واصلت الصحف العربية، الصادرة اليوم، مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع حالة من الترقب لمصير الطرح الذي كان قد تقدّم به الرئيس الأميركي جو بايدن في الأيام الأخيرة لوقف النار وتبادل الأسرى. بينما أفادت "منظمة الصحة العالمية" بأن أن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام، وأشارت المتحدثة باسم المنظمة مارغريت هاريس، في بيان، إلى أن الأطفال يتضورون جوعًا، في حين تتواصل المواقف الدولية النابذة للإجرام الإسرائيلي وآخرها ما تجسّد بقرار المالديف الواقعة في المحيط الهندي منع الإسرائيليين من دخول الأرخبيل السياحي، وفق ما أفادت الرئاسة، معلنةً عن تنظيم مسيرة وطنية تضامنًا مع فلسطين.
وتحت وطأة الضغط الداخلي والخارجي، أكد مساعد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ إسرائيل قبلت اتفاقًا إطاريًا لإنهاء الحرب في غزّة تدريجيًا، والذي يدفع به الرئيس الأميركي حاليًا، لكنه وصف الاتفاق بأنه "معيب وبحاجة إلى مزيد من العمل". بينما شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إثر اتصال هاتفي مع كل من بيني غانتس ويوآف غالانت على أنّ اقتراح بايدن "يعزز المصالح الأمنية لإسرائيل" مؤكدًا أنّ "مسؤولية القبول به تقع على عاتق حماس"، أما غالانت فجدد التأكيد على أنّ إسرائيل لن تقبل استمرار حركة "حماس" في حكم قطاع غزة في أي مرحلة خلال عملية إنهاء الحرب، وأن إسرائيل تبحث في أمر البدائل.
في المقابل، أشار مصدر فلسطيني مطلع إلى أنّ إسرائيل هي التي تعرقل عودة السلطة الفلسطينية إلى معبر رفح، لأنها لا تريد للسلطة أن تعود أصلًا إلى قطاع غزّة. وأضاف المصدر المسؤول، لصحيفة "الشرق الأوسط": "حتى الآن لا يوجد اتفاق رغم الحراك الكبير بشأن المعبر. ونحن أبلغنا الجميع أننا مستعدون فورًا لإدارة المعبر والمعابر الأخرى، وفق اتفاقية المعابر 2005". في حين عُقد في القاهرة، أمس الأحد، اجتماع أمني بين مسؤولين من مصر والولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، لبحث إمكانية إعادة تشغيل معبر رفح البري، في ظل تمسك مصر بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من المعبر.
بالتزامن، وإذ تشتد وتيرة الاشتباكات والقصف المتبادل على جبهة الجنوب اللبنانية، شنّت إسرائيل ليل الأحد الاثنين هجومًا على ريف حلب الغربي في سوريا أسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل وإصابة آخرين حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي سياق استشراف آفاق مفاوضات وقف النار، أشارت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أنّ "وأد خطة بايدن أعلن مباشرة وبلا تفكير من قبل نتنياهو، الذي أعلن أنّ شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغيّر، وهي القضاء على قدرات حماس العسكرية، وقدرتها على القيادة، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان ألا تشكل غزّة تهديدًا لإسرائيل، وأضاف إسرائيل ستبقى مصرة على تحقيق هذه الشروط قبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار".
كما لفتت صحيفة "الخليج" الإماراتية إلى أنه "لا يمكن الجزم بإمكانية نجاح الصفقة التي عرضها الرئيس بايدن لتبادل الأسرى وإنهاء الحرب المتواصلة في غزّة منذ ثمانية أشهر، لكن ما هو شبه مؤكد أنّ العرض قلّص مساحة المناورة لدى كل الأطراف، ووضع الجميع أمام فرصة قد تكون الأخيرة بالفعل لجهة إنهاء الحرب أو الغرق في حرب استنزاف طويلة يصعب التكهن بنتائجها".
أما صحيفة "الأهرام" المصرية فاعتبرت أن "إعلان الرئيس بايدن في المقترح الذي قدمه، وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي، يعكس التحول في الموقف الأميركي، الذي كان يرفض الوقف الدائم لإطلاق النار ويتبنى الرؤية الإسرائيلية في التوصل إلى هدنة مؤقتة لتبادل الأسرى ثم تعود إسرائيل بعدها لاستمرار القتال، وأن أقصى ما يمكن أن تقدمه من تنازلات هو أن تكون هدنة طويلة نسبيا لستة أشهر"، مشيرة إلى أن "هذا التغيير يعكس فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة في حرب غزة منذ ثمانية أشهر".
من جانبها، أفادت صحيفة "اللواء" اللبنانية بأنه "مع المساعي الجارية للتوصل إلى ترتيبات وطرح مقترح الرئيس الاميركي جو بايدن موضع التنفيذ في ما خصَّ انهاء الحرب في غزّة، تراهن مصادر لبنانية متابعة على انعكاس ذلك تبريدًا لجبهة الجنوب، وبالتالي الانتقال الى حراك باتجاه إعادة الإعمار ومعالجة النقاط التي تحتلها اسرائيل عند الخط الازرق، في إطار ترتيبات لوقف نار مستديم عند الحدود الجنوبية - الإسرائيلية، يسمح بإعادة المواطنين إلى منازلهم".
بينما أشارت صحيفة "الجريدة" الكويتية إلى أنّ "المواجهات العسكرية المفتوحة في جنوب لبنان بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي دخلت مرحلة جديدة يمكن وصفها بالمرحلة الثالثة بالمعنى العسكري"، موضحةً أنّ "لهذا التصعيد الإسرائيلي مجموعة أهداف، بينها إلحاق أذى تدميري ببنية حزب الله العسكرية في مختلف مناطق الجنوب، واستهداف الكثير من المراكز أو مخازن الأسلحة وضرب وقطع طرق الإمداد، والهدف الآخر هو التأكيد الإسرائيلي على أنّ كل قواعد الاشتباك قد سقطت، وأن أي هدف مباح لها أينما كان على الأرض اللبنانية".
بدورها، رأت صحيفة "الرياض" السعودية أنّ "حرب غزّة بهذه الصورة التي تمت بها وبهذه النتائج التي وصلت إليها غيّرت قواعد اللعبة، وقد تكون الحرب الأخيرة لإسرائيل التي تجري في الداخل الفلسطيني، لأنّ حروب إسرائيل القادمة وفقًا لمناوشاتها الأخيرة مع دول ومنظمات وجماعات في المنطقة قد تكون خارج حدودها، وهذا ما يفرض الخيار الوحيد بأنّ على إسرائيل أن تخضع للسلام وتبادر لمناقشة فكرة دولة فلسطينية، وهو الخيار المتاح لاستقرار المنطقة".
(رصد "عروبة 22")