صحافة

"المشهد اليوم"..."حزب الله" يُصعد ضد الحكومة و"حصرية السلاح" تُشعل الداخل تفاصيل خطة احتلال غزّة تتكشف وسوريا تعلن عن 12 مشروعًا استثماريًا بقيمة 14 مليار دولار

من على ركام مسجد مدمر بغارات إسرائيلية في بلدة رامية بجنوب لبنان كتب مناصرون لـ"حزب الله" عبارة "لن نترك السلاح" (أ.ف.ب)

دخل لبنان مرحلة جديدة بعد القرار الذي اُتخذ في جلسة الحكومة التي عُقدت يوم الثلاثاء الماضي وتناولت فحوى الورقة الأميركية ولاسيما ما يتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة وبسط شرعيتها على كامل اراضيها. وكان ممكن لهذه النقاشات في الجلسة ان تصل الى خواتيم مبشرة بالخير لولا مواقف "حزب الله" المتشددة ورفضه تسليم سلاحه وفق جدول زمني محدّد واعتباره ما يجري محاولة لتطويقه وتجريده من قوته في هذه الاوقات العصيبة التي تمر بها المنطقة برمتها بعد احداث 7 تشرين الأول/ اكتوبر 2023.

ولأن البت بمسألة السلاح وحساسية الموضوع تتطلب حوارًا داخليًا وتوافقًا لا يزال غير موجود بحسب ما يدعي "حزب الله"، صعّد الأخير من مواقفه تجاه الحكومة ورئيسها نواف سلام تحديدًا، وذلك استباقًا للجلسة المنوي عقدها اليوم لاستكمال المباحثات في هذا الاطار، حيث من المتوقع أن تشهد جدالات ونقاشات عالية اللهجة بسبب التباعد الحاد في المواقف السياسية بين من يؤيد حسم ملف السلاح وتمكين الدولة ومؤسساتها وبين من يعتبر ذلك استهداف للحزب ومكانته خاصة ان الاخير يصف الورقة الاميركية المطروحة بـ"الاسرائيلية" وأشبه بـ"صك استسلام". موقف الحزب العالي اللهجة ووصفه القرار الذي اتخذ بـ"الخطيئة الكبرى" تزامن مع موقف تصعيدي اخر لـ "حركة امل" التي ادار رئيسها نبيه بري المحركات أمس، الاربعاء، في محاولة لانتزاع "فتيل الفتنة" رغم ادراك الثنائي الشيعي ان الاوضاع تتطلب حسمًا بسبب الضغوط الدولية والعربية المتفاقمة على لبنان. وما القرار المُتخذ في جلسة الثلاثاء الماضي والتي دعا فيها الجيش الى وضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية الشهر، وعرضها عليه لتطبيقها قبل نهاية هذا العام الا تأكيد ان عقارب الساعة لن تعود الى الوراء.

وفي هذا السيّاق، اعتبرت مصادر لصحيفة "الشرق الأوسط" أن القرار الحكومي المُتخذ "يعني نزع الشرعية من السلاح بعدما كان محميًا بالشرعية المحلية"، في إشارة إلى البيانات الوزارية المتعاقبة منذ عام 1989 التي نصت على حق لبنان في مقاومة إسرائيل وتحرير الأرض، مشيرة إلى أن الأمر "لا يقتصر على حيازة السلاح فقط، بل يشمل أي عمل عسكري ضد إسرائيل والذي كان قبل هذه الحكومة، الفعل المسلح الوحيد الحائز شرعية رسمية". وعليه ستكون جلسة اليوم مفصلية لتحديد الوجهة التي سيتخذها لبنان في ملف يُعتبر جدليًا ولطالما دارت حوله الكثير من الخلافات والاشتباكات السياسية، حتى المعارك الميدانية، الا ان الظروف والمعطيات الراهنة تختلف عما سبق وان الحزب الذي يسعى لان يفرض معادلاته ويستقوي بالشارع يعي ان الدخول في حرب جديدة يعتبر مغامرة اخرى لا يقوى لبنان عليها وهو لم يلملم بعد تداعيات الحرب الاخيرة عليه. ومن هنا فإما ان تنجح الاتصالات والمباحثات التي تجري خلف الكواليس في التوصل الى اتفاق ما واما فإن الثنائي الشيعي سيقرر المضي قدمًا باستهداف الحكومة التي يرى انها أقرّت خطوات لم تُدرك عواقبها وخطورتها.

وبالتزامن مع السجالات السياسية وتقاذف التهم من كل حدب وصوب، شنّ العدو الإسرائيلي سلسلة غارات جوية عنيفة على مناطق متفرقة من جنوب لبنان أطلق خلالها عددًا من صواريخ جو -أرض. وقد افادت المعلومات عن سقوط اصابات في وقت أعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو شنّ "غارات دقيقة" استهدفت "مستودعات أسلحة ومنصّة صاروخية وبنى تحتية كان "حزب الله" يستخدمها لتخزين آليات هندسية لإعادة إعمار منشآت عسكرية في المنطقة". هذا وكانت مسيرة اسرائيلية اغارت قبل ظهر أمس على بلدة تولين الجنوبية (قضاء مرجعيون) وقتلت الطفل عباس عوالة واصابت اخر بجراح كما دمرت دراجة نارية في موقع الاستهداف. ومع هذا الاعتداء يكون العدو الاسرائيلي قد قتل 269 شخصًا على الاقل منذ توقيع اتفاق وقف النار في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي والذي خرقته اسرائيل أكثر من 3 الاف مرة.

الاوضاع المُعقدة والمتشابكة التي يمر بها لبنان تترافق مع استمرار التصعيد في غزة، حيث كشفت القناة الـ12 الإسرائيلية جزءًا من تفاصيل الخطة العسكرية المطروحة لاحتلال القطاع، والتي ستكون اليوم على طاولة النقاش امام المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) لحسم القرار بشأنها بعد الخلاف الحاد بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان إيال زامير الذي يصف هذه الخطوة بـ"الفخ الإستراتيجي". وفي تفاصيل الخطة، أفادت القناة عينها أن الحديث يدور عن مناورة برية تمتد من 4 إلى 5 أشهر يتولى تنفيذها من 4 إلى 6 فرق عسكرية. وتحدثت عن هدفين رئيسيين أحدهما يتعلق باحتلال مدينة غزة والمخيمات الواقعة في وسط القطاع، في حين يتمثل الثاني في ما وصفته بدفع السكان الى الجنوب بهدف تشجيعهم على الخروج من القطاع.

وتستخدم تل ابيب عبارة "الهجرة الطوعية" لوصف ما تقوم به بينما هي في الحقيقة لديها خطة واضحة ومتعمدة للتطهير العرقي وإجبار الفلسطينيين على مغادرة القطاع قسرًا وذلك بعيدًا عما تعلنه من اهداف كالقضاء على حركة "حماس" واطلاق سراح الرهائن المحتجزين، فالواقع يؤكد ان نتنياهو يسير وفق قناعة واحدة الا وهي التضحية بالاسرى وإفراغ القطاع المُحاصر من سكانه. وبينما تتصاعد المواقف الداخلية والخارجية الرافضة للخطوات التي تتخذها تل أبيب، تقف واشنطن موقف "المتفرج" بعدما رفض رئيسها دونالد ترامب التعليق على خطط احتلال غزة تاركًا الموضوع بيد الاسرائيليين، رغم ان وسائل اعلامية عدة تحدثت عن تنسيق بين الطرفين وحصول نتنياهو على موافقة اميركية قبل المضي بخطته الجديدة بعد فشل عملية "عربات جدعون" من تحقيق اهدافها.

الى ذلك، حذّر مئات القادة الأمنيين والدبلوماسيين الإسرائيليين السابقين، من احتلال القطاع، معتبرين أن ذلك يمثل حكمًا بالإعدام على الأسرى، وخطوة تجرّ تل أبيب إلى كارثة سياسية واجتماعية واقتصادية. في وقت شدد سفير فرنسا لدى اسرائيل فريدريك جورنيس على أن هذه الخطوة تعني حربًا لا نهاية لها. وخاطب حكومة نتنياهو قائلا: "واصلوا العمل على اتفاق، واستغلوا الفرصة التي نعرضها عليكم للعمل مع شركاء عرب والتخطيط لليوم التالي. لا تنظروا إلى هذا كعداء تجاهكم". ورغم كل هذه الانتقادات يبدو نتنياهو شديد التصميم على اتخاذ القرار "الجنوني" رغم الحالة التي يعاني منها الجيش وغياب الاهداف الحقيقية بعد 22 شهرًا من القتال وتحول القطاع الى كومة من ركام. وما يجري يُعقد اي فرص للحل ويطيح بكل الجهود التي بُذلت من اجل ارساء هدنة بعد "افشال" جولة المفاوضات الاخيرة وتكبيلها بالشروط والتفاصيل من اجل منع التوصل الى وقف لاطلاق النار.

وفيما تؤكد "حماس" على لسان مسؤوليها تخليها عن حكم غزة تصرّ على عدم التنازل عن سلاحها الذي تربطه باقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يُعقد المباحثات المجمدة حتى إشعار آخر. المستجدات السياسية تأتي في وقت يعاني فيه السكان من ظروف انسانية كارثية مع تزايد اعداد الوفيات جراء سوء التغذية والتدهور الحاد في القطاع الطبي والاستشفائي، إذ أكد برنامج الأغذية العالمي وصول الجوع إلى أسوأ المستويات منذ بدء الحرب قبل عامين، مشددًا على ضرورة إدخال مساعدات غذائية واسعة النطاق دون عوائق. ناهيك عن الاستهداف اليومي المتعمد لطالبي المساعدات بالقرب من مراكز التوزيع الخاصة بـ"مؤسسة غزة الانسانية"، حيث اشارت وزارة الصحة الى أن 87 شخصًا استشهدوا، وأصيب 570 من منتظري المساعدات بنيران الاحتلال الإسرائيلي خلال الساعات الـ24 الماضية، وهو ما يرفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 61 ألفا و158 شهيدا، و151 ألفا و442 مصابا منذ 7 تشرين الاول/اكتوبر 2023.

سوريًا، أعلن رئيس هيئة الاستثمار طلال الهلالي عن 12 مشروعًا استثماريًا بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العربية السورية (سانا)، لافتًا الى أنه من أبرز هذه المشاريع مطار دمشق الدولي باستثمار يبلغ 4 مليارات دولار، ومترو دمشق باستثمار ملياري دولار، ومشروعا حيويا للبنية التحتية والتنقل الحضري، وأبراج دمشق باستثمار ملياري دولار، وأبراج البرامكة باستثمار 500 مليون دولار، ومول البرامكة باستثمار 60 مليون دولار. وتشهد دمشق رغم الاوضاع الامنية غير المنضبطة تسابقًا من قبل الشركات، ولاسيما الخليجية منها الى جانب التركية، للاستثمار وعقد الصفقات. هذا ونقل موقع "المونيتور" عن مصادر دبلوماسية تأكيدها وجود محاولات يمارسها الرئيس ترامب من اجل رفع العقوبات عن الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع قبل زيارته المتوقعة إلى نيويورك الشهر المقبل.

في الشأن الدولي، أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أنّه "لا يزال هناك الكثير من العمل للقيام به" من أجل تذليل "العقبات الكثيرة" التي ما زالت تحول دون عقد اجتماع بين الرئيس ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بهدف إنهاء الحرب في أوكرانيا. هذا التصريح جاء في وقت اجرى المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف محادثات في موسكو استمرت لمدة ثلاث ساعات ووصفت بـ"المثمرة" و"البناءة"، والتي من الممكن ان تفتح الطريق امام لقاء يجمع بين ترامب وبوتين على أن ينظّم بعدها اجتماع ثلاثي ينضم اليه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وفق ما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" وشبكة "سي إن إن" نقلًا عن مصادر مطّلعة على المحادثات.

وهنا ابرز ما ورد في الصحف العربية الصادرة اليوم:

رأت صحيفة "الوطن" البحرينية أن اتفاقية السلام الابراهيمية كانت "تهدف لتكون نموذجًا للتعاون الإسرائيلي العربي والتنمية والبناء والسلام وتحقيق العدالة والإنصاف للشعوب العربية بما فيها الشعب الفلسطيني بأن تظهر إسرائيل حقيقة كونها دولة تسعى للسلام، فلم تلغ أي من الدول العربية الموقعة للاتفاقية حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة له"، لكنها اشارت الى ان "حكومة نتنياهو بأفعالها الإجرامية باعدت بينها وبين الإنسانية لا بينها وبين دول الاتفاقية فحسب مسافات، حتى تبرأ منها يهود العالم أجمع لا يهود إسرائيل فقط".

صحيفة "الأهرام" المصرية، من جهتها، لفتت الى أن "نتنياهو وحكومته فشلوا حتى الآن في تحقيق أهدافهم المعلنة المتمثلة فى القضاء على "حماس" واسترداد الأسرى، وهى أهداف مرت على نتنياهو قرابة سنتين وهو يرددها كالببغاء، ويتحدث عن خطط جديدة لتحقيق النصر المفقود، ويغير وزير دفاعه ورئيس أركانه دون جدوى، ولذلك بدأ التململ ليس اقتناعًا بعدالة الحق الفلسطيني، وإنما انعكاس لطول أمد الحرب وتداعياتها". وختمت بالقول "وصف ما جرى في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 بأنه مجرد نكبة يفتقر إلى العلمية وهو وصف مُتعمد من البعض لإدانة النهج المقاوم لإسرائيل، مع أن تداعيات النهج المهادن لها كانت ولاتزال كارثية"، بحسب تعبيرها.

وعن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أوضحت صحيفة "الصباح" العراقية أن "القرار الذي تبنته فرنسا ما هو إلا رغبة حقيقية وجادة لغرض العودة إلى صناعة القرار الدولي، وكسب أكبر عدد ممكن من الدول المؤيدة للقضية الفلسطينية، خصوصًا بعد الإخفاقات المتكررة للمبادرات الأميركية في فرض حل عادل للدولتين"، معتبرة أن "النهج الجديد للأوروبيين في التعاطي مع القضية الفلسطينية قد يشكل تغييرًا جذريًا في طريقة تعاطي العالم مع تلك القضية، الأمر الذي سيشجع الدول المتحفظة على الاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم نحو دولة فلسطينية مستقلة، مما يزيد العزلة الإسرائيلية دبلوماسيًا، وبالتالي يفتح آفاقًا مستقبلية قد تغير المعادلة المرسومة منذ عقود".

في السياق اللبناني، شددت صحيفة "اللواء" اللبنانية على أن "قرار حصر السلاح، رغم رمزيته السياسية، سيبقى حبرًا على ورق ما لم يُرفق بخطوات واضحة، تبدأ بتحديد جدول زمني للتنفيذ، مع توفير الضمانات السياسية والأمنية اللازمة. ومع تأكيد الحرص المتبادل على تجنب المواجهة المباشرة بين الجيش والحزب لأنها ستكون مكلفة، داخليًا وخارجيًا، ومن شأنها أن تجر البلاد إلى مزيد من الانقسام والفوضى". واردفت قائلة "طريق العودة إلى الدولة ليس سهلًا، لكن لا بد من الشروع فيه. فلبنان لا يمكن أن يستعيد عافيته الاقتصادية، ولا أن ينفتح على العالم العربي والدولي، دون معالجة جذرية لملف السلاح الخارج عن الدولة، عبر منطق التفاهم والتدرج، لا عبر المواجهة أو التحدي".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن