلى 4.528 ملايين برميل يوميا وانخفاض الواردات بمقدار 0.316 مليون برميل يوميا إلى 6.617 ملايين برميل يوميا أي بصافي صادرات (0.46-) مليون برميل يوميا. كما انخفضت مدخلات المصافي بمقدار 0.173 مليون برميل يوميا إلى 16.6 مليون برميل يوميا، بينما ارتفعت مخزونات البنزين بمقدار 0.2 مليون برميل، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الامريكية. وأوضحت "بيكر هيوز" انخفاض عدد منصات النفط الأمريكية النشطة بنحو 109 منصة في الفترة الماضية من 2023 ووصلت إلى أدنى مستوياتها الشهر الماضي منذ فبراير 2022، إلا إن الإنتاج استمر في الزيادة خلال الأسابيع الماضية ليستقر عند 12.8 مليون برميل يوميا في الاسبوع ما قبل الماضي. وهذا قد لا يمكن شركات النفط الصخري من المحافظة على متوسط الإنتاج الحالي في العام الجاري بدون زيادة حادة في نشاط الحفر.
وبتحليل الأرقام أعلاه نجد إنها لا تفسر أسباب التراجع الحاد في المخزونات التجارية الأمريكية في الأسبوع ما قبل الماضي مقابل أي زيادة ملحوظة في الطلب على النفط. بل إن الاقتصاد الأمريكي مازال في حالة من التباطؤ، حيث عدلت الحكومة الأمريكية نمو الناتج المحلي الإجمالي من 2.4% في الربع الثاني إلى 2.1% الأسبوع الماضي، كما أن نمو الرواتب في القطاع الخاص تباطأ بشكل ملحوظ في أغسطس بينما ارتفع معدل البطالة من 3.5% إلى 3.8% الجمعة الماضية، حسب إحصاءات العمل الأمريكي.
وإذا ما استمر سوق العمل والنمو الاقتصادي في التباطؤ بالوتيرة التدريجية الحالية فإنه من المحتمل أن ينهي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة، والذي سيخفض قيمة الدولار ويرفع الطلب وأسعار النفط. إن تباطؤ أكبر اقتصادات مستهلكة للنفط واحتمالية مواصلة الفدرالي رفع أسعار الفائدة سيحد من صعود أسعار النفط بغض النظر عن انخفاض المخزونات الأمريكية. فمازالت معادلة أسواق النفط يقودها جانب العرض أكثر بكثير من جانب الطلب، بدعم من تخفيضات أوبك+ للإنتاج وتمديد خفض السعودية الطوعي. لذا سيبقى تمديد الخفض الطوعي الى نهاية العام المحرك الأساسي لانتعاش أسواق النفط حتى عودة الطلب وتوازن المعادلة.
("الرياض")