في فترته الرئاسية الأولى اتخذ الرئيس ترامب سياسة انعزالية شعارها أمريكا أولا، ففترت علاقاته بحلفائه الغربيين، وتقلص الدور الأمريكي ضمن منظومات حلف الأطلسي والناتو والأمم المتحدة والمناخ وغيرها، بينما مدّ الجسور مع الرئيس بوتين، ووطأت قدماه أرض تراب كوريا الشمالية والتقى زعيمها المهووس بتطوير أسلحته النووية ليصل مداها للمدن الأمريكية ووصفه بالشخص الرائع والذكي!
لم يكن العالم الغربي وقتها يشهد حرباً في أوكرانيا ولا صراعاً مفتوحاً مع روسيا، ولم تكن الصين على هذا القدر من العدوانية تجاه تايوان، فكيف يمكن أن يكون الحال وترمب رئيساً لأمريكا في يناير القادم؟!
بلا شك لا يحتمل حلف الناتو أي إشارات ضعف في وحدته وصلابة قوته في ظل الحرب الأوكرانية، ولا تحتمل أوكرانيا تراجع الدعم الأمريكي لمقاومة الهجمة الروسية الشرسة على أراضيها، ولا يحتمل الشرق الآسيوي الأقصى أي غياب أمريكي يمنح الصين وروسيا وكوريا الشمالية المجال لمد نفوذها وزيادة تهديداتها وإضعاف دول شرق آسيا واليابان في مواجهة خطط الهيمنة الصينية ونزاعات سيادة الجزر والحدود البحرية!
في الشرق الأوسط تخلّى الرئيس ترامب في فترته الأولى عن دعم السلطة الفلسطينية وقوض أعمال المنظمات الإنسانية الدولية في الأراضي المحتلة بوقف تمويلها، ورغم إلغائه للاتفاق النووي واغتيال قاسم سليماني إلا أن أنشطة الأذرع الإيرانية في المنطقة والميليشيات التي يدعمها الحرس الثوري لم تتوقف ولم تتراجع، فهو لم يجرؤ على اتخاذ قرارات حاسمة للقضاء على مشروع الحرس الثوري في العراق وسورية و لبنان واليمن، ولن يكون الحال في الشرق الأوسط المشتعل حالياً أفضل منه الآن مع عودة ترامب!
الرئيس ترامب يظهر شخصية شرسة في التعامل مع أصدقائه وخصومه في نفس الوقت، لكن ما يزيد شراستها خطورة تأثير مشاعره الشخصية عند اتخاذ المواقف والقرارات والتحدث علناً في وسائل الإعلام، لكن التعايش معه ليس مستحيلاً وربما ليس خياراً، فاحتمالات فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة تتزايد، لذلك على العالم أن يتهيأ منذ الآن للتعامل مع ٤ سنوات أخرى من ترامب، وقد سمعت مسؤولاً خليجياً كبيراً نجحت بلاده في التوافق مع ترامب يقول: تعلمنا في علاقاتنا معه ألا نهتم بتصريحاته بل بأفعاله، فليقل ما يشاء في الإعلام ما دمنا نحصل على ما نشاء في الاجتماعات!.
("عكاظ") السعودية