قضايا العرب

لغز إعادة تكليف مدبولي.. إبحث عن صندوق النقد!

القاهرة - منال أحمد

المشاركة

للسياسي البريطاني الشهير، ورئيس الوزراء الأشهر ونستون تشرشل مقولة تكاد تنطبق على مسيرة رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي أو بالأحرى تحل لغز استمراره.. يقول تشرشل: "النجاح هو الانتقال من إخفاق إلى إخفاق دون فقدان الحماس".

لغز إعادة تكليف مدبولي.. إبحث عن صندوق النقد!

فمدبولي الذي أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تكليفه تشكيل حكومة جديدة، عَبَر من إخفاق اقتصادي إلى آخر دون أن يفقد همّته فى أداء أعماله، ما بين فشله في السيطرة على انفلات الأسعار أو التصدي لأزمة قطع الكهرباء أو تحسين المؤشرات الاقتصادية رغم ما حصلت عليه مصر من سيولة عبر صفقة "رأس الحكمة".

مثّل التجديد لرئيس الحكومة، الذي تولى منصبه في 2018، صدمة في أوساط المراقبين والمتابعين الذين كانوا قد توقعوا خلال الأسابيع الماضية أن يكلّف الرئيس شخصية اقتصادية لإدارة الحكومة حتى يتمكن من علاج ما أفسده سابقه.

يقول الخبير الاقتصادى هاني جنينة لـ"عروبة 22": "إنّ الظروف التي تمرّ بها مصر الآن تحتاج إلى رجل اقتصاد يدير ملفات الحكومة، وكل المؤشرات كانت تتجه إلى تكليف الدكتور الخبير الاقتصادي محمود محي الدين بتشكيل الحكومة الجديدة".

وكان اسم محي الدين قد تردد ضمن عدد من الشخصيات الاقتصادية في الأشهر الماضية، منهم الدكتور زياد بهاء الدين الذي شغل منصب نائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية في حكومة الدكتور حازم الببلاوي التي تولّت المسؤولية بعد إسقاط حكم "الإخوان" في 2013، والمصرفي الكبير هشام عز العرب، ومحافظ البنك المركزي السابق هشام رامز.

ووفق مصادر وثيقة الصلة بدوائر صنع القرار في القاهرة، جرت خلال الأسابيع الماضية جلسات "جس نبض"، بين تلك الشخصيات، وعدد من كبار قيادات الأجهزة المعنية بتقديم الترشيحات للرئيس السيسي، إلا أنّ تلك الجلسات لم تُفضِ إلى شيء بسبب تخوّف معظم المرشحين من تحمل فاتورة تنفيذ إجراءات التزمت بها مصر مع صندوق النقد الدولي، وهي قرارات ستزيد من رفع الأسعار ومن ثم الأعباء على المواطنين، فضلًا عن طلب بعض هؤلاء ألا تتدخل أي جهة في عملهم سواء وضع البرامج أو تنفيذها.

وبحسب الخبير الاقتصادي رشاد عبده لـ"عروبة 22" فإنّ استمرار مدبولي يرجع لعدم وجود شخصيات لديها القدرة أو الاستعداد لتحمّل مسؤولية الخطايا الاقتصادية التي ارتكبتها الحكومة منذ 2017 تقريبًا.

ويشير مراقبون إلى أنّ أزمات حكومة مدبولي قد تكون أحد أهم الأسباب التي مدّت من عمره السياسي كرئيس للحكومة، حتى يُنهي معظم المراجعات مع صندوق النقد الدولي والحصول على دفعات القرض الأخير. وهو الأمر الذي سيجبر الحكومة الجديدة على إجراء تعويمين جديدين فى سعر الصرف، فى اتجاهٍ لخفض جديد من قيمة العملة المحلية، مع استمرار الأزمة الاقتصادية. فضلًا عن أنه سيتم خفض دعم المواد البترولية والكهرباء والمواد الغذائية المقدّمة عبر نظام بطاقات التموين، وربما تضطر الحكومة الجديدة إلى زيادة أخرى في سعر الرغيف المدعوم قبيل نهاية مدة تنفيذ قرض صندوق النقد الجديد البالغة ثلاث سنوات.

هكذا يعيد التاريخ نفسه، فاستمرار مدبولي في منصبه ليس سوى تكرار لتجربة استمرار رئيس الحكومة السابق الدكتور عاطف صدقي – قضى أطول مدة كرئيس حكومة - حينها اضطر الرئيس الراحل حسني مبارك إلى اتخاذ قرار باستمراره حتى لا يتم حرق رئيس حكومة جديد شعبيًا بسبب تنفيذ شروط اتفاق القاهرة مع صندوق النقد.

وكانت حكومة صدقي أول حكومة في عهد مبارك تفتح باب التعامل مع صندوق النقد، وركزت تلك الحكومة على زيادة الضرائب والرسوم دون مساس بالدعم.

السيناريو الأقرب في حكومة مدبولي الجديدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية يشمل أكثر من عنصر، أبرزها إعادة وزارة الاستثمار مجددًا لتنشيط جذب الاستثمار، حيث كان هذا الملف الهام والحاسم أحد الملفات التابعة لمكتب رئيس الحكومة. ومن بين هذه العناصر تعيين نائب لرئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية على أن يكون النائب من الشخصيات الاقتصادية البارزة، وفي هذا الإطار تردد اسم وزيرة التخطيط الحالية الدكتورة هالة السعيد لشغل منصب النائب الاقتصادي.

وإذ يرفض البعض فكرة تعيين نائب لرئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية، يرى الخبير الاقتصادي هاني جنينة أنها "مجرد مسيمات والأجدر اختيار مجموعة وزراية اقتصاديه قوية من الخبراء". بينما يعوّل مدبولي على أن يمنح بدء العمل في تنفيذ صفقة "رأس الحكمة" دفعة أو حقنة في شريان الاقتصاد المصري لأنّ مشروعًا بهذه الضخامة سينعش قطاعات عديدة في الاقتصاد المصري.

ومن المنتظر أن يشهد شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل دخول أول مليار دولار من الاتحاد الأوروبي، والتي تم تخصيصها لمشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة والاقتصاد الأخضر بشكل خاص، على أن يستمر الضخ بمعدل نحو مليار دولار سنويًا.

كما سيعتمد مدبولي على عودة أموال المصريين العاملين بالخارج إلى مستويات ما قبل الأزمة الاقتصادية في عام 2020، حيث بلغت تحويلات المصريين في شهر أبريل/نيسان 2.2 مليار دولار.

وحقق الاحتياطي في البنك المركزي المصري بحسب بياناته 46،12 مليار دولار بنهاية مايو/أيار، لكن هذا الاحتياطي الذي يغطي ثمانية أشهر من الواردت المصرية لم يمنع الحكومة والبنك المركزي من دراسة إصدار سندات دولارية دولية، وإن لم يتم اتخاذ قرار حتى الآن بهذا الشأن نظرًا للانشغال في تغيير الحكومة.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن