واصلت الصحف العربية، الصادرة اليوم، مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة وجنوب لبنان، على وقع تكثيف الولايات المتحدة وقطر ومصر جهودها الدبلوماسية للضغط باتجاه انخراط إسرائيل وحركة "حماس" في مقتضيات خريطة الطريق المرحلية لإنهاء الحرب وتبادل إطلاق المحتجزين.
في هذا السياق، أشار الرئيس الأميركي جو بايدن، في مقابلة مع مجلة "تايم" الأميركية، إلى أنّ "نتنياهو يتعرض لضغوط هستيرية للامتناع عن تأييد الصفقة، لكنه أكد بأنه يسعى بكل قوته لتمريرها". وأضاف: "لقد تولّد الانطباع بأنّ نتنياهو معني باستمرار الحرب حتى يحافظ على حكمه، وهناك أساس متين في الواقع لهذا الاعتقاد، لكنه اليوم يؤيد الصفقة". بينما يتوجه بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" وليام بيرنز إلى المنطقة، لمحاولة إحياء مفاوضات غزّة، حسبما نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول أميركي.
وفي المقابل، أعلن القيادي في حركة "حماس" أسامة حمدان أن الحركة أبلغت الوسطاء بأنها لن تعقد أي اتفاق مع إسرائيل بشأن تبادل الأسرى، ما لم يكن هناك موقف واضح من تل أبيب بالاستعداد لوقف دائم للحرب والانسحاب من قطاع غزة. في حين كشف مصدر مسؤول في "حركة الجهاد الإسلامي"، لصحيفة "العربي الجديد"، أنّ الأمين العام للحركة زياد النخالة ونائبه محمد الهندي وصلا إلى العاصمة المصرية القاهرة ليل الثلاثاء الأربعاء، لبحث ملف حرب غزّة.
أما على مستوى جبهة جنوب لبنان، فتتصاعد حدة الهجمات المتبادلة والتهديدات الإسرائيلية بشنّ هجوم عسكري واسع على الأراضي اللبنانية، بحيث نقلت صحيفة "هآرتس" أنّ "الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال أن يطلب منه المستوى السياسي بدء حرب على لبنان"، في حين أفادت "القناة 13 الإسرائيلية" بأنّ مسؤولين في حكومة الحرب الإسرائيليّة طالبوا إسرائيل بـ"نقل ثقلها إلى الشمال"، ورأوا أن على نتنياهو "اتّخاذ قرارات صعبة".
وفي هذا السياق، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآاف غالانت أنّ مجلس الحرب ناقش في اجتماعه أمس "الجهود لمواجهة عدوان حزب الله والقيام بعمل حازم ضده"، في وقت دعا وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير إلى "حرق لبنان كله" ردًا على اندلاع الحرائق في مستوطنات الشمال بسبب صواريخ "حزب الله".
وإذ أكدت وزارة الخارجية الأميركية أنّ "الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية لا يزال خطيرًا" مشيرةً إلى أنّ واشنطن تعمل "على احتوائه"، نفى المكتب الاعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الأخبار والتسريبات عن تحذيرات تلقاها ميقاتي من أنّ العدو الاسرائيلي قد يشن هجومًا واسع النطاق على لبنان، مشيرًا في الوقت عينه إلى إجراء اتصالات دبلوماسية مكثّفة "في سبيل وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على جنوب لبنان".
على صعيد آخر، تكر سبحة الاعتراف بالدولة الفلسطينية إذ وافق برلمان سلوفينيا أمس على قرار الحكومة الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وذلك بعد تبني كل من إسبانيا وأيرلندا والنرويج الخطوة ذاتها. وفي المقابل تستمر الإدارة الأميركية في محاولة تغطية جرائم الحرب الإسرائيلية وترهيب المؤسسات الأممية والقانونية لتمكين إسرائيل من الإفلات من العقاب عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الفلسطينيين، بحيث أقر مجلس النواب الأميركي خلال الساعات الأخيرة تشريعًا يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب قرار مدعيها العام طلب إصدار أوامر اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ومسؤولين إسرائيليين فيما يتعلق بالحرب في غزة.
في هذا الإطار، رأت صحيفة "الشروق" الجزائرية أنّ "زيادة وتيرة الاعتراف الدولي بفلسطين ستزيد من عزلة الكيان الصهيوني، لكن المفارقة أنّ هذا الكيان لا يكترث مطلقًا لهذه العزلة الدولية لأنه كيان اعتزالي، لا يؤمن بالمجموعة الدولية ولا بالقرارات التي تتخذها الهيئة الأممية ومحكمة العدل الدولية والجنائية الدولية، طالما أنه ضامن لبقاء الغطاء الأميركي الذي يوفر له السند والمدد ويحمي ظهره من كل ضربة تستهدفه ويستخدم الفيتو ضد كل قرار يدينه".
من جانبها، أوضحت صحيفة "الوطن" القطرية أنّ "المقترح الأخير لوقف الحرب في غزة حظي بزخم إعلامي وسياسي كبير، لكن تل أبيب ردت بتصريحات متضاربة أدت إلى حالة "الغموض" السائدة، على الرغم من أن الرئيس الأميركي أوضح منذ البداية بأنّ المقترح إسرائيلي"، معتبرةً أن هذا "الغموض" يعني أن "نتنياهو لا يتطلع للحل، بقدر ما يبحث عن وسيلة للبقاء، وكل ما يفعله يدل على أنه اختار المضي قدمًا في حربه المدمّرة.
بينما اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أنّ "الولايات المتحدة تستطيع إرغام إسرائيل على قبول مبادرة رئيسها، وهي تملك الكثير من أوراق الضغط على نتنياهو حتى ولو تخلى عن وزرائه المتطرفين، ومع ذلك فإن المبادرة تحتاج إلى مفاوضات صعبة لتنفيذ مراحلها الثلاث لأن الأمر يتعلق بما سيكون عليه الحال في اليوم التالي".
وأشارت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أنّ "المعركة مستمرة وتحوّلت إلى الصراع السياسي، والعض على الأصابع من قبل طرفي المعادلة، كل منهما يعمل لجعل الآخر موجوعًا، إسرائيل ليس لها مصلحة في وقف إطلاق النار بدون تحقيق إنجازات ملموسة على حركة "حماس" بقتل قياداتها، وإطلاق سراح أسراها بدون عملية تبادل، وحركة "حماس" التي ما زالت صامدة وتوجه ضرباتها لقوات الاحتلال، لها مصلحة في وقف إطلاق النار حماية لقياداتها وتخفيف الأضرار على شعبها".
بدورها، لفتت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أنّ "الليل لا بد أن يعقبه نهار، ولن يفعل الاحتلال أكثر مما فعله، فقد هدم المباني على رؤوس ساكنيها، والمستشفيات، والمدارس، حتى الشهداء لم تسلم جثامينهم من العبث بها، لكن شعب غزّة لم ولن يستسلم، فهو نواة التحرير، وستكون نهاية الاحتلال على يديه".
من جهتها، أوضحت مصادر صحيفة "اللواء" اللبنانية أنّ "نفي بعض الدول الصديقة للبنان، نقل تهديدات إسرائيلية، لا يغير واقع الامر شيئًا، لأنّ التهديدات الإسرائيلية تتواصل على ألسنة المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، يوميًا، وتصاعدت وتيرتها في الأيام الماضية، ما يؤشر بوضوح إلى أن هذه التهديدات جدية، ودخلت في مرحلة خطيرة، وقد يكون توسّع الحرب الإسرائيلية على لبنان، بعدما تعدّت الاطار المعمول فيه منذ اندلاع المواجهات العسكرية بين "حزب الله" وقوات الاحتلال الإسرائيلي جنوبًا، وطالت مناطق بالعمق اللبناني".
كما رأت صحيفة "الجريدة" الكويتية أنه "ليس مصادفة أن يختار وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني أن تكون أول زيارة خارجية له إلى لبنان"، موضحةً أنّ "ذلك يؤشر إلى مدى وعمق الاهتمام الإيراني بالساحة اللبنانية، خصوصًا أنّ "حزب الله" يمثّل درة تاج المشروع الإيراني في المنطقة، وتأتي الزيارة على وقع تصعيد كبير يشهده جنوب لبنان في العمليات العسكرية والمواجهات الدائرة بين الحزب والجيش الإسرائيلي".