أنقذ تخفيض السعودية الطوعي للإنتاج بمليون برميل يوميا في يوليو وتمديده لشهر أغسطس، سفينة النفط من الغرق ومن قرصنة المضاربين في أجواء معتمة ومملوءة بالمخاطر وعدم اليقين.
إن هذا التخفيض يعتبر عاملًا أساسيًا في توجيه أسواق النفط نحو المسار الآمن والأكثر استقرارًا وفي توازن مع معطيات الأسواق والاوضاع الاقتصادية القاتمة وضعف أداء الاقتصاد في أكبر دول مستهلكة ومستوردة للنفط. فإن تمديد خفض الإنتاج يؤكد على مدى حرص المملكة على توازن أسواق النفط وعدم إعطاء فرصة لهؤلاء المضاربين بالاستمرار في تعطيل ديناميكية أساسيات الأسواق نحو المزيد من تقلبات الأسعار وتحقيق المزيد من المكاسب على المدى القصير وعلى حساب مستقبل النفط على المدى الطويل.
وجاءت ردة فعل أسواق النفط على تمديد الخفض إيجابية، حيث استقرت أسعار النفط في نطاق ضيق على مدى الأسبوع الماضي محققة مكاسب للأسبوع الرابع على التوالي؛ بارتفاع برنت 1.5 % الى 81.07 دولارا وغرب تكساس 2.3 % إلى 77.07 دولارا في مواجهة ارتفاع مؤشر الدولار بـ 1.17 % على مدى الاسبوع الماضي إلى 101.1 نقطة. وهذا ما حد من كمية البيع على المكشوف في اتجاه توازن أسعار النفط عند مستوى 80 دولارًا في العقود الفورية وأعلى من أسعار العقود المستقبلية، مما سيخفض من تكثيف بيع المضاربين لجني الأرباح الفورية على حساب استقرار الاسواق.
ولم تتجاوب الأسعار مع تراجع مخزونات النفط التجارية الأميركية بمقدار 0.7 مليون برميل إلى 457.4 مليون برميل وبأقل من المتوقع في الأسبوع المنتهي في 14 يوليو، كما انخفضت أيضا مخزونات البنزين بـ 1.1 مليون برميل 2023. بينما ارتفعت وارداتها من النفط بـ 1.3 مليون برميل يوميا إلى 7.2 ملايين برميل يوميا عن الأسبوع ما قبل الماضي، إلا أن صادراتها النفطية إلى آسيا ارتفعت إلى حد بعيد ما بين 1.5 مليون و 1.9 مليون برميل يوميًا خلال شهر أغسطس، وفقا لمصادر رويترز.
ويأتي ذلك بعد يوم واحد من تمرير مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون الدفاع السنوي الذي يحظر صادرات النفط إلى الصين من احتياطي البترول الاستراتيجي.
وما زال اقتصاد الصين، أكبر مستورد للنفط عالميًا، يعاني من تباطؤ النمو والذي نما بـ 0.8 ٪ في الربع الثاني والأعلى من المتوقع بـ 0.5 ٪، لكنه أظهر التباطؤ على اساس سنوي عند 6.3 ٪، أقل بكثير من التوقعات عند 7.3 ٪. لهذا تعهدت الصين الثلاثاء الماضي بتحفيز الاقتصاد وتطبيق سياسات توسعية وأكثر فاعلية لدعم النمو الاقتصادي، مما سيزيد من نمو الطلب على النفط. وعلى الرغم من ضعف الطلب المحلي الصيني إلا إن إجمالي وارداتها من النفط في يونيو بلغت 12.67 مليون برميل يوميًا. وما زالت تستورد النفط الروسي الرخيص بكميات قياسية، حيث بلع متوسط واراداتها من النفط الروسي 2.13 مليون برميل يوميًا بينما استوردت 1.93 مليون برميل يوميًا من السعودية في يونيو 2023، وفقًا للبيانات الجمارك الصينية.
فقد ساهم تخفيض إنتاج السعودية أولًا وروسيا ثانيًا في استقرار أسواق النفط وكان الدافع وراء انتعاش الأسعار التي كسرت نطاقًا أعلى في يوليو، رغم الشكوك حول آفاق الطلب في الصين وسط تباطؤ اقتصادها. لهذا يبقى تمديد السعودية لتخفيض الإنتاج خلال شهر سبتمبر أو حتى إلى نهاية العام عاملًا حاسمًا في تحديد مستقبل النفط، فما زالت مرونة المعروض عالية والظروف الاقتصادية غير جيدة.
(الرياض)