صحافة

"المشهد اليوم".. تل أبيب تُصَعِّدُ هَجَمَاتِها و"حَماس" تدعو لِلَجْمِ الاحتلال!موجةٌ جديدةٌ من الغاراتِ الاسرائيليةِ على لبنان.. وخطةُ ترامب تضعُ أوكرانيا أمام خيارٍ "صعب"


فلسطينيون يحملون ما تبقى من أمتعتهم وسط الدمار في جباليا بقطاع غزة (أ.ب)

تتسارع وتيرة المستجدات السياسية في الشرق الأوسط وأوروبا وذلك بسبب الخرق الاسرائيلي المستمر لاتفاق وقف النار في غزّة ولبنان وتصعيد الاعتداءات وتوسيع رقعة المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة. أما الوضع في أوكرانيا، فحدث ولا حرج، بعد إعلان واشنطن عن خطة لإنهاء الحرب المتواصلة في البلاد وسط غموض يلّف بنودها ومخاوف من تنازلات "جوهرية" ستضطر كييف إلى تقديمها لموسكو نتيجة الضغوط الأميركية على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وفي التفاصيل، شنّت القوات الاسرائيلية، فجر وصباح أمس، سلسلة من الغارات العنيفة على قطاع غزة ترافقت مع عمليات نسف وقصف مدفعي وإطلاق نار استهدف مناطق عدة خلف ما بات يُعرف بـ"الخط الأصفر". وتتذرع تل أبيب بتدمير بنى تحتية عسكرية تابعة لـ"حماس" أو الرّد على هجمات "مزعومة" على جنودها من أجل دك القطاع بالصواريخ، في وقت لا تبدي فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أي موقف لإلزام اسرائيل باحترام الاتفاق الذي حشد له الأخير قادة ودول العالم وتم الاعلان عنه بإحتفالية ضخمة في شرم الشيخ. وهذا ما يعني أن الأوضاع لا تشهد تحسنًا بل على العكس فإن التقارير الاعلامية تؤكد أن التبرعات المخصصة لغزة قد انخفضت بشكل ملحوظ منذ دخول الهدنة الهشة حيّز التنفيذ بينما الواقع على الأرض مغاير تمامًا مع استمرار اسرائيل بالتحكم بالمساعدات والمعابر وإبقاء السكان في حاجة ماسة للطعام والغذاء والعلاجات الطبية.

هذه الخروقات المتكررة تناولتها حركة "حماس" التي جددت دعوة الوسطاء للتدخل العاجل لوقفها وطالبت بالضغط على إسرائيل للكشف عن هوية مسلح زعمت أن الحركة أرسلته لمهاجمة قواتها، وهو ما تذرعت به لشنّ غارات مكثفة على القطاع. كما نفت على لسان القيادي في الحركة عزت الرشق ما تم نشره من قبل مصادر إسرائيلية تحدثت عن أن "حماس" أبلغت المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بأن اتفاق وقف الحرب قد انتهى. بدورها، طالبت الخارجية الفلسطينية مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته وتطبيق القرار 2803 بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، والذي تم اعتماده يوم الاثنين الماضي. هذا وكانت مصادر طبية أفادت باستشهاد ما لا يقل عن 23 فلسطينيًا جراء موجة الضربات الاسرائيلية لترتفع الحصيلة إلى 340 شهيدًا منذ بدء تطبيق اتفاق وقف الحرب في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

في الأثناء، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الغارة التي استهدفت سيارة في حي الرمال أسفرت عن مقتل مسؤول قسم التسلح في "كتائب القسام" علاء الحديدي، مشيرة إلى أن ذلك تم بالتنسيق مع المركز الأميركي في "كريات غات" جنوب تل أبيب، الذي يراقب وقف إطلاق النار. وتجد الحركة الفلسطينية نفسها في موقع شديد الصعوبة، فهي لا تستطيع العودة إلى الحرب والقتال مجددًا خاصة أن الاوضاع الانسانية لسكان القطاع مأساوية كما انها لا تستطيع القبول بما تقوم به قوات الاحتلال من تعديات صارخة والمزيد من قضم أراضي القطاع وتوسيع نطاق "الخط الأصفر" وتهجير المزيد من الفلسطينيين الذين يعيشون أصلًا في بيوت آيلة للسقوط أو في خيم على أنقاض منازلهم. وحتى الساعة فإن مباحثات المرحلة الثانية متوقفة نتيجة العراقيل التي يضعها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يتحجج برفات الإسرائيليين الثلاثة التي لا تزال مفقودة وسط الركام، ما يعني أن البحث في عملية إعادة الاعمار والانسحاب الاسرائيلي "مؤجلة" حتى إشعار أخر.

وبينما تحصد أخبار غزة الاهتمام وتحتل صدارة المتابعات، تعيش الضفة الغربية المحتلة في "نكبة" متجددة بسبب اعتداءات المستوطنين الوحشية ورصاص الاحتلال الذي يخلف يوميًا المزيد من الشهداء والجرحى ناهيك عن عمليات التهجير وسلب الأراضي التي تجري على قدم وساق في إطار تضييق الخناق على السكان. فخلال النصف الأول من الشهر الجاري، أفادت "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" الفلسطينية بأن قوات الاحتلال والمستوطنين نفذوا أكثر من 1076 حالة اعتداء على الفلسطينيين، تضمنت 31 عملية هدم، بالإضافة إلى 18 عملية تجريف أراض ومنشآت. كما أشار التقرير إلى استشهاد 10 فلسطينيين، بالإضافة إلى اعتقال 130 فلسطينيًا خلال الأسابيع الأولى من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي. وتشكل هذه الخطوات تحديًا لإدارة ترامب من جهة كما للمجتمع الدولي خاصة بعد موجة الاعترافات الأخيرة بالدولة الفلسطينية والتنديد بالأفعال الاسرائيلية الصارخة في الضفة.

إلا ان اسرائيل لا تولي اهتمامًا لأي أحد، فهي تستفيد من الدعم الأميركي ومن عجز العالم عن التحرك لمحاسبتها و"الانفلات الاخلاقي" لمواصلة اجرامها. فما يحصل في غزة والضفة ليس بعيدًا عن التطورات اللبنانية وشنّ غارات يومية بينما تلاقي تل ابيب دعوات للبنان للتفاوض غير المباشر بمزيدٍ من العمليات والنيران من أجل زيادة الضغوط على الحكومة لسحب سلاح "حزب الله"، ولو كان ذلك على حساب السلم الأهلي. وكانت كلمة رئيس الجمهورية جوزاف عون، بمناسبة الذكرى الـ82 للاستقلال، وضعت النقاط على الحروف بعدما قدم وجهة نظر الدولة الرسمية التي أكد أنها مستعدة للتقدم بجدول زمني واضح ومحدّد لتسلّم الجيش اللبناني النقاط المحتلة في الجنوب، معلنًا الجهوزية الكاملة للتفاوض لإنهاء الاعتداءات. وانتقد عون، بشكل صريح وواضح "حزب الله"، لكن دون أن يسميه، معتبرًا أنه يعيش "حالة من الإنكار والمكابرة" بعد التغيّرات التي عصفت بالمنطقة.

بدوره، شدّد قائد الجيش العماد رودولف هيكل أن خطة الجيش في منطقة جنوب الليطاني، "تسير وفق الجدول الزمني المحدَّد لها"، موضحًا أن المؤسسة "تحرص على أفضل العلاقات مع الدول والجيوش الصديقة"، وذلك بعد نحو أسبوع على تأجيل زيارته إلى واشنطن بسبب اللغط الذي حصل بعد انتقاده العمليات العسكرية الاسرائيلية التي لم تتوقف، حيث شهدت مناطق في جنوب البلاد وشرقها غارات متتالية استهدفت محيط بلدات الجرمق والمحمودية ومرتفعات الجبور ومحيط مقام النبي سجد في النبطية. كما نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي ضربات في جرد شمسطار في قضاء بعلبك. في المقابل، قالت هيئة البث الإسرائيلية إنه تم "مهاجمة منصات إطلاق صواريخ قصيرة المدى جنوب لبنان كانت موجهة إلى إسرائيل". وأضافت: "في غارة بمنطقة البقاع هاجمنا موقعَيْن عسكريَيْن لـ"حزب الله"، رُصِدَ داخلهما نشاطات لعناصر، بالإضافة إلى مستودعات أسلحة ومبانٍ عسكرية أخرى".

على المقلب السوري، التهديدات الاسرائيلية تزعزع الاستقرار في البلاد التي تشهد أوضاعًا أمنية غير مستقرة رغم محاولات الحكومة الحالية بسط سيطرتها واستعادة زمام الأمور. وتسعى دمشق لضبط علاقتها مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وتحقيق اندماج عناصرها في الجيش السوري، إلا ان الترتيبات والمحادثات تسير في خطى بطيئة خاصة بعد الاشتباكات العنيفة بين الطرفين خلال الأيام القليلة الماضية. هذا وكانت جددت تركيا تأكيدها ضرورة تحقيق الاندماج بشكل كامل، تنفيذًا للاتفاق الموقّع بين قائدها، مظلوم عبدي، والرئيس السوري، أحمد الشرع، بدمشق في 10 آذار/ مارس الماضي. وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن "البنية الحالية لـ"قسد" تقوّض وحدة سوريا وتهدّد الأمن القومي لتركيا وتعرّضه للخطر"، محذرًا في الوقت ذاته من أن "انتهاكات إسرائيل وسلوكها العدائي في جنوب سوريا يشكّلان تهديدًا لاستقرارها". وتراقب أنقرة الأوضاع عن كثب خاصة أن لها مصالح استراتيجية تريد الحفاظ عليها بعد مساهمتها الرئيسية في إسقاط نظام بشار الأسد.

تزامنًا، دعا الرئيس السوري أحمد الشرع الشعب السوري إلى التوحد والتضافر فيما بينهم "لبناء هذا البلد". وقال، في كلمة ألقاها لدى وصوله للمشاركة في فعاليات حملة "فداء لحماة"، أن "التحديات السورية كثيرة وسنقوى عليها"، مؤكدًا أن سوريا في مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت تستعد لـ"معركة ردع العدوان"، وأنه "رغم كل الظروف التي كانت تدعو لإلغاء المعركة، أكملت البلاد بهمة الشعب حتى النصر"، مشدداً أيضًا على أن سر نجاح المعركة كان الائتلاف الذي حدث بين الفاعلين في الثورة السورية. وتهدف حملة جمع التبرعات المحلية التي أطلقتها الحكومة السورية الحالية المساهمة في إعادة إعمار وترميم مدارس ومشافٍ ومراكز صحية واتصالات وطرق وجسور ومشاريع مياه وصرف صحي ومساجد، وبناء منازل للمُهجّرين في وقت لا يزال هذا الموضوع تشوبه الكثير من الاعتبارات رغم تأكيد عدة دول، وعلى رأسها دول عربية، استعدادها لأن تسهم في العملية بشكل فعّال.

دوليًا، نفى الرئيس دونالد ترامب أن تكون خطته لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية عرضًا نهائيًا، رغم إعلانه، الجمعة، عن مهلة لكييف لقبولها واضعًا مزيدًا من الضغوط عليها، فيما لفت زعماء أوربيون، في بيان مشترك، إلى أن الخطة تحتاج إلى "عمل اضافي". وجاء في بيان صدر بعد اجتماع القادة في جوهانسبرغ: "إن المسودة الأولية للخطة المكونة من 28 بندًا تتضمن عناصر مهمة ستكون أساسية لتحقيق سلام عادل ودائم". وأضاف البيان: "نتمسك بمبدأ عدم جواز تغيير الحدود بالقوة. كما نشعر بالقلق إزاء القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية، التي قد تترك أوكرانيا عُرضةً لهجومٍ مستقبليّ".

في سياق متصل، ستعقد مباحثات اليوم بين الولايات المتحدة وأوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي في جنيف حول الخطة بحضور وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو، والموفد الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، ووزير الجيش دانيال دريسكول. وكان زيلينسكي أعلن رفضه، في اول ردّ فعل على الخطة، معتبرًا أن بلاده قد تضطر للاختيار بين التضحية بكرامتها وحريتها وبين خسارة أهم حليف لها.

المعطيات السياسية الراهنة شكلت مدار بحث واهتمام الصحف العربية الصادرة، حيث جاء فيها:

أشارت صحيفة "الغد" الأردنية إلى أن "الضفة الغربية تبدو اليوم وكأنها تقف على حافة انفجار واسع، في ظل تزايد اعتداءات المستوطنين واتساع الحملات العسكرية الإسرائيلية إلى جانب ضعف واضح تعيشه السلطة الفلسطينية على مستوى القيادة والتمثيل الشعبي". وقالت: "هذا التداخل بين عوامل الضغط الخارجي والعجز الداخلي يجعل احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة أقرب من أي وقت مضى، خاصة مع تحول الأحداث اليومية والأرقام الميدانية إلى مؤشرات مباشرة على تراجع السيطرة السياسية والأمنية".

من جانبها، اعتبرت صحيفة "الأهرام" المصرية أن "لا قيمة لرفض "حماس" قرار إنشاء القوة الدولية، بعد أن وقعت على مبادرة ترامب في قمة شرم الشيخ ووافقت على نزع السلاح وخروجها نهائيًا من المشهد سياسيًا وإداريًا والقبول بوجود دولي في القطاع بلا سقف زمني". وأضافت "أمام انسداد الأفق السياسي ماذا تملك سلطة الحكم الذاتي فى رام الله ونتنياهو يراوغ في وقف الحرب ويختلق الذرائع لاستمرار القتل والتجويع وسحق المستضعفين من النساء والأطفال ويفتح جبهات القتال في الضفة وسوريا ولبنان وترامب يدعم ويبارك"، وفق تعبيرها.

أما صحيفة "الدستور" الأردنية، فكتبت "نتنياهو يريد استئناف موجة التطبيع الجديد، ودون أي تنازل سياسي وحقوقي، ودون إقامة دولة فلسطينية، ولا حتى فتح مسار لإحياء مشروع لدولة، ودون أي تنازل عن أهداف حربه الكبرى في غزة ولبنان وسورية، ودون التفاوض أو التنازل عن ضم الضفة الغربية والقدس، والجولان، والأراضي السورية المحتلة الجديدة والقديمة". وأردفت "ما لا يدركه نتنياهو أن الشرق الأوسط حالة أمريكية، ولا تغيير يمكن أن يتم دون وخارج الحسابات الأمريكية، وحتى أن الدول الكبرى في الإقليم والمُصابة بعُقد تاريخية وتوسع إمبراطوري، وتمدد جيوسياسي، فإنها تعمل داخل المجال والساحة الأمريكية، ومن يُغرّد خارج السرب الأمريكي، يتلقى ضربة قاسية على الرأس والأحشاء".

في سياق منفصل، تطرقت صحيفة "الخليح" الإماراتية إلى المشهد الاوكراني بعد خطة ترامب، معتبرة أنه "لا بدّ من مخرج سياسي لتجاوز الجمود، ولا توجد على الطاولة إلا خطة ترامب التي أقر الطرفان الأمريكي والروسي بوجودها، لكنها تتطلب مسارًا طويلًا من المفاوضات"، موضحة أن الخطة "سلّطت ضغطًا غير متوقع على كييف، ما اضطرها إلى التفاعل معها سريعًا وتشكيل وفد للتفاوض مع الأمريكيين أولاً، بينما ما زالت روسيا لم تقل كلمتها الأخيرة، التي تتوقف على نتائج المفاوضات مع الأمريكيين أيضًا، وربما تتأجل حتى عقد قمة ثانية بين ترامب وبوتين".

(رصد "عروبة 22")
?

برأيك، ما هو العامل الأكثر تأثيرًا في تردي الواقع العربي؟





الإجابة على السؤال

يتم التصفح الآن