صحافة

هل هناك مفاجأة في انتخابات الرئاسة؟

عماد الدين حسين

المشاركة
هل هناك مفاجأة في انتخابات الرئاسة؟

هل هناك مفاجأة في نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية التي تم إعلانها عصر يوم الإثنين الماضي بفوز الرئيس عبدالفتاح السيسي بفترة ولاية ثالثة ويفترض أن تكون الأخيرة بنسبة ٨٩٫٦٪؟!

الإجابة هي لا قاطعة. وأظن أن كل المتابعين والمراقبين والمصريين كانوا واثقين من فوز السيسي بما فيهم المرشحون المنافسون الثلاثة.

القراءة في النتائج تقول إن أهم رقم على الإطلاق هو نسبة المشاركة غير المسبوقة والتي بلغت ٦٦٪، وبما أن فوز السيسي كان متوقعا، فإن ما لفت نظري في الأرقام التي أعلنها المستشار حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات هو الملاحظات الآتية:

الأصوات الباطلة بلغت ٤٨٩٣٠٧ أصوات بنسبة ١٫١٪ فقط، وهي أقل نسبة أصوات باطلة على الإطلاق طوال السنوات العشر الماضية حيث بلغت في انتخابات ٢٠١٤ نحو ٧٪ وحلت في المركز الثاني بعد الرئيس السيسي وقبل المرشح الرئاسي حمدين صباحي الذي حصل وقتها على 3.09%. وفي انتخابات 2018 بلغت أيضا أكثر من 7% متفوقة على المرشح الوحيد وهو موسى مصطفى موسى الذي حصل على 2.9% فقط.

والقراءة السريعة في هذا الرقم تعني أن المقاطعين لم يذهبوا إلى الصناديق أصلا، وبالتالي فقد انخفضت النسبة، إضافة إلى أن المعارضين للرئيس السيسي صوتوا للمنافسين الثلاثة، وإذا صحت هذه القراءة فإن المرشحين الأربعة وأنصارهم من الأحزاب والقوى المختلفة نجحوا في حشد الناخبين، في حين أن كل دعوات المقاطعة ذهبت أدراج الرياح، والدليل هو نسبة المشاركة المرتفعة ٦٦٪.

الملاحظة الثانية أن المفاجأة الأساسية ونقطة السخونة الأساسية كانت تتعلق بمن يحتل المركز الثاني، وقبل بدء الانتخابات كان هناك ما يشبه الإجماع على أن السباق سيكون بين حازم عمر وفريد زهران، وتمكن حازم عمر من حسم السباق لصالحه رغم أن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي لديه كوادر سياسية مدربة ومؤهلة وكانت تشارك في أحزاب كثيرة قبل ثورة يناير ٢٠١١. والمؤكد أنه ينبغي أن تتم دراسة ظاهرة صعود حزب الشعب الجمهوري بدقة، وكيف تمكن من الفوز بـ٦٧ مقعدا في مجلس النواب والشيوخ، ليحتل المركز الثالث بعد حزبي «مستقبل وطن» و«حماة وطن»، والآن حصد المركز الثاني بأصوات بلغت ١٫٩٨٦٫٣٥٢ بنسبة 4.05٪ خلف الرئيس السيسي.

علينا أن ندرس ونفهم ونعرف الآلية التي عمل بها الحزب، وكيف تمكن من حسم المركز الثاني، وهي نسبة مهمة قد تجعل هذا الحزب يلعب دورا مهما في الفترة المقبلة إذا واصل العمل بطريقة علمية وعملية معتمدا على كوادر شبابية جديدة طبقا لما عرفته من بعض قادة الحزب حينما سألتهم عن آليات عملهم خلال عملية الانتخابات.

الحزب المصري الديمقراطي أدى بصورة طيبة جدا بالنظر إلى ظروفه المختلفة وقصر الحملة الانتخابية، وبرنامجه كان متميزا من وجهة نظري خصوصا في الجوانب الاقتصادية والسياسية والحقوقية، ومثّل بديلا فعليا لبرنامج الرئيس السيسي، وكثيرون راهنوا على أن يحتل فريد زهران المركز الثاني، لكنه جاء ثالثا بفارق ضئيل عن حازم عمر بعدد أصوات ١٫٧٧٦٫٩٥٢ مليون صوت، بنسبة ٤٪.

أما المرشح الوفدي عبدالسند يمامة الذي حل في المركز الأخير بأصوات ٨٢٢٦٠٦ ألف صوت وبنسبة ١٫٩٪ من بين ٤٤٫٢ مليون صوت، فكان احتلاله هذا المركز مفاجأة للبعض، ومؤكدا لدى البعض الآخر. وقد اندهشت كثيرا من قول الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد الأسبق للإعلامي أحمد موسى على قناة «صدى البلد» مساء يوم السبت الماضي أن يمامة كان واثقا من الفوز بالرئاسة !!! ولا أعرف من أين استمد هذه الثقة رغم أنه لم ينل حتى ثقة كامل أعضاء حزبه قبل ترشحه للانتخابات.

حزب الوفد هو أقدم حزب في مصر وأفريقيا والمنطقة العربية وهذه نتيجة سيئة للحزب ولتاريخه. وأظن وطبقا للتقاليد السياسية في الأحزاب المحترمة فإنه ينبغي أن يقدم الدكتور يمامة كشف حساب لحزبه عن السبب في هذه النتيجة.

وعلى الحزب أن يدرس بهدوء كيف وصل إلى هذه المرحلة وما الأسباب الفعلية لذلك. هل السبب هو شخص الدكتور يمامة فقط ــ وله كل التقدير الاحترام ــ أم أن المشكلة في مواقف الحزب المتذبذبة والمترددة والتي جعلته رجع صدى لمعظم سياسات الحكومة منذ سنوات وتقديري أن السبب الثاني هو الأدق.

أظن أن هناك الكثير من الملاحظات التي يفترض أن تخضع للنقاش بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية.

("الشروق") المصرية

يتم التصفح الآن