اتهمت إسرائيل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بالتعاون مع حركة حماس وضلوع 12 من موظفيها مباشرة أو بطريق غير مباشر في عملية «طوفان الأقصى» (...) وشن وزيرا الخارجية والدفاع الإسرائيليان هجوما شديدا وواسعا ضد الأونروا، وأبديا أنه يتعين محاسبتها لتمهيد الطريق حتى لا يكون لها دور في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع، وطالب وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش بطرد الأونروا وموظفيها من قطاع غزة بعد إقامة حكم عسكري إسرائيلي فيها، وإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في القطاع.
وكان ملفتًا مشاركة كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، وفنلندا، وهولندا، وإيطاليا، وسويسرا، واليابان، وفرنسا، وآيسلندا، وغيرها، بتعليق مساهماتها المالية للأونروا، وهي مساهمات في غاية الأهمية وتمثل أكثر من 60% من ميزانية الأونروا، المسؤولة عن نحو 5,9 مليون لاجئ فلسطيني منهم نحو 1,7 مليون لاجئ في قطاع غزة، بالإضافة إلى النازحين بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة وما أحدثته من قتل ودمار وتجويع لسكانها الذين وجدوا في مدارس ومنشآت الأونروا ملاذا لهم لم يسلم من القصف بالقنابل الإسرائيلية. ومن ثم، فإن تعليق هذه الدول مساعداتها للأونروا يأتي في توقيت بالغ الحرج والخطورة.
الحقيقة أن مسارعة هذه الدول بتعليق مساهماتها المالية للأونروا تتسم بالمبالغة والحماس في تأييدها لإسرائيل في مواقف تتعارض مع كل القيم والمبادئ لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في ظل عملية تهجير قسري وإبادة جماعية تمارسها إسرائيل دون أن تعبأ بالقانون والمبادئ والقيم الإنسانية. وذلك بدلا من انتظار نتائج التحقيقات، ووضع المخالفات، إذا ثبتت صحتها، في حجمها دون مبالغة أو تجاوز.
والحقيقة أن عداء إسرائيل للأونروا ليس جديدا، حيث ترى أن رعايتها للاجئين الفلسطينيين منذ 1951 حتى الآن تحقق عدة أمور ليست في صالح إسرائيل، أهمها الحفاظ على بقاء قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق من يرغب منهم في العودة إلى ديارهم وتعويضهم عن ما لحق بهم من خسائر وأضرار وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وهو ما ترفضه إسرائيل منذ صدوره حتى الآن. ودور الأونروا في تعليم وعلاج اللاجئين الفلسطينيين مما رفع مستواهم التعليمي وجعلهم قادرين على إدراك حقوقهم التي اغتصبتها إسرائيل، واستعدادهم للدفاع عنها بكل الوسائل بما فيها المقاومة المسلحة، وهو ما يقلق إسرائيل طول الوقت.
كما أن تضامن الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل في العمل على إضعاف دور الأونروا أو استبدالها بمنظمات أممية أخرى ليس جديدا، فقد سبق في عهد الرئيس ترامب أن أوقف المساهمات الأمريكية للأونروا عام 2017، وطالب مع إسرائيل بإنهاء وجودها وتحويلها إلى إدارة في المفوضية السامية الدولية للاجئين للأمم المتحدة، ولم تنجح هذه المحاولة لحصول الأونروا على تأييد أغلبية أعضاء الأمم المتحدة في الجمعية العامة التي تتبعها. ولن تتوقف هذه المحاولات التي يتعين الحشد العربي بالتعاون مع المجموعة الأفريقية، والإسلامية، ودول عدم الانحياز، والدول الإسكندنافية، وروسيا، والصين، ومعظم دول أمريكا اللاتينية، لدعم وزيادة تمويل الأونروا حاليا وفي المرحلة القادمة إلى أن تتم تسوية عادلة ومقبولة لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
