واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع إستمرار التصعيد الإسرائيلي في القطاع والضفة الغربية وإرتفاع وتيرة القلق من تطور الأوضاع على جبهة جنوب لبنان، حيث جدد وزير دفاع الإحتلال يوآف غالانت التهديد بأنّ إسرائيل لا تريد حربًا مع "حزب الله"، لكنّها قادرة على إعادة لبنان "إلى العصر الحجري" إذا لزم الأمر.
في هذا السياق، رجّحت المخابرات الأميركية، بحسب موقع "بوليتكو" اندلاع مواجهة واسعة النطاق بين إسرائيل و"حزب الله" في الأسابيع القليلة المقبلة، إذا فشلت إسرائيل و"حماس" في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزّة. بينما نقلت شبكة "أن بي سي نيوز" عن ثلاثة مسؤولين أميركيين قولهم إن الولايات المتحدة بدأت نقل بعض الأصول العسكرية قرب لبنان وإسرائيل، لتكون جاهزة لإجلاء الأميركيين ولـ"إظهار القوة العسكرية"، في حال اندلعت حرب أوسع على جبهة لبنان.
وسط تصاعد وتيرة الأعمال العسكرية على هذه الجبهة حيث أعلن "حزب الله" أمس قصف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في ثكنة بيريا بعشرات صواريخ الكاتيوشا، ردًا على الغارات الإسرائيلية في عمق الجنوب لا سيما في النبطية، أعربت فرنسا عن "قلقها الشديد حيال خطورة الوضع في لبنان"، لافتةً إلى أنّ أعمال العنف على الحدود مع إسرائيل تتصاعد "في شكل دراماتيكي"، فيما بادرت الولايات المتحدة الأميركية، إلى تحذير مواطنيها من السفر إلى لبنان بسبب الوضع الأمنيّ الخطير.
وقد نالت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حصتها من المناظرة بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، حيث تبادل الطرفين الاتهامات وتبارزا في إظهار كل منهما دعمه لإسرائيل، وقال بايدن إنه كان وراء إنشاء تحالف دولي واسع لحماية إسرائيل أثناء الهجوم الإيراني عليها، معتبرًا أنه تم إضعاف حركة "حماس" وأنه يجب "القضاء على الحركة"، متهماً حماس بأنها الطرف الوحيد الذي يريد استمرار الحرب. أما ترامب فوصف تعامل بايدن مع هذه الحرب بأنه "يتصرف كفلسطيني" ولكنه يبدو "فلسطينياً ضعيفاً" ، وقال إنه كان ينبغي لبايدن أن يترك إسرائيل تدخل غزّة بسرعة "وتنهي المهمة"، مضيفًا: "بايدن يقول إن حماس هي التي لا تريد وقف إطلاق النار، ولكن إسرائيل هي التي لا تريد وقف إطلاق النار، عليهم إنهاء الأمر".
بينما نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولَين أميركي وإسرائيلي القول إن الولايات المتحدة تستعد لتسليم قنابل، كانت جزءًا من شحنة أسلحة إلى إسرائيل تم تعليقها في إبريل/نيسان، على خلفية "مخاوف" تتعلق بالهجوم على رفح.
من ناحية أخرى، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنّ الجيش الإسرائيلي بدأ، أمس الخميس، عملية توغل بري في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، شمالي القطاع، هي الثالثة من نوعها منذ بدء الحرب، فيما أعلن اقترابه من إنهاء هجومه البري المتواصل على مدينة رفح جنوبي القطاع. وفي المقابل، شددت حركة "حماس" على أن القصف المكثّف على حيّ الشجاعية، وبدء الجيش الإسرائيلي عملية توغّل فيه "هو استمرار لحرب الإبادة التي تشنها حكومة الاحتلال الفاشية على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، بدعم وتغطية كاملة من الإدارة الأميركية الشريكة في هذه الجرائم".
وكانت كتائب "القسام" قد أعلنت استهداف ناقلة جند إسرائيلية بقذيفة "الياسين 105" واشتعال النيران فيها في الحي السعودي غربي مدينة رفح، وهبوط الطيران المروحي في مكان الاستهداف لإخلاء القتلى والجرحى، فضلًا عن استهداف دبابة إسرائيلية من نوع "ميركافا 4" بقذيفة "الياسين 105" في مخيم الشابورة بالمدينة.
تزامنًا، أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي قرارًا بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة وإضفاء الشرعية على 5 مستوطنات مصنفة غير قانونية، وتطبيق القانون الإسرائيلي في مناطق تسيطر عليها السلطة الفلسطينية إداريًا. كما أقر إجراءات طرحها وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش تستهدف السلطة الفلسطينية، من بينها إلغاء تصاريح وامتيازات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية وتقييد حركتهم.
تزامنًا، دخلت بريطانيا على خط طلب إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، بعد أن قضت المحكمة، الخميس، بأنّ لندن يمكنها تقديم حجج وملاحظات قانونية للقضاة تشكّك في صلاحية المحكمة قانونيًا لإصدار مذكرتَي الاعتقال، وهو ما من شأنه تأخير إصدار القرار.
في هذا الإطار، رأت صحيفة "الرياض" السعودية أنّ "استمرار الحرب، بالنسبة للحكومة الإسرائيلية ورئيسها، إنما هو بمثابة طوق نجاة مما سيكون بعد انتهائها، وهو ما يجعل من أمد الحرب يطول إلى أكبر وقت ممكن، دون أن يكون هناك أي اعتبار لعدد الضحايا سواء أكانوا أطفالًا أو غير أطفال".
من جانبها، نقلت صحيفة "الجريدة" الكويتية عن مصدر في "فيلق القدس"، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، والذي يشرف على الاتصالات بين إيران والولايات المتحدة للجم فتيل الحرب في لبنان، عن "اختراق إيجابي تحقق في الأيام الأخيرة ضمن الجهود الأميركية لتجنيب المنطقة الأسوأ"، لافتًا إلى أنّ "الجانب الأميركي أبلغ طهران هذا التقدم في اتصالات جرت أخيرًا".
في حين نقلت صحيفة "اللواء" عن مصادر لبنانية واسعة الاطلاع قولها إنّ "لبنان يقف عند منعطف خطير بين الحرب واللاحرب، وفي أية لحظة تتدحرج الأمور إلى ما هو أخطر أو أوسع"، محذرةً من "الذهاب الى الحرب الشاملة، وأي خطأ في التقدير سيقود الى صيف ساخن على جبهتي لبنان وغزة".
أما صحيفة "الشروق" المصرية فأشارت إلى "معضلة كبيرة تواجهها المجموعات العربية والمسلمة بأميركا، فيما يتعلق بتصويتهم في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر القادم، إذ عليهم التصويت لدونالد ترامب أو لجو بايدن"، معتبرةً أنّ "الخيارات أمام هؤلاء الناخبين والناخبات سيئة، أو شديدة السوء في مختلف التقديرات، فهناك مرشح لا يتردد في التأكيد على صهيونيته رغم كونه كاثوليكيًا، ومرشح آخر لا يتردد في التأكيد على صداقته القوية لإسرائيل لأسباب مختلفة، منها العائلية".
(رصد "عروبة 22")