بصراحة شديدة، ودون أى مجاملات أو تحفظات، أشعر- وأتمنى أن يكون شعورى ذلك خاطئًا- أن المحنة السودانية، الحالية وغير المسبوقة فى تاريخ السودان – سوف تكون معولًا إضافيًا لتحطيم أى مصداقية أو فاعلية، ولو طفيفة للغاية! ... للجامعة العربية. وهذه هى أسبابي: أن السودان – ابتداءً- عضو قديم فى الجامعة العربية، انضمّ إليها فى نفس سنة استقلاله، أي 1956. وكان مشاركًا فاعلًا فى جميع أعمالها.. (وربما نتذكر نحن بالذات مؤتمر الخرطوم الشهير فى 29 اغسطس 1967 بعد شهرين ونصف الشهر تقريبًا من هزيمة يونيو 1967... مؤتمر اللاءات الثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض! ) .
غير أنّ المهم هنا، أن المشكلة أو الأزمة (والتى أسمّيها المحنة) السودانية الحالية كانت – منذ يومها الأول - محل بحث مستمر فى الجامعة العربية، فكانت على رأس أعمال الدورة غير العادية لمجلس الجامعة، بناءً على دعوة مصر والسعودية، فى منتصف أبريل الماضى. وفيها طالب مندوب السودان الجامعة بالتوصية بترك الأمر للسودانيين دون تدخل دولى. كما طالبت مصر بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين.
وفى 2مايو تنبّأ الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط أنه: قد يحصل وقف لإطلاق النار فى الخرطوم خلال أسبوع أو اثنين. وفى السابع من مايو عقد مجلس الجامعة، برئاسة مصر، اجتماعًا طارئًا ،لبحث تطورات السودان. ولكن... هل تعرفون ماذا تفعله اجتماعات الجامعة العربية؟ إنها تجتهد فى صياغة البيانات الدقيقة التى ترضي جميع الأطراف!
أما على الأرض فى السودان، فلا تزال الأطراف تتصارع، غير مبالية بما يجرى فى مقر الجامعة العربية، ولا يزال الملايين من أبناء الشعب السودانى الفقراء، يقتلون ويصابون ويشردون، بعد أن لاذ القادرون منهم بالفرار خارج البلد. ولكن لا بأس، فقد نجح مندوبو الدول فى الجامعة فى الوصول – والحمد لله- إلى بيان متوازن!.
الأهرام