صحافة

علم المستقبليات والاحتياج العربي

شيماء المرزوقي

المشاركة
علم المستقبليات والاحتياج العربي

مع أن النظرة نحو المستقبل، والعمل وفق متطلباته، باتت نهجاً ومطلباً، ومع أننا جميعاً ومنذ القدم، وحتى عصرنا الراهن، نعمل ونجد ونجتهد، لأننا نستهدف المستقبل المشرق، ويتضح هذا المفهوم، منذ مقتبل عمرنا، ونحن نتوجه نحو مقاعد الدراسة والتعليم، بهدف الحصول على الشهادة الدراسية العليا، البوابة نحو الوظيفة، وبداية الحياة العملية، إلا أن مفهوم المستقبل أوسع وأشمل، وقد بات علماً يُدرّس.

ويقدر أنه منذ النصف الثاني من القرن العشرين، أخذ مكانته بين العلوم التعليمية المعرفية، ولأنه يهتم بالتوقع والتحليل، ودراسة التغيرات، وأيضاً يحاول فهم ما يحدثه التطور التقني ودخول التكنولوجيا، في مجالات الحياة المختلفة، من الاقتصاد، والسياسة، والمجتمع، والثقافة، ونحوها، توسع وانتشر. والحقيقة أن علم المستقبليات، كما يطلق عليه، يستهدف ما هو أبعد، وصولاً لتطورات المجتمعات، والثقافات، والتكنولوجيا، ويقوم بتحليل الاتجاهات، وأيضاً أي عوامل ومسببات قد تؤثر في ما قد يحدث في المستقبل. ولهذا العلم منهجية، وأدوات ومعطيات، واتجاهات، من التحليل، والاحتمالية، والرياضيات، والاستشراف، ورصد توجه التكنولوجيا وخطواتها، ونمو الابتكارات ومجالاتها.

وكما أسلفت هو علم يتوسع ويتطور، لأنه يدخل في مجالات مهمة جداً، مثل التخطيط، سواء للشركات أو الحكومات، بل حتى على مستوى الأفراد، وتكمن الأهمية، أيضاً في تقصيه عن المخاطر ومساهماته في اتخاذ القرارات، وبالتالي التطوير والتقدير وتجنب الأخطاء.

علم المستقبليات، بات معتمداً في بعض الجامعات والكليات، على مستوى العالم، وهناك خطوات تطوير له مستمرة، وبرامجه الأكاديمية ترتكز على دراسة المستقبل، ومحاولة معرفة التغيرات والتحولات المحتملة، وأيضاً أثر التطور والتقدم البشري، بل إن هذا العلم باتت له درجاته العلمية، من البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ومن مجالاته التحليل الاستراتيجي، ووضع الاحتمالات بالاتجاهات المستقبلية، ودراسة المخاطر واحتمالاتها، ووضع سيناريوهات عن المستقبل، وتقدير الأحداث المستقبلية، وأثرها في المجتمع والبيئة.

في عالمنا العربي، هناك حاجة ماسة لهذا العلم، ليكون نافذة نحو المستقبل، ومن خلاله نجهز كوادر بشرية، لديها إلمام بالآليات والطرق والمهارات، التي يمكن نهجها واتباعها. حتى لا يكون المستقبل مفاجئاً لنا، ونعيش سنوات في حيرة، ومحاولة فهمه وتقبله، بل لنكون فاعلين ورواداً، كما يحدث في الإمارات، والتي تعتبر رائدة في هذا المجال، بل تعمل في المستقبل. نحتاج إلى تأسيس أقسام علمية، ونحول المستقبل ومفاهيمه، لعلم يُدرّس ويتم تعليمه.

("الخليج") الإماراتية

يتم التصفح الآن