الشهداء، يتساقطون على جانبي الطريق؛ لأنّ الطغاة يسيرون وسطها- محمد الماغوط.
في عام 1956، خاطب المقبور موشيه ديان، قائد جيش الاحتلال الصهيوني، جمعًا من المستوطنين، وهو ينظر باتجاه غزة قائلًا «ما السبب الذي يجعلنا نشكو كراهيتهم الشديدة لنا؟ منذ ثماني سنوات، يعيشون في مخيمات اللاجئين في غزة، وأمام أعينهم نحول الأرض والقرى التي عاشوا فيها هم وأجدادهم إلى موطننا. نحن جيل من المستوطنين، وبدون الخوذة الفولاذية وماسورة البندقية لن نتمكن من زراعة شجرة أو بناء منزل. دعونا لا نخاف من رؤية الكراهية التي ترافق وتستهلك حياة مئات الآلاف من العرب الذين يجلسون حولنا، وينتظرون اللحظة التي ستمكّن أيديهم من الوصول إلى دمائنا.»
سار أبناؤه على دربه، فأهلكوا كل شيء في غزة، وخلّفوا جيلاً نشأ على كراهيتهم، ينتظر بفارغ الصبر يومًا قريبًا للانتقام. لكنه أغفل أن كراهية هذا الكيان ستمتد لتشمل جميع شباب العالم الأحرار!
التطرف هو الوصفة المفضلة التي تستخدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها لإشعال الحروب. لقد أعطوا هذا المبرر للكيان الصهيوني الغاصب لقتل أطفال غزة وتحقيق مصالح الإمبريالية، ودعموه بالسلاح ودافعوا عنه في المحافل الدولية.
بنفس هذه الحجة، قتلوا حوالي ستة ملايين مسلم ومسيحي، وأجبروا 37 مليون شخص على الهجرة من منازلهم فيما سموه «الحرب على الإرهاب».
في الإبادة الجماعية التي تجري في غزة، قدموا وصفة مجانية لجيل قادم يكره الصهيونية ويرفض الظلم، تشمل هذه الوصفة:
1- رؤية الكيان الصهيوني يرفض وقف إطلاق النار، رغم موافقة حماس عليه، وبكل عنجهية يحتل معبر رفح.
2- منع الكيان الصهيوني وصول المساعدات، قتل عمال الإغاثة، وارتكب المجازر بحق الجوعى.
3- سماع تصريحات الساسة التي تعتبرنا كحيوانات بشكل إنسان، واستحضار آيات تلمودية للقيام بالمجازر، وتصريحات تدعو لقطع الكهرباء والماء والغذاء عن أهل غزة، أو ضربهم بالقنابل النووية.
4- رؤية الموقف العربي المتخاذل تجاه فلسطين.
5- الاستيقاظ والنوم على وقع الإبادة الجماعية والمجازر المرتكبة بحق أهلنا في غزة، مع شعورنا بالعجز المطلق.
6- الانحياز الكامل للولايات المتحدة للكيان الصهيوني.
7- بناء الولايات المتحدة ميناء للمساعدات الإنسانية من أنقاض منازل الغزيين التي اختلطت بجماجم الأطفال، والعلم بأن هذا الميناء لا علاقة له بالإنسانية، بل لسرقة غاز غزة.
8- تهديد أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي للمحكمة الجنائية الدولية إذا تجرأت على توجيه اتهامات للمسؤولين الصهاينة بارتكاب جرائم حرب.
9- مشاركة بايدن في ذكرى الهولوكوست دون الالتفات إلى أكثر من أربعين ألف شهيد فلسطيني.
10- حصول صحيفة نيويورك تايمز على جائزة بوليتزر لتغطيتها حرب غزة وهي التي كانت بوقا للصهيونية، حيث طالب كبار صحافييها السابقين رئيس تحريرها بتغطية حيادية للإبادة الجماعية.
11- تعامل الشرطة الأمريكية بعنف مفرط مع المتظاهرين الشباب في الجامعات، وإشادة الرئيس الأمريكي بسادية الشرطة.
12- يتهم السياسيون الأمريكيون الشباب بالتطرف ومعاداة السامية، بينما يرون تضامناً واضحاً من اليهود معهم خلال مظاهراتهم، وتعرضهم للعنف من قبل الصهاينة.
13- عندما يرى الشباب الأمريكيون أن سياسييهم الفاسدين قد اُشْتُرُوا بالمال الصهيوني. وأن الصهاينة يؤثرون في مركز اتخاذ القرار لديهم.
14- عندما يُغْلَق تطبيق تيك توك لحياديته، بينما تبقى بقية التطبيقات التي تؤيد الرواية الصهيونية مفتوحة.
15- عندما يقوم أغنى رجل في العالم ألون ماسك بزيارة الكيان الصهيوني بطريقة طائعة وذليلة بعد أن أُجبر على ذلك، رغم محاولته البقاء محايدًا في بداية الأزمة.
16- عندما يعيش 37 مليون أمريكي على حافة الجوع، بينما تُرسل أموالهم إلى الكيان الغاصب.
تدعم الدراسات وجهة النظر هذه، حيث وجدت دراسة بعنوان «رحلة نحو التطرف في أفريقيا» (Journey to Extremism in Africa)، المنشورة في عام 2017، أن عمليات القتل والاعتقال التي ترعاها الحكومات تؤدي مباشرةً إلى التحاق الشباب بالجماعات المتطرفة. كما حذرت دراسة أخرى لمعهد «راند» نُشرت في عام 2008 بعنوان «التصدي للقاعدة» (Countering al-Qaida)، من أن العمليات القتالية في المجتمعات الإسلامية قد تؤدي إلى انضمام واسع النطاق لصفوف الجماعات المتطرفة، نتيجة الظلم الشديد والنفور الذي تعاني منه هذه المجتمعات جراء العمليات العسكرية.
قد أكون قد أخطأت في عنوان المقالة فما يقوم به الكيان، ومن خلفه الولايات المتحدة إنما هي وصفة لكنس الاحتلال بعد ان ربيا جيلا محبا للحرية كارها للظلم، فالعالم قبل الطوفان لن يكون بعده أبدا!
("الدستور") الأردنية