قرار مجلس الأمن حول غزّة

أخيرًا وبعد طول انتظار، تخلله استمرار عملية الإبادة الجماعية لأصحاب الأرض في غزة، صدر قرار مجلس الأمن لوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، والإفراج عن جميع الرهائن بدون شروط.

القرار هو الأول من نوعه منذ أن بدأت إسرائيل حملتها العسكرية الكبيرة على سكان قطاع غزة بعد ظهر 7 أكتوبر الماضي وحتى اليوم. فبدعم أمريكى خاصة وغربي عامة، امتنع مجلس الأمن عن أداء وظيفته بدعم السلم والأمن الدوليين، ما جعل البدان العربية وعديد البلدان المحبة للسلام في أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا إلى دعوة الجمعية العامة أكثر من مرة لاستصدار ما عجز عنه مجلس الأمن لوقف العربدة الصهيونية بشراكة أمريكية.

القرار الذي صدر عن مجلس الأمن هو قرار ملزم، ويحتم قيام إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، حيث تقف مئات الشاحنات فى انتظار الدخول، لتواجه سياسة التجويع العمدي لسكان غزة، في مشهد لم تألفه المعمورة في التاريخ الحديث.

بالطبع القرار الدولي امتنعت عن التصويت عليه الولايات المتحدة، لتبرز دعمها للإبادة الجماعية لسكان غزة، وتثبت أمام المترددين أن ما تسعى إليه من إنشاء ممر إنساني بحري، ما هو إلا خديعة كبرى الغرض منها دعم التهجير الرضائي لسكان القطاع، وعدم القبول بإشراف حماس أو وجود أي دور لها في توزيع المساعدات ما يجعلها تفتقد لحاضنتها الشعبية بالقطاع، إضافة بالطبع إلى الخلاص عمليا من جزء معتبر من مهام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) القائمة على مساعدة هؤلاء، والتي تمارس عملها منذ 1948 حتى اليوم.

القرار الدولي يحتم على إسرائيل التنفيذ الفوري، وقد هددت إحدى الدول في أمريكا اللاتينية بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وهي كولومبيا، إذا ما امتنعت عن تنفيذ القرار الدولي. لكن مقابل ذلك فإن القرار لا يمنح أي وسيلة تجبر الكيان الصهيوني على ذلك، هنا يشار إلى أن إسرائيل انتقدت القرار بشدة، فاعتبرته متسرعا لأن المجلس ندد بأحداث المسرح الروسي منذ أيام ولم يدن أحداث مهرجان نوفا منذ يوم 7 أكتوبر الماضي، متناسية أن أحداث 7 أكتوبر وقعت في أراضٍ فلسطينية محتلة خارج نطاق قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين إلى دولتين عام 1947، وأنها عملية ارتبطت بتاريخ لا حصر له من الانتهاكات الصهيونية ضد البشر وسرقة الموارد وتنديس المقدسات.

الولايات المتحدة على لسان مندوبتها في مجلس الأمن اعتبرت القرار الدولي السابق غير ملزم، وذلك على عكس ما يقول به ميثاق المنظمة الدولية بشأن قرارات مجلس الأمن، وهي في هذا الشأن لا تهدف لإغضاب إسرائيل ذنبها وساعدها الأيمن الاستعماري في المنطقة، هي تجاهد ضد نتنياهو ليس لكونه يسعى للنيل من الحقوق الفلسطينية، بل لأنها ترى أن ما يقوم به لا يخدم بقاء إسرائيل، ويزيد من عزلتها دوليا. ومن ثم فإن الوقف الكامل لإطلاق النار لن يكون على الأرجح قريبا.

لكن بالمقابل فإن القرار الدولي أيضا يفترض أن يكون دافعا للتوصل إلى هدنة تريدها حماس وقف كامل لإطلاق النار، وهو ما تسعى كل من مصر وقطر له، وبه تنفرج ولو جزئيا أزمة الرهائن والسجناء بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ومشكلة التجويع وعودة السكان لمساكنهم. المفاوضات الحالية تقف إسرائيل عقبة في إحراز أى تقدم بها، لأن رئيس الوزراء الصهيوني نتانياهو يريد إطالة أمد الحرب، التي بنهايتها ينتهي مستقبله السياسي إلى الأبد لإخفاقه في منع هجوم 7 أكتوبر، ولتاريخه الفاسد على المستوى الداخلي. لكن المؤكد أن كل شيء سيكون له نهاية.

("الشروق") المصرية

يتم التصفح الآن