صحافة

نتنياهو يسعى لتفجير المنطقة

عماد الدين حسين

المشاركة
نتنياهو يسعى لتفجير المنطقة

مفاجأة: إسرائيل تريد توسيع الحرب لتصبح إقليمية. ولا تقتصر فقط على قطاع غزة، بل تمتد لتشمل منطقة الشرق الأوسط بأكمله، وياحبذا لو كانت ضد إيران أو مصر.

قد يستغرب البعض ذلك، وله كل الحق، لأن البديهي يقول إن من مصلحة إسرائيل أن تحصر قتالها في قطاع غزة فقط حتى تتمكن من إنجاز مهمتها المعلنة وهي القضاء على حركات المقاومة وتحرير الأسرى الإسرائيليين.

أوضح دليل على أن إسرائيل تريد توسيع الحرب هو اغتيالها لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري وخمسة من مساعديه مساء الثلاثاء الماضي في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت بصاروخين موجهين من طائرة مسيرة.

قد يسأل البعض ويقول: وهل مجرد اغتيال العاروري دليل على أن إسرائيل تريد توسيع الحرب؟

نعم، هو دليل مهم ضمن أدلة أخرى.

أولا: تدرك إسرائيل أنه في اللحظة التي ستقوم فيها باغتيال قيادى كبير بوزن العاروري في لبنان فإن حزب الله ومن خلفه إيران سوف يقرران الرد، فما البال حينما تتم عملية الاغتيال في مقر حزب الله ومركز ثقله وهي الضاحية الجنوبية؟!

ثانيا: الولايات المتحدة أرسلت حاملتي الطائرات فورد وأيزنهاور إلى قبالة السواحل الإسرائيلية لتمنع أي طرف خصوصا إيران أو حزب الله من المشاركة في الحرب ضد إسرائيل، وهي نجحت إلى حد كبير في هذا الأمر، وكانت رسالتها الواضحة أنه لن يسمح بتوسيع الحرب، لكن كان ملحوظا أن واشنطن سحبت حاملة الطائرات فورد من البحر المتوسط في الأسبوع الماضي. وكان المنطق يقول إن إسرائيل التي فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة في غزة لن تغامر بفتح جبهة ثانية شاملة مع حزب الله.

سيقول قائل ولكن هناك حربا فعلا بين إسرائيل وحزب الله. لكن الإجابة الصحيحة تقول إن هناك صراعا منضبطا إلى حد كبير. حزب الله يقصف شمال إسرائيل فعلا وجعل غالبية سكانه يهربون، وإسرائيل ترد، لكن الطرفين لا يتعديان الحدود المرسومة التي لا تجعل الأمر يتحول إلى حرب شاملة. لكن باغتيال العاروري فإن إسرائيل تعدت كل الخطوط الحمراء وسعت بكل قوة لتحويل ما هو صراع منضبط إلى حرب شاملة.

سؤال آخر: ولماذا تفضل إسرائيل ذلك وهي لم تستطع حتى أن تحسم الحرب في غزة؟ الإجابة ببساطة، متضمنة داخل السؤال، فهي وبسبب أنها لم تحسم الحرب في غزة، ولم تحقق أيا من أهدافها المعلنة. بل قتلت آلاف المدنيين ودمرت نصف غزة، فإن حكومة نتنياهو تسعى للهرب إلى الأمام بهدم المعبد فوق رأس الجميع، وبدلا من أن يلومها الإسرائيليون على فشلها الشامل في ٧ أكتوبر. أو على فشلها في تحقيق أهداف العدوان في غزة، وعدم عودة الأسرى، وعدم عودة سكان المستوطنات إلى بيوتهم في غلاف غزة أو الجليل شمال فلسطين المحتلة، فإن الحل السحري لذلك هو إشعال وتفجير المنطقة بأكملها.

نتنياهو فشل في كل الجبهات إضافة لزيادة الصراعات الداخلية في إسرائيل سواء داخل حكومته المتطرفة، أو بين الحكومة والجيش، أو بين الحكومة والمعارضة وأهالي الأسرى، أو بعض الإعلاميين أو بدء الاختلاف مع الإدارة الأمريكية التي تطالبها بتهدئة الأمور والانتقال إلى مراحل مختلفة من العدوان بسبب زيادة الاحتجاجات العالمية على العدوان.

من أجل كل ما سبق، وبدلا من أن يستقيل نتنياهو ويعترف بفشله، فإنه حاول وسيحاول توسيع الحرب لتصبح إقليمية.

في اللحظة التي أصدر فيها أمرا بتنفيذ عملية اغتيال العاروري فإنه يسعى بكل الطرق إلى استدراج إيران لحرب شاملة وليس عبر الوكلاء، وهو يحاول أن يستفز حزب الله ليدخل المعركة بكل قوته، لكن من الواضح أن إيران حتى هذه اللحظة لم تقرر أن تدخل الحرب بكل قوتها، ولكن بعمليات منضبطة عبر الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي العراقي.

لا يمكن أيضا إغفال محاولات نتنياهو ومتطرفيه من محاولات استفزاز مصر واستدراجها إلى حربه المجنونة.

التصريحات التي تصدر من نتنياهو وبعض وزرائه المتطرفين، هدفها استفزاز مصر.

هو يريد أن يقول لشعبه إنه سيدخل المعركة الشاملة ليس ضد هذه الميليشيا أو تلك ولكن ضد إيران أو مصر، وبالتالي تفلت كل الأمور.

ووقتها لن يفكر الناس في فشله الاستخباري أو العسكري، والسياسي، أو الانقسام الذي سببه في المجتمع الإسرائيلي، بل في الحريق الكبير الذي سوف يشتعل في كل المنطقة.

السؤال: ما هي فرص نجاح نتنياهو في مخططه؟.

("الشروق") المصرية

يتم التصفح الآن