واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع ارتفاع وتيرة القلق من تصاعد المواجهات على جبهة جنوب لبنان، في الساعات الماضية، بعد مقتل 12 شخصاً وإصابة نحو ثلاثين، جراء سقوط صاروخ بجانب ملعب لكرة القدم وحديقة ألعاب في بلدة مجدل شمس في هضبة الجولان السوري المحتل. في حادثة نفى "حزب الله" مسؤوليته عنها، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه "يجهّز رداً" على الحزب. بينما أفيد، فجر اليوم، عن شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على بلدات الخيام والعباسية وكفركلا وطيرحرفا ومحيط بلدة البرج الشمالي.
وفي حين زعم الجيش الإسرائيلي، بعد تحقيقات أولية، بأن "تقديراتنا الاستخباراتية تشير إلى أن حزب الله يقف وراء إطلاق الصاروخ من منطقة تقع شمال قرية شبعا في جنوب لبنان"، مشيراً إلى أن المسؤول عن إطلاق الصاروخ هو القائد الميداني بالحزب علي محمد يحيى. أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "حزب الله سيدفع ثمناً غالياً مقابل الهجوم الصاروخي الذي قتل أطفالاً".
في المقابل، أشارت مصادر في "حزب الله"، لوكالة الأنباء الألمانية، إلى أننا "في حالة تأهب منذ عدة أشهر ونراقب أي هجوم من العدو". وأضافت المصادر "هذا ليس جديداً، نحن في حالة جهوزية دائمة"، لافتة إلى أن الحزب يتوقع الآن هجوماً قاسياً محتملاً. في وقت أعربت الحكومة اللبنانية، في بيان، عن "إدانتها كل أعمال العنف والاعتداءات ضد جميع المدنيين ودعوتها إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية على كل الجبهات"، مؤكدة أن "استهداف المدنيين يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويتعارض مع مبادئ الإنسانية".
من جانبه، لفت المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إلى أن واشنطن تندّد بالهجوم الصاروخي على الجولان، بينما وصف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب "الهجوم على الجولان فظيع". في حين دعا مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل لإجراء تحقيق دولي في الحادثة، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي يحث جميع الأطراف على ضبط النفس. أما السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني، فأعلن أنه لا يتوقع أن تشن إسرائيل حرباً على لبنان والمنطقة، بسبب معادلات القوة المفروضة.
بدوره، حث منسق الأمم المتحدة الخاص إلى لبنان وقائد قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بعد أن تسبب الهجوم في زيادة حدة التوتر. بينما كان متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد أعلن، السبت، أن سفينة حربية تابعة للأسطول الإسرائيلي، وبالتعاون مع القوات الجوية، اعترضت مسيّرة آتية من لبنان باتجاه المياه الاقتصادية الإسرائيلية.
على مستوى التطورات في قطاع غزة، ينطلق اليوم اجتماع في العاصمة الإيطالية روما بين أطراف الوساطة الأميركية القطرية المصرية، بمشاركة رئيس "الموساد" الإسرائيلي ديفيد برنيع ومدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز ورئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في القطاع.
بينما أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي بأن إسرائيل سلّمت للولايات المتحدة مقترحها المحدث لإبرام صفقة تبادل أسرى ووقف لإطلاق النار، لكن مسؤولين إسرائيليين أبدوا تشاؤمهم نحو التوصل لنتيجة إيجابية. في حين أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة تعمل يومياً بشكل حثيث، من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإيجاد مسار لسلام وأمن دائمين.
بالتزامن، ارتكب الجيش الإسرائيلي، السبت، مجزرة جديدة باستهداف مدرستين تؤويان نازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة. كما كثف غاراته وقصفه على أنحاء القطاع وقلص، للمرة الثانية خلال أسبوع، المنطقة التي زعم أنها "إنسانية" في خان يونس. بحيث أفادت وزارة الصحة في غزة بأن أكثر من 30 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، استشهدوا وأصيب 100 آخرون، في استهداف مدرستي خديجة وأحمد الكرد اللتين تؤويان نازحين، فضلاً عن مستشفى ميداني غربي دير البلح.
في الضفة الغربية، أقدمت القوات الإسرائيلية، في الساعات الأخيرة، على إقتحام بلدة اليامون، كما اعتقلت 3 فلسطينيين من بلدة ترمسعيا شمال رام الله. بينما أعلنت "سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي" أن مقاتليها ومقاتلي "كتائب شهداء الأقصى" وفصائل المقاومة الأخرى يخوضون اشتباكات مع القوات الإسرائيلية في مخيم بلاطة شرقي نابلس. في حين كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن تنفيذه هجوماً جوياً بمسيرة على مدينة نابلس، بعد إطلاق نار على موقع عسكري قرب أحد مداخلها.
في هذا السياق، أكدت مصادر صحيفة "الجريدة" الكويتية في بيروت أن "حزب الله" رفع جاهزيته العسكرية بشكل كامل استعداداً لأي خطوة إسرائيلية تتجه نحو التصعيد العسكري، موضحة أن المعلومات تفيد بأن الاستنفار أصبح كاملاً في مختلف قطعات الحزب، وتجري الاستعدادات كأن الحرب ستقع رغم عدم توفر معطيات لديه تشير إلى جاهزية الإسرائيليين الجدية لخوض حرب ضده في لبنان.
بينما اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن هذه الحرب طالت أكثر من كل التوقعات، حتى باتت إطالة أمدها سياسة إسرائيلية رسمية لا تريد الحكومة المتطرفة التي يقودها نتنياهو إنهاءها أو الخروج منها، لأن يومها الأخير لن يكون في صالحها وأن "النصر الكامل" الذي تتوهمه لن يتحقق، وسينقلب السحر على الساحر حين تصبح إسرائيل ملاحقة دولياً بفعل ما ارتكبته من جرائم بحق الأبرياء.
وأفادت صحيفة "الأهرام" المصرية بأن مصر تتحرك، بالتعاون مع الأطراف الدولية والقوى الإقليمية المعنية بالاستقرار الإقليمي، بهدف سدّ الفجوات المتبقية، وإنجاز الاتفاق في أقرب وقت ممكن، وإعادة الأسرى إلى ديارهم، والإفراج عن السجناء الفلسطينيين، وإزالة العقبات التي تعوق تدفّق المساعدات الإنسانية على القطاع، والتوصل إلى نهاية مستديمة للحرب في غزة، ولعل ذلك مرهون بحدوث تحول كبير في سياسة الولايات المتحدة تجاه غزة.
بدورها، لفتت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أن التعويل كبير على الجاليات العربية في الولايات المتأرجحة انتخابيًا، لدعم مرشح الحزب الديمقراطي، من أجل هزيمة مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، الذي يقف مع قادة إسرائيل بلا ادنى تردد، مهما جنوا من جرائم وارتكبوا من فظائع.
بينما رأت صحيفة "عكاظ" السعودية أن من مصلحة العرب (كأمة) أن يتحول المنتظم الدولي الراهن إلى نظام التعدد القطبي، إذ إن ذلك سيسهل التحلل من ربقة الأقطاب المعادية، والطامعة، معتبرة أن من أسوأ ما حصل لهم هو حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، إذ قوبلت مقاومة الاحتلال والإذلال بحملة صهيونية حربية شعواء، يقف العالم مذهولاً أمامها.
(رصد "عروبة 22")