صحافة

"المشهد اليوم".. الغزيون يواجهون الشتاء بلا مأوى وخططَ تقسيمٍ أميركيةلبنان يشكو "انتهاكات" اسرائيل أمام مجلس الأمن وايران تحتجز ناقلة نفط في مضيق هرمز

فلسطينيون يستخدمون عربات لعبور شارع غمرته الأمطار في خان يونس جنوب قطاع غزة أمس السبت (د.ب.أ)

تتعمق أزمة غزة دون أن يلوح في الأفق أي حل وسط الجمود "القاتل" في المفاوضات المتوقفة على الرغم من المعلومات الاعلامية المستمرة عن الضغط الأميركي على اسرائيل من أجل الشروع في المرحلة الثانية. ويأتي ذلك بينما تسعى واشنطن أيضًا للحصول على موافقة مجلس الأمن بشأن القوة الدولية، التي لا تزال محط انتقادات من قبل روسيا والصين وعددًا من الدول العربية، بسبب الصلاحيات التي ستُمنح لها. أما تل أبيب، فتقوم بتحركات من أجل أن يكون تفويض مجلس الأمن للقوة المرتقب نشرها في قطاع غزة واسعًا، ويسمح لها بالعمل بقوة ضد حركة "حماس" بهدف نزع سلاحها، بحسب ما أفادت به "هيئة البث الاسرائيلية"، التي نقلت عن مسؤولين إشارتهم إلى أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تطالب بأن يكون التفويض الممنوح للقوة وفق البند السابع، بحيث تكون مسؤوليتها هي تطبيق إحلال السلام حتى باستخدام القوة وليس حفظ السلام وفق البند السادس.

ومساعي تل أبيب هذه ليست من فراغ بل الهدف منها ابقاء الوضع في غزة هشًا واتفاق وقف النار قابلًا للانهيار، بينما تستمر في انتهاكاتها واعتداءاتها شبه اليومية حيث شنّت خلال الساعات الماضية غارات جوية على مناطق خلف ما بات يُعرف بـ"الخط الأصفر" شرقي مدينتي خان يونس وغزة، إذ عمدت إلى نسف العديد من المباني السكنية التي كانت لا تزال موجودة فيما أعلنت وزارة الصحة بالقطاع تسلمها جثامين 15 فلسطينيًا أفرجت عنها إسرائيل أول من أمس، الجمعة، مما يرفع إجمالي عدد الجثامين المسلّمة منذ 14 تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى 330، أكثر من نصفهم تم دفنهم دون التعرف على هوياتهم من شدة التعذيب والتنكيل الممارس بحقهم. هذه التعديات تترافق مع الوضع الانساني المزري واستمرار اسرائيل في "هوايتها" المتعمدة، ألا وهي منع ادخال المواد الرئيسية والضرورية لسكان القطاع والتحكم في المعابر، مما يؤدي لتفاقم المعاناة التي وصلت إلى ذروتها بسبب العواصف والأمطار التي أغرقت مئات الخيام بالمياه.

في غضون ذلك، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصدرين مطلعين قولهما إن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف يخطط لعقد لقاء مع القيادي في حركة "حماس" خليل الحية قريبًا، إذ سيكون موضوع وقف إطلاق النار في غزة أحد المواضيع المنوي مناقشتها. ويثير هذا الموضوع المتجلي باستمرار واشنطن فتح "خط تواصل" مع الحركة امتعاض اسرائيل ويزيد من مخاوفها مع استمرار الخلافات الجوهرية بين الطرفين حول العديد من المسائل، ومن بينها قضية المقاتلين التابعين لـ"حماس" العالقين في أنفاق رفح. ونقلت شبكة "سي إن إن"، عن مصدرين إسرائيليين أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط لتحقيق تقدم نحو حلول قابلة للتطبيق بشأن هؤلاء المقاتلين، وأن هذا الموضوع كان مدار بحث خلال اجتماعات المبعوث الأميركي وصهر ترامب جاريد كوشنر ونتنياهو في وقت سابق من هذا الأسبوع. وذكر مصدر إسرائيلي للشبكة عينها، أن الأميركيين يريدون المضي قدمًا إلى المرحلة التالية لاتفاق غزة وإغلاق ملف مقاتلي رفح. 

إلى ذلك، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن خطط للجيش الأميركي لتقسيم قطاع غزة على المدى الطويل إلى منطقتين "خضراء" تحرسها قوات دولية وإسرائيلية تبدأ فيها عملية الإعمار، و"حمراء" تُترك في حالة خراب ويعيش فيها معظم سكان غزة، مما يترك الأوضاع على حالها دون حلول عملية مرضية. من جهته، شدّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على أن بلاده ترفض أي محاولة لتقسيم القطاع أو تهجير الفلسطينيين منه، مؤكدًا أن حل الدولتين يظل الخيار الواقعي الوحيد لتحقيق السلام. واستعرض عبد العاطي، خلال حوار أجرته مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، "الجهود المصرية لتثبيت اتفاق شرم الشيخ وتنفيذ كامل بنوده" الخاصة بإحلال السلام. وتجهد القاهرة بما لديها من علاقات دبلوماسية إلى حماية الاتفاق وعدم عودة "شبح" الحرب وتنفيذ مخططات اسرائيل الهادفة إلى تثبيت سيطرتها في القطاع لأمد غير محددد مع تهجير السكان بسبب معوقات إعادة الاعمار التي تعتبر بندًا رئيسيًا مع مساعي مصر لاستضافة مؤتمر بهذا الخصوص خلال الشهر الجاري.

الموقف المصري يتطابق مع تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي لفت إلى أهمية التزام جميع الأطراف باتفاق إنهاء الحرب في غزة بجميع مراحلها، مع تدفق المساعدات الإنسانية بكميات كافية على القطاع. كما نبه، خلال لقائه مع رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف في إسلام آباد، إلى الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية خاصة خطط الاستيطان وضم الأراضي، داعيًا إلى ضرورة وقفها. وتتمادى قوات الاحتلال والمستوطنين بالتعدي على أرزاق ومنشأت سكان الضفة الذين يعيشون تهجيرًا ممنهجًا وعنفًا غير مسبوق. واستشهد صباح اليوم، الأحد، فلسطيني وأصيب آخر، برصاص القوات الاسرائيلية ضمن سلسلة عمليات دهم واقتحام بالتزامن مع فرض حصارًا مشددًا على الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة في الخليل تمهيدًا لاحتفالات المستوطنين بما يُسمى "عيد سبت سارة". سياسيًا، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صياغة "رد مناسب وحازم يوضح للعالم أنه لن تقوم دولة فلسطينية أبدًا".

الأهوال الاسرائيلية التي لا تنتهي والتي تصعب أي عملية للسلام، رغم "التباشير" الأميركية المستمرة في هذا الإطار، تأتي على وقع ما يمرّ به لبنان من تصعيد اسرائيلي وسط مخاوف من تجدد الحرب وتنفيذ هجوم "محدود" على "حزب الله". هذا ولا يزال ما صدر عن قوات "اليونيفيل" العاملة في الجنوب بخصوص بناء إسرائيل لجدار يتجاوز الخط الأزرق يلقي بثقله على المشهد العام، على الرغم من نفي إسرائيل لذلك. في حين أكدت الأمم المتحدة المعلومات المتداولة، وأوضح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن "الجدار الخرساني الذي أقامه الجيش الإسرائيلي منع السكان المحليين من الوصول إلى مساحة تتجاوز أربعة آلاف متر مربع من الأراضي اللبنانية". وأضاف أن جزءًا من جدار آخر قيد الإنشاء شرقي بلدة يارون ويتجاوز بدوره الخط الأزرق. وفي بيان منفصل، شددت "اليونيفيل"، من جهتها، على أنّ وجود إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية وأعمال البناء التي تنفذها يشكلان انتهاكًا لقرار مجلس الأمن 1701 ولسيادة لبنان وسلامة أراضيه.

الرئيس اللبناني جوزاف عون علّق على ما يجري بالتأكيد أن لبنان سيتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد ما تقوم به اسرائيل وتخطيها للخط الأزرق، الذي هو خط رسمته الأمم المتحدة، ويفصل لبنان عن إسرائيل وهضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل. هذا التوسع الذي تقوم به قوات الاحتلال دون حسيب أو رقيب يزيد من الانقسام العامودي في البلاد مع محاولات من قبل عدة دول من أجل منع الأمور من التدهور. على صعيد آخر، أفيد بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيلتقي السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى غدًا الاثنين في وقت جدد الأخير، خلال اللقاءات التي عقدها في مقر إقامته في عين التينة، أن "أي تفاوض سياسي غير وارد من دون ممانعة لبنان إدخال مدنيين في مسار المحادثات عبر ما يُعرف بالميكانزيم". 

وفي حين يحاول لبنان تجنب تجرع كأس الحرب التي لم ينتهِ بعد من تداعياتها، تأخذ سوريا المزيد من خطوات الانفتاح على الدول وكسر العزلة مع مطالبتها بإزالة العقوبات المفروضة عليها للانطلاق نحو تعزيز الاقتصاد وبالتالي معالجة المشاكل والشؤون الاقتصادية والمعيشية. ولكن الوضع الداخلي في البلاد يزيد من حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق حكومة الرئيس أحمد الشرع. ففي أخر التفاصيل، ذكرت "الإخبارية السورية" أن اشتباكات جرت بين قوى الأمن الداخلي، وما وصفتها بـ"العصابات المتمردة" في السويداء على محور ولغا بعد خرق المسلحين لوقف إطلاق النار مجددًا. أما قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، فقد أعلنت، من جهتها، بأنها أحبطت هجومًا شنته فصائل تابعة للحكومة السورية في شرق الرقة، مؤكدة جاهزيتها للرد على أي اعتداء جديد "يعكس حالة الفوضى والعبثية التي تنتهجها بعض الفصائل التابعة لحكومة دمشق". 

ومن سوريا إلى ايران التي أكدت على لسان المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، بأنها تسعى لتنمية علاقاتها وتوسيعها مع روسيا ومع دول الخليج، مشيرة إلى أن بلادها تتعاون مع موسكو في مجال الطاقة النووية. وحذّرت المتحدثة من تكرار الهجمات الإسرائيلية على بلادها، وقالت: "إذا تكرر الخطأ، فإن العدو سيتلقى ردًا أقسى وأشد من الردّ الماضي. لا نعير أي أحد اعتبارًا في الدفاع عن حياة أبناء شعبنا ووحدة أراضينا وسيادتنا الوطنية". في المقابل، رأى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن "إيران تتصرف كدولة قراصنة وترهب الممرات البحرية باعترافها باختطاف سفينة تحمل علم جزر مارشال". كلام الأخير جاء بعد تبني "الحرس الثوري"، في وقت سابق، احتجازه ناقلة نفط تحمل علم جزر مارشال كانت تنقل 30 ألف طن من البتروكيماويات إلى سنغافورة.

وفي الأحداث الأخرى، دعا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، المجتمع الدولي إلى تقديم دعم عاجل لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، مؤكدًا أن الدعم الحالي أقل بكثير من المطلوب لمساعدة المدنيين المتضررين. أما اوكرانيا، فقد أعلنت أنها استهدفت مصفاة نفط روسية في منطقة قرب موسكو، وذلك غداة هجوم روسي كبير على العاصمة كييف أسفر عن مقتل 7 أشخاص، وفقًا لأحدث حصيلة.

هذه المستجدات والتطورات كانت محط اهتمام الصحف العربية الصادرة اليوم، وهنا أبرز ما تم تداوله:

اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن المهم في القرار الخاص بالقوة الدولية في غزة "ليس حصوله على التفويض الشرعي من مجلس الأمن، بل آلية تطبيقه والتزامه بالأهداف المعلنة، وفي صدارتها انتهاء الحرب وبدء عهد جديد من الاستقرار وتسريع عمليات الإغاثة الإنسانية ووقف الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة". وأردفت قائلة "رغم وجود بعض التفاؤل بأن تكون النوايا صادقة والتنفيذ حياديًا، هناك مخاوف مشروعة من أن يكون مصير القرار المتوقع على غرار عشرات القرارات السابقة، التي اتخذها مجلس الأمن بدعم أمريكي، ولكنها بقيت حبرًا على ورق ولم تلتزم بها إسرائيل، واصطنعت المبررات لإبطالها، وقد تفعل الشيء نفسه مع هذا القرار، في ضوء توجهات الأجندة المتطرفة الحاكمة اليوم في تل أبيب".

من جانبها، تحدثت صحيفة "الجريدة" الكويتية عما أسمته الانفتاح السعودي على لبنان "مع اقتراب زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان لواشنطن، التي يتوقع أن يبحث خلالها ملفات المنطقة، لاسيما الأوضاع في إيران ولبنان وسورية وغزة"، مشيرة إلى ان البعض شبّه هذا الدور السعودي "الذي قد يكون الهدف منه المساهمة في تأسيس مسار سياسي جديد بلبنان، بمداولات اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، لكن هذه المرة هذا "الطائف" يُراد له أن يُعقد في لبنان وفي مجلس النواب بالتحديد، على أن تكون هناك جلسات مفتوحة هدفها توافق القوى السياسية المختلفة على الالتزام بالدستور والطائف والالتزام بتطبيقه وتنفيذ كامل بنوده".

وتحت عنوان "هل راجع يتعمّر لبنان"؟، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية أن الرياض مع لبنان في كل الظروف وبمختلف أشكال الدعم، "لكنه عندما أصبح يعيش فراغًا مؤسسيًا كبيرًا، وتدخلات خارجية خطيرة، ونفوذًا مسلحًا غير خاضع لسلطة الدولة، لم يعد ممكناً للسعودية أن تقدم دعمًا اقتصاديًا وهي تعرف أنه سيذهب هباءً في ظل تلك الأوضاع، ولا أن تسمح لمستثمريها وعموم مواطنيها بالذهاب إلى بلد بلا قوانين ضامنة لحماية الأموال والأرواح". وإذ تحدثت عن الدعم السعودي المستمر، أكدت أن "هناك أطرافًا خارجية وداخلية ما زالت تستهويها المقامرة بلبنان وشعبه، لا تريد له الخروج من فلكها. هذه الأيدي العابثة هي التي يجب على الدولة اللبنانية والشعب تحييدها من تشكيل المشهد كي تبدأ مرحلة التعافي كخطوة أساسية في رحلة النمو والازدهار المأمول"، بحسب تعبيرها.

(رصد "عروبة 22")
?

برأيك، ما هو العامل الأكثر تأثيرًا في تردي الواقع العربي؟





الإجابة على السؤال

يتم التصفح الآن