أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، عن إعداد تعليمات تنفيذية لقانون المصارف الاستثمارية رقم 56 لعام 2010، في خطوة وصفها بأنها "نوعية"، وتهدف إلى تنظيم عمل المصارف الاستثمارية وفق أفضل الممارسات والمعايير الدولية، بما يتماشى مع التحوّلات المرتقبة في مجال الخدمات المالية، وتمويل النشاط الاستثماري للقطاع الخاص، والمساهمة في تمويل مشاريع القطاع العام.
وتأتي هذه الخطوة، ضمن خطة إصلاحية تعمل الحكومة السورية على تنفيذها تدريجياً، لمواكبة تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية التي قدرت بأكثر من 28 مليار دولار، بدعم من المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ومن دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية. لكن لوحظ وجود انقسام بين الخبراء حول حقيقة أرقام الاستثمارات، ومدى اتساقها مع الواقع الجدي والتنفيذي، حيث يرى البعض أنها لا تزال بعيدة عن الاستقرار بمفاعيله السياسية والأمنية والاقتصادية، بينما يرى البعض الآخر (المتفائلون) أن المسار الاقتصادي والاستثماري في سوريا قد وضع على السكة الصحيحة، وأن وجود نظام سياسي لا يزال يحظى بدعم عربي ودولي سيبقي البابَ مفتوحاً أمام المزيد من تدفق الاستثمارات.
وعلى الرغم من الاضطرابات التي شهدتها مناطق الساحل وفي السويداء، وشمال شرق البلاد حيث تسيطر قوات "قسد"، فإن بعض الاستثمارات قد بدأت نشاطها التأسيسي على أرض الواقع، بينما لا تزال استثمارات أخرى مجرد وعود واختبار نوايا. وفي هذا السياق تبرز أهمية الاستثمار الجدي في سلسلة مشاريع سعودية بنحو 6 مليارات دولار، واستثمارات إماراتية أهمها مشروع مترو الأنفاق في دمشق بملياري دولار، وتطوير مرفأ طرطوس بنحو 800 مليون دولار، وتقوم بتنفيذه مجموعة موانئ دبي العالمية. وهناك أيضاً استثمارات جدية في قطاع الطاقة تشمل النفط والغاز والكهرباء، حيث أعلنت ثلاث شركات أميركية، هي "بيكر هيوز"، و"هانت إنرجي" و"أرجنت" عن تحالف استثماري يهدف إلى إعادة تأهيل وبناء قطاع الطاقة.
لقد أعلنت وزارة المالية الأميركية، بتعليمات من الرئيس ترامب، رسمياً إنهاء برنامج العقوبات المفروضة على سوريا، وأزال موقع الخزانة اسمها من قائمة العقوبات، بدءاً من أغسطس الماضي، بحيث لم يعد هناك "برنامج عقوبات سوري" رسمي تحت إشراف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية "أوفاك". لكن بقيت عقوبات قانون "قيصر" الذي وافق مجلس الشيوخ على إلغائه بانتظار إصدار قانون من الكونغرس بإلغائها، علماً أن جهوداً دبلوماسية حثيثة سعت إلى ذلك.
لكن اللافت، كان إصدار الرئيس ترامب مؤخراً إخطاراً نشره السجل الفيدرالي الأميركي بتمديد حالة الطوارئ الوطنية الخاصة بسوريا، والتي تنتهي في 14 أكتوبر الحالي لمدة عام كامل، قائلاً إن "الوضع في سوريا مازال يقوّض الحملة الدولية لهزيمة (داعش)، ويعرّض المدنيين السوريين للخطر، ويهدد السلام والاستقرار في المنطقة".
ويرى المراقبون لدى مراجعة نص الوثيقة التي تضمنت قرار التمديد، أنه يستهدف ثلاثة أطراف بسيف العقوبات الذي تلوّح به واشنطن مجدداً حيال سوريا، طرفان مرتبطان بنظام الأسد، وهؤلاء ما زالوا يمثلون خطراً على الأمن القومي الأميركي، وطرف ثالث يفتح الباب واسعاً لإمكانية استهداف شخصيات أو كيانات مرتبطة بـ"العهد الجديد"، تحت بند "مساءلة مرتكبي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان".
(الاتحاد الإماراتية)