واصلت الصحف العربية، الصادرة اليوم، مواكبة تطوّرات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع سباق محموم بين مفاوضات تجديد الهدنة ومشاورات مجلس الأمن الدولي، حيث فرضت ضرورات تفادي الفيتو الأميركي تأجيلًا جديدًا للتصويت في المجلس على مشروع قرار خاص بالوضع في غزّة إلى اليوم الخميس، في وقت يرتفع فيه منسوب التفاؤل بإمكانية التوصل إلى هدنة جديدة في القطاع، لا سيما في ضوء المحادثات التي يجريها رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية مع المسؤولين المصريين في القاهرة، بالتوازي مع تكثيف الدوحة جهودها مع الجانب الإسرائيلي لتعزيز فرص إنجاح اتفاق الهدنة الجديدة.
وفي حين عاد البيت الأبيض ليؤكد أنّ "مباحثات الهدنة جادة للغاية"، بعدما كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعرب عن اعتقاده بصعوبة التوصل قريبًا إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزّة، استبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جانبه أي وقف لإطلاق النار في قطاع غزّة قبل أن تحقّق تل أبيب "كل الأهداف التي وضعتها، وفي مقدمها القضاء على حماس". كما صعّدت قوات الاحتلال بالتزامن من عملياتها العسكرية في جنوب لبنان، حيث شنّت غارات مكثفة على طول القرى الحدودية، بالتزامن مع خرق طائراتها الحربية جدار الصوت فوق قرى أبعد من الحدود، على وقع إعلان رئيس الأركان الاسرائيلي هرتسي هاليفي أنّ "الحدود الشمالية (مع لبنان) لن تعود كما كانت".
وفي مقابل هذه التطورات والمستجدات، أشارت صحيفة "الخليج" الإماراتية إلى أنّ "الرئيس الأميركي يواجه مأزقًا سياسيًا جديًا على المستويين الداخلي والخارجي على حد سواء، فعلى المستوى الداخلي تؤكد استطلاعات الرأي تدني وتآكل مستوى شعبيته في مقابل تزايد شعبية غريمه التقليدي دونالد ترامب. أما على المستوى الخارجي، فإنّ الرصيد الإيجابي الذي كان يتمتع به بايدن على خلفية قيادته لتحالف غربي قوي ضد روسيا ومحاولة شيطنتها بعد اجتياحها لشرق أوكرانيا، ذهب أدراج الرياح نتيجة دعمه الكامل لحرب إسرائيل على قطاع غزّة".
بينما لفتت صحيفة "الوطن" البحرينية إلى أنّ "سياسات الولايات المتحدة في العقد الأخير متذبذبة ومترددة وحائرة بين تلبية استحقاقات أمنها ورفاهيتها وسلامتها، لأنها بين قرارين متناقضين تمامًا لبعضهما البعض، حائرة بين الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط وبين البقاء وتحمّل تبعات البقاء"، معتبرةً أنّ "التحالف الدولي الذي حرّك وزير الدفاع الأميركي وجعله يزور المنطقة لتشكيله، خطوة ضرورية وهامة جدًا لكنها متأخرة جدًا وتكشف عن ضعف استشرافي وسوء تقدير للموقف".
بدورها، اعتبرت صحيفة "الدستور" الأردنية أنّ "نتنياهو يملك قدرة المناورة للتحايل على الضغط الأميركي والمماطلة لكسب أسابيع وأسابيع"، وسألت: "هل حقا قَلَبَ الأمريكيون ساعة الرمل، في تحذير لنتنياهو من نفاد الوقت الذي تتحمّل الإدارة فيه ضغط الناخبين الديمقراطيين الشباب، الذين يرون أنّ دعم إسرائيل لم يعد مقبولًا، لانه يتسبّب في القتل والدمار المريع في قطاع غزّة، ولأن إسرائيل لم تعد في خطر؟".
أما صحيفة "الأهرام" المصرية فرأت أنّ "واشنطن اختارت هدفًا صعبًا لتأمين الملاحة الدولية في مدخل البحر الأحمر بعد تعرّض بعض السفن لمخاطر أمنية عند مرورها، وتجاهلت أن الموقف في المنطقة لا يحتمل المزيد من الأساطيل، ففيها ما يكفيها من جيوش وقواعد عسكرية، ولا تحتاج لتحالفات يتم تشكيلها، وهناك قوة المهام المشتركة وروافدها الأمنية، وتضم دولًا رئيسية مطلة على البحر الأحمر، خلت منها المبادرة الجديدة متعددة الجنسيات".
على صعيد متصل، أفادت صحيفة "الجريدة" الكويتية بأنّ "رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية اصطحب معه مجموعة من القيادات العليا الموجودة في الخارج للقاهرة، لإجراء مباحثات معمّقة لوقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل جديدة مع إسرائيل قبل إرسالهم واحدًا أو أكثر منهم للتفاوض على الشروط مع رئيس الحركة داخل القطاع يحيى السنوار"، وكشف مصدر مطّلع أنّ "هنية سيدخل إلى غزّة عبر الحدود المصرية للقاء قيادات "كتائب القسام" وأعضاء المكتب السياسي بالقطاع، لبحث سبل وقف النار المستمر منذ 75 يومًا".
أما صحيفة "الشروق" الجزائرية، فرأت أنّ "أغرب ما يمكن أن تسمعه هذه الأيام أنّ أطرافًا رفعت لافتة محاسبة المقاومة على "مغامراتها"، حتى قبل أن تضع الحرب أوزارها، وفي ظل ما يكابده الفلسطينيون في غزّة من جرائم قتل وتجويع، وما تظهره الفصائل من صمود في وجه أقوى جيوش المنطقة"، مشيرةً إلى أن "المؤسف في هذه القضية كلها أننا كنا ننتظر خطابًا للمصالحة ونبذ الانقسام واستغلال نتائج هذه المعركة والبناء عليها سياسيًا، من أجل التوافق حول مرحلة جديدة لفرض إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، في ظل هذا الزخم الدولي وحالة الوهن التي يعيشها الاحتلال والتي ستتعمّق أكثر بعد أن تضع الحرب أوزارها".
(رصد "عروبة 22")