صحافة

العدوان على غزّة.. والموقفان الصيني والروسي!

جمال زهران

المشاركة
العدوان على غزّة.. والموقفان الصيني والروسي!

لعل استمرار العدوان الصهيوني، على غزة.. واستمرار القتل والهدم، في إطار مخطط الإبادة البشرية الممنهجة لشعب فلسطين عامة، وغزة على وجه الخصوص، له من التداعيات الخطيرة التي ننبه إليها، حيث إن الأوضاع ستخرج عن السيطرة، والمرشح هو الحرب الشاملة والفوضى الأعم في الإقليم كله. فكون أن يتجاوز عدد الذين استشهدوا وأصيبوا، عدد الـ(100) ألف مواطن فلسطيني في غزة فقط، وخلال (5) أشهر!!، دون رادع من المجتمع الدولي، سواء على مستوى الدول الكبرى أو المنظمات العالمية والإقليمية، فضلا عن الدمار الشامل لكل غزة، وتم تشريد أهلها، وعدم التمكين من إيصال المساعدات الكاملة لهؤلاء المشردين، وعدم التمكين من علاج المصابين، أو نقلهم، وغلق المعابر، بالمعوقات الصهيونية، لهو أمر خطير للغاية، وستكون تداعيات ذلك، بلا سقوف نهائيا.

كما أن إصرار أمريكا ومعها الدول الأوروبية الكبرى (بريطانيا – ألمانيا – فرنسا – إيطاليا)، على الانفراد بإدارة الأزمة والتحكم فيها، والاستمرار في الحصار الرسمي على شعب غزة، واستمرار التجويع حتى الموت للأطفال والنساء وكبار السن، دون إتاحة الفرصة للدول العظمى الأخرى (روسيا/ الصين) على وجه الخصوص، لهو إصرار على استمرار المشروع الاستعماري، من مخلفات الحربين العالميتين الأولى والثانية في النصف الأول من القرن العشرين الفائت، ولا تزال هذه المخلفات مركزة في المشروع الصهيوني منذ وعد بلفور 1917م، وحتى الآن (أكثر من مائة عام)!.

لذلك فإن الإقليم يعيش حالة غير مسبوقة على الإطلاق، ومهدد عربيا وشرق أوسطيا، على قرب تعرضه إلى التفكك، إذا ما لم تجبر أمريكا وأوروبا، على وقف العدوان الصهيوني/الأمريكي، على الشعب الأعزل، وهو عار على الإنسانية، وسيسجل في صفحات التاريخ.. بلون الحبر الأسود، ووقف هذا المشروع الصهيوني عند هذا الحد، وإعادة النظر في السياسات التي يتعاملون بها مع هذا الإقليم وشعبه، وما لم يتم ذلك، فإن حقبة سوداء ستعيشها المنطقة، والأخطر هو حالة الفوضى الشاملة، مع الحرب الشاملة المتوقعة، حال استمرار هذه الحالة العدوانية، والتخريبية والتدميرية، غير المسبوقة في التاريخ الإنساني. إلا أن ما هو أخطر، ما ورد في خطاب حالة الاتحاد، ذلك ما قرره الرئيس (بايدن)، من أنه أمر الجيش الأمريكي، بتنفيذ فوري، لميناء بحري في غزة، يصل بين قبرص وغزة، ليكون جسرا لنقل المساعدات، إلى شعب غزة، بدلا من المعابر البرية في رفح وغيرها!! ودون إبداء أي أسباب أكثر من ذلك! الأمر الذي يطرح علامات استفهام ضخمة جدا!. فهل رق قلب بايدن، ذلك الذي سارع لدعم نتنياهو، وحكومته الإرهابية، واستمرار العدوان حتى إبادة الشعب الفلسطيني وإخلاء غزة تماما؟!. وهل استهدف بذلك، السيطرة على سواحل غزة، وآبار الغاز فيها لمصلحة الأمريكان؟!.

وهل استهدف بذلك أيضاً، الاحتلال الأمريكي لسواحل غزة، للتحكم في الإقليم، وإنهاء الوجود الفلسطيني، دعما للكيان الصهيوني، وتشجيعاً للفلسطينيين على الترحيل إلى قبرص وأوروبا؟!.

المؤكد هو: أن الحكومة الصهيونية، فشلت في تحقيق أي هدف معلن لها في غزة، منذ «طوفان الأقصى» وعلى مدار أكثر من خمسة أشهر! وبدلا من الإعلان عن الفشل الصريح، تم طرح بديل يحقق أهدافا استعمارية جديدة، ويؤكد التورط الأمريكي المباشر في العدوان على غزة وشعبها، وتدميرها، والإسهام في إحكام الحصار على هذا الشعب الأعزل، بما في ذلك وقف الدعم لوكالة الأونروا لغوث الشعب الفلسطيني، وتحريض الدول الداعمة على وقف الدعم!. وهنا يتفجر السؤال: أين روسيا والصين، مما يجري على الأرض في مواجهة خصمهما المتمثل في الولايات المتحدة وحلفها الأوروبي، ومما يجري للشعب الفلسطيني من تعرضه لإبادة جماعية منظمة وممنهجة وبلا توقف؟! فالواضح حتى الآن، هو أن الدولتين، تقدمان الدعم المعنوي فقط، سواء في داخل مجلس الأمن بإعاقة أي إدانة للشعب الفلسطيني وللمقاومة تجاه الكيان الصهيوني!، أو سواء بإعلان صيني عن الدعم لأجل قبول عضوية فلسطين، كعضوية كاملة في الأمم المتحدة، بدلاً من صفة المراقب! أو سواء بجهد روسي، في استضافة حركات المقاومة الفلسطينية، لجمع الشمل، والتنسيق فيما بينها أو معها! أو بأحاديث بوتين، الناقدة للسلوك الأمريكي المؤيد للكيان الصهيوني! وهنا أطالب الدولتين الساعيتين لمنافسة القطب الأمريكي، وعلى أرض أخطر الأقاليم وهو الشرق الأوسط، تغيير سياستهما من التردد حتى الآن، وينتقلان من سياسات الحياد السلبي، إلى التشارك والتشابك بالوجود الفعلي في القضية الفلسطينية.

("الأهرام") المصرية

يتم التصفح الآن