على غير الحقيقة يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الترويج لنجاح عملية مخيم النصيرات، التي قادتها قوات دلتا الأمريكية بمشاركة جنود النخبة الصهاينة، دخلوا المخيم بشاحنات المساعدات الإنسانية بناء على معلومات استخباراتية من بعض الخونة وتجهيزات التجسس بالميناء الأمريكي العائم، المفترض أنه لدعم المساعدات الإنسانية، ودعمهم لواء مظليين وقصف جوي مكثف.
إذ حققت العملية بحسب ضابط المخابرات الأمريكي السابق سكوت ريتر فشلًا ذريعًا، فمقابل استرداد 4 أسرى، قتل 3 أسرى أحدهم أمريكي، ولحقت بالقوات الصهيونية خسائر عظيمة وقتل منها قائد كبير، واستشهد ما لا يقل عن 274 فلسطينيًا وأصيب 400 آخرين، مما حدا بالأمم المتحدة لاعتبار ما حدث في المخيم جريمة حرب، وأدرجت الكيان العنصري في قائمة العار.
في المقابل حققت المقاومة نصرًا أخلاقيًا، فاسترداد الأسرى الأربعة في حالة صحية جيدة، بينما المجاعة تفتك بأطفال غزة، ويعاني الأسرى الفلسطينيون في سجون العدو تنكيلًا يصل لدرجة القتل، كشف للعالم أن الصهاينة، وليس الفدائيون ـ هم الإرهابيون، إذ كان بإمكان الفدائيين قتل الأسرى أثناء الهجوم، ومنعتهم قيم الإسلام التي تنهى عن قتل الأسير.
وعلى الصعيد الداخلي الصهيوني، أدى استمرار مراوغة نتنياهو في قبول مقترح وقف إطلاق النار، الذي أعلنه الرئيس بايدن وتبناه مجلس الأمن الدولي - رغبة في استمرار الحرب، من أجل مصالحه الشخصية وتجنب محاكمته وسجنه - إلى زلزال سياسي ضرب حكومته، إذ استقال الوزير في حكومة الحرب بيني جانتس، واتبعه زميلاه جادي آيزنكوت وحيلي تروبير، وقائد فرقة غزة الجنرال آفي روزنفيلد. واستقالة هؤلاء لم تكن تعاطفًا مع المقاومة، ولكن خوفًا على بقاء الكيان العنصري، فالحرب طالت ولم تحقق هدفها، ومحكمة العدل الدولية تبحث اتهام الصهاينة بجرائم إبادة، والعزلة الدولية تتصاعد، ودول أوروبا بدأت واحدة تلو الأخرى تعترف بالدولة الفلسطينية، والاقتصاد الصهيوني في حالة انهيار، ومظاهرات أهالي الأسرى تتزايد يوميًا.
لقد كتب نتنياهو نهاية مسيرته بنفسه حين تحالف مع عتاة المتطرفين، فقادوه للصعود إلى الهاوية.
("الأهرام") المصرية