أن تتحدث مع الشباب بلغتهم، وأن يخاطبهم من هم في مثل سنهم أو من أجيال متقاربة يعيشون معهم تطورات الزمن ويواجهون نفس الأزمات ويحاولون حلها بنفس الوسائل والمنطق وأساليب التفكير العصرية.. فأنت تعلم جيداً أن أي كلمة ستقولها وأي مشروع تطرحه وأي فكرة جديدة تقدمها ستصل إليهم مباشرة وسيتقبلونها ويستوعبونها بشكل عملي بل ويتأثرون بها وتكون درجة تفاعلهم معها عالية ومباشرة.
مجلس شباب اللغة العربية الذي ولد قبل عام وجاء ثمرة تعاون بين مركز أبوظبي للغة العربية ومركز الشباب العربي، ومبادرة بالعربي التابعة لمؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، ومركز «زاي» لبحوث اللغة العربية في جامعة زايد، يملك تلك القدرة على تقريب المسافة بين الشباب العربي واللغة الأم، وقادر أيضاً على تقريب المسافة بين اللغة العربية وتطور العصر وأدواته، فترتدي اللغة أزياء شبابية دون التخلي عن عراقتها وأصالتها، محاولة فهم متطلبات الأجيال الفتيّة ولغتهم وأسباب ابتعادهم عنها هرباً باتجاه أي لغة أجنبية وغربية.
هذا المجلس الذي يسعى إلى تحقيق الهدف المنشود من إنشائه، وهو إعادة إحياء العلاقة بين الشباب العربي ولغته، ما ينعكس إيجاباً وبشكل تلقائي على استعادة اللغة مكانتها في مجتمعاتنا العربية وفي المدارس والجامعات حيث تتراجع بشكل كبير أمام الزحف الأجنبي وتباهي الشباب بلكنتهم الغريبة وتقليدهم للغرب ونطقهم بلسانه معظم الوقت وفي كل دردشاتهم وحواراتهم بين بعضهم البعض. شباب اللغة العربية قادر على جعل اللغة العربية شابة مواكبة لهذا العصر فيحبها الشباب ويرتبط بها ويتمسك أكثر فأكثر بهويته ويفتخر بها؛ ففي العام الماضي شارك المجلس بمختلف الفعاليات الثقافية والمحافل داخل الإمارات، وشارك قبل أيام في معرض مسقط الدولي للكتاب، في نسخته ال28 في العاصمة العُمانية، حيث قدّم ورشة عمل عن «إنتاج محتوى رقمي ثري باللغة العربية وبمعايير عالمية، وناقش مستقبل المحتوى الرقمي بوجود الذكاء الاصطناعي، وعرّف جمهور المعرض بأدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها لدعم المحتوى الرقمي العربي، وعلى الإمكانات المتاحة لحضور اللغة العربية في أحدث مجالات العصر»..
نتفاءل بهذا الرباط بين «العربية» وشبابنا، إذ لطالما ناشدنا وتمنينا العمل على كسر الجمود بل الجليد الذي يحول دون تقريب المسافة بين الأجيال الجديدة ولغتهم الأم، وتقريب المسافة بين اللغة العربية ولغة العصر يثمر نجاحاً بلا شك، ما يؤدي إلى خلق لغة مشتركة بينها والشباب، طالما أنها أصبحت تستخدم وسائلهم العصرية المتطورة وتواكبهم وتتطور مع تطورهم. اللغة المشتركة بين «العربية» والشباب تعتمد على قدرتنا على استيعاب تطور الفكر والزمن ووسائله، وأهمية التحدث مع الشباب بالوسائل العصرية، والذهاب إليهم لا الوقوف في مكان بعيد وانتظار لفتة منهم.
("الخليج") الإماراتية