واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع استمرار مجازر الاحتلال في القطاع، بالتزامن مع علامات إستفهام ترسم حول مصير الواقع على جبهة جنوب لبنان. بحيث واصلت المقاتلات الإسرائيلية قصفها مناطق متفرقة في غزّة، مخلفةً مزيدًا من الشهداء والجرحى المدنيين، وسط عمليات تدمير ونسف ممنهجة لمجمّعات من الأبنية السكنية في مناطق الشمال والجنوب.
وتعليقًا على استشهاد شقيقته وعدد جديد من أفراد عائلته جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا للعائلة في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزّة، شدد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية على أنه "إذا كان العدو المجرم يظن أن استهداف أهلي وعائلتي سيغيّر من مواقفنا ومقاومتنا فهو واهم"، مجددًا التأكيد على موقف الحركة المتمسك بضرورة التوصل إلى وقف دائم للحرب وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع ضمن إطار أي تسوية لوقف النار وتبادل الأسرى.
وفي حين أعلن البيت الأبيض أن "الإسرائيليين أبلغونا بوضوح خلال المحادثات الخاصة أنهم يواصلون دعم صفقة الاسرى"، مؤكدًا أنّ "الرئيس الأميركي جو بايدن ملتزم بالتوصل إلى صفقة أسرى، يمكن بموجبها مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية". نقلت "فايننشال تايمز"، عن مسؤولين أميركيين، أنّ إسرائيل و"حزب الله" أبلغا الولايات المتحدة أنهما لا يريدان حربًا شاملة، في وقت أشار فيه الوزير المستقيل من حكومة الحرب الاسرائيلي بيني غانتس إلى أنّ الوضع على الجبهة الشمالية مع لبنان لا يمكن أن يستمر كما هو، ويجب الضغط على "حزب الله" لمنع التصعيد أو مواجهة حرب مفتوحة.
في هذا الإطار، حذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن من أنّ حربًا أخرى بين إسرائيل و"حزب الله"، قد تتحول بسهولة إلى حرب إقليمية، مضيفًا أنّ واشنطن تولي أهمية للحل الدبلوماسي لوقف التصعيد على جانبي الحدود. بينما حثّت كندا مواطنيها في لبنان على مغادرة البلد "ما داموا قادرين على ذلك"، محذرةً من خطر تصاعد العنف بين إسرائيل و"حزب الله" على خلفية الحرب في غزة. أما وزيرة خارجية المانيا أنالينا بيربوك فأكدت أنّ "الوضع على الخط الأزرق دقيق والمخاطر قائمة، من هنا ينبغي التعاون بين كل الأطراف لخفض التصعيد والتوصل الى وقف لاطلاق النار في غزّة بما ينعكس حكمًا وقفًا لإطلاق النار في الجنوب".
على صعيد متصل، وبينما حذرت وكالة "الأونروا" من أنّ خطر المجاعة في غزّة لا يزال مستمرًا، مشيرةً إلى تدهور الحالة الإنسانية في الجنوب بشكل كبير نتيجة لتوسيع العملية العسكرية في رفح، أظهر تقرير لمبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أنّ خطر المجاعة لا يزال قائمًا بشدة في أنحاء القطاع، موضحًا أنّ أكثر من 495 ألف شخص، أو أكثر من خُمس سكان غزة، يواجهون مستويات كارثية هي الأخطر من انعدام الأمن الغذائي. وأكد المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، لصحيفة "العربي الجديد"، أنّ "الأمم المتحدة ملتزمة بعمل كل ما بوسعها لمساعدة الغزيين والاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية التي هُم بأمس الحاجة إليها".
وإذ أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّ تل أبيب تتوقع أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، تتعمّق في الوقت ذاته الخلافات الإسرائيلية الداخلية، بحيث اتهمت سارة نتنياهو، عقيلة رئيس الحكومة الإسرائيلي، قادة الجيش الإسرائيلي بالعمل على تنفيذ انقلاب عسكري ضد زوجها. وجاءت أقوالها، بحسب ما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية، خلال لقائها الأسبوع الماضي مع عدد من عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة. كما أفادت الصحيفة نفسها بأنّ عشرات جنود الاحتياط يرفضون العودة إلى قطاع غزّة، مؤكدين أن العملية العسكرية في رفح تعرض حياتهم وحياة الأبرياء للخطر، وأنها لن تعيد الرهائن. في وقت قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بإلزامية تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي، وقطع ميزانيات المؤسسات التابعة لهم.
إقليميًا، أعلن الحوثيون "إصابة سفينة إسرائيلية في بحر العرب بصاروخ باليستي جرى تصنيعه حديثًا، واجتاز العمليات التجريبية بنجاح". بينما نفى فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي، عبر صحيفة "الشرق الأوسط"، ما تناقلته وسائل إعلام محلية وغربية منذ أيام، عن رغبة قيادة "حماس" في نقل مقار قيادتها إلى بغداد من العاصمة القطرية الدوحة.
في هذا السياق، أشارت صحيفة "البيان" الإماراتية إلى أنّ "المخاوف الأميركية تزداد من صدق المعلومات المسرّبة مؤخرًا من إيران، حول إمكانية إرسال آلاف المتطوعين الإسلاميين إلى لبنان، على غرار ما حدث في سوريا، إبان الحرب الأهلية، والتي بلغ فيها عدد الميليشيات المسلحة أكثر من 80 ميليشيا إسلامية وعربية من المنطقة ومن أوروبا"، معتبرةً أنه "في حال حدوث مثل هذا "السيناريو الكابوسي"، من وجهة النظر الأمريكية، سوف تضطر واشنطن وقوات الناتو، إلى تكوين قوات تحالف مشتركة لحماية إسرائيل، والسيطرة على أمن المنطقة، وتلك هي حرب أخرى، لا يريد ولا يقدر أحد الآن على خوضها، أو دفع فاتورتها الباهظة".
من جهتها، لفتت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أنّ "نتنياهو وفريقه الائتلافي لم يرحبوا، ولم يقبلوا عمليًا لا بالمبادرة الأميركية، ولا بقرار مجلس الأمن، لأن لا مصلحة لهم بوقف إطلاق النار، ولا مصلحة لهم بإطلاق سراح الأسرى عبر عملية تبادل، ولهذا لم يقدم أي من فرق الوسطاء بخطوات يمكن أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار، والمعركة متواصلة ونتائجها ما زالت مفتوحة على كافة الاحتمالات".
وشددت صحيفة "الشروق" الجزائرية على أنه "لا أحد يمنع نتنياهو أن يعلن ما يشاء ويردّد ما يحلو له، لكنّ الوقائع على الميدان في غزة تؤكّد العكس تمامًا، فالمقاومة صامدة وتنصب الكمائن الناجحة لجنود العدو وتقتلهم يوميًا أو توقع عشرات الإصابات، وتفجّر آلياتهم العسكرية، كما كان الأمر في الأسابيع الأولى للحرب أو أكثر، وكبار قادة "القسام" و"حماس" سالمون معافون ولم ينجح الاحتلال في الوصول إليهم، ونحو 80 بالمائة من الأنفاق لا تزال سليمة".
بينما اعتبرت صحيفة "الرياض" السعودية أنّ "مسؤولية عدم نجاح خطة بايدن لوقف إطلاق النار في غزّة تتحملها إسرائيل لرغبتها المستمرة في مواصلة حرب الإبادة الجماعية، وسعيها لتدمير ما تبقى من بنية تحتية في قطاع غزّة، وتوجهها الدائم لفرض واقع جديد يتعارض مع قرارات الشرعية الدولية".
بدورها، رأت صحيفة "الأهرام" المصرية أن "المظاهرات الطلابية فى الجامعات الأميركية، التي لن تخبو حدتها، قد تكون في العام القادم هي المسمار الذي سيدق في نعش جماعات الضغط"، لافتةً إلى أنّ "أميركا لن تستطيع وقف الاضمحلال الإسرائيلي والدفاع عنها، طبقًا للقانون الذي تحاول الهروب منه، ولن يعكس السهم الإلهي الذي لا بد من نفاذه".
(رصد "عروبة 22")