صحافة

"المشهد اليوم" ... مفاوضات غزة مستمرة وإحاطة عربية لممثلي "حماس"

واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع إستمرار حالة الترقب لنتائج جولة المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة. بحيث أكد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري، مساء الخميس، أن اجتماع الوسطاء ما زال مستمراً، وسيستأنف اليوم الجمعة.  في وقت أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أنه رغم البداية المشجعة "يبقى الكثير من العمل، نظراً لتعقيد الاتفاق"، مشدداً على ضرورة مواصلة المباحثات.

بالتزامن، أكدت حركة "حماس" أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يتضمن "انسحاباً كاملاً" للقوات الإسرائيلية من القطاع. في حين أشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى أن "هناك اتفاقاً على الخطوط العريضة، لما حدده الرئيس الأميركي جو بايدن في مقترح وقف إطلاق النار". بينما نقل موقع "أكسيوس"، عن مسؤولين أميركيين، أن اليوم الأول من جولة المحادثات شهد بعض التقدم. وأشار الموقع، نقلاً عن مصدر مطلع، إلى أن ممثلي "حماس" في الدوحة تلقوا إحاطة من الوسطاء المصريين والقطريين طوال اليوم.

في المقابل، لفتت مصادر مصرية مطلعة على المفاوضات إلى أن الخلافات بين الأطراف المعنية "ما تزال كبيرة". ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية"، عن مصدر مصري رفيع المستوى، أن الوفد الأمني المصري يبذل جهوداً مكثفة للتوصل إلى توافق بين الأطراف. بينما تظاهر مئات الإسرائيليين، الخميس، وسط مدينة تل أبيب، للمطالبة بإبرام صفقة تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية. كما دعا العضو السابق في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى التحلي بالشجاعة لمرة واحدة، وقبول اتفاق لوقف إطلاق النار، من أجل إعادة الأسرى الإسرائيليين.

في هذا المجال، برز ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين بارزين، لناحية أن إسرائيل حققت عسكرياً كل ما تستطيع تحقيقه في الحرب التي تخوضها ضد حركة "حماس" في غزة، مشيرين إلى أن المزيد من القصف لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بالمدنيين، حيث لا يمكن إضعاف "حماس" أكثر من ذلك. في وقت يعتزم وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي ونظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه زيارة إسرائيل، للدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة.

من جانبه، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطاب أمام البرلمان التركي، أنه سيتوجه إلى غزة، مع "جميع أعضاء القيادة الفلسطينية"، داعياً الى "تأمين وصولنا إليها". كما دعا الرئيس الفلسطيني زعماء العالم والأمين العام للأمم المتحدة لزيارة غزة، قائلاً: "ليست حياتنا بأغلى من حياة أصغر طفل من قطاع غزة أو من الشعب الفلسطيني".

على صعيد متصل، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، اجتماعاً إضافياً، لتقديم المشورة القانونية بشأن إمكانية إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه، على خلفية الحرب المستمرة على غزة. وأعلن ديوان نتنياهو أن المستشارة القضائية للحكومة كررت موقفها بضرورة تشكيل لجنة تحقيق حكومية لدراسة الوضع الإنساني في غزة، لافتاً إلى أنه ليس من المؤكد أن يؤدي تشكيل لجنة تحقيق بالوضع في القطاع إلى إلغاء طلب إصدار أوامر الاعتقال من المحكمة.

في ظل هذه الأجواء، يستمر التصعيد العسكري الإسرائيلي على مختلف الجبهات، بحيث بلغت حصيلة عدد شهداء الحرب 40 ألفاً وخمسة فلسطينيين، بعدما ارتكب الجيش الإسرائيلي ثلاث مجازر وصل منها إلى المستشفيات 40 شهيداً و107 مصابين، خلال الـ24 ساعة الماضية. وبعد أيام على إعلان "كتائب القسام" مقتل أحد الأسرى الإسرائيليين على يد حارسه، أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم الجناح العسكري لحركة "حماس"، نتائج التحقيق، مشيراً إلى أن "المجند تصرف بشكل انتقامي خلافاً للتعليمات بعد تلقيه خبر استشهاد طفلَيه في إحدى مجازر العدو".

في الضفة الغربية، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد شاب فلسطيني برصاص مستوطنين في قرية جيت، بعد أن هاجم قرابة 100 مستوطن مدججين بالسلاح القرية، وأحرقوا مركبات ومنازل وأراضي زراعية تحت حماية الجيش الإسرائيلي. في وقت أفادت وسائل إعلام فلسطينية إصابة عدة فلسطينيين، في مواجهات مع القوات الإسرائيلية بمخيم شعفاط شرقي مدينة القدس المحتلة.

وأشار متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، في بيان، إلى أن "الهجمات من جانب مستوطنين عنيفين ضد مدنيين فلسطينيين في الضفة الغربية غير مقبولة ويجب أن تتوقف"، حاضا السلطات الإسرائيلية على اتخاذ الإجراءات اللازمة "لحماية جميع المجتمعات".

على مستوى جبهة جنوب لبنان، توسع القصف المدفعي الإسرائيلي، أمس، إلى بلدات في القطاعين الأوسط والشرقي يُقصف بعضها للمرة الأولى، مثل قبريخا التي تعرضت أحياء سكنية فيها لقصف عشوائي، وبلدات الخيام والطيبة ومركبا وديرسريان والناقورة، ما أسفر عن سقوط جرحى في صفوف المدنيين. في حين أدخل "حزب الله" مستعمرة شامير إلى بنك أهدافه، فاستهدفها بعشرات صواريخ الكاتيوشا لأول مرة.

بينما لفت نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الى أن الرد على اغتيال فؤاد شكر، والرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية، منفصلان عن مسار استمرار جبهات المساندة، أو مسار وقف إطلاق النار في غزة.

إقليمياً، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، الخميس، أن طيران التحالف الأميركي البريطاني شن غارة على محافظة الحديدة غربي اليمن، من دون ذكر المزيد من التفاصيل عن نتائج الغارة. بينما أشارت القيادة المركزية الأميركية إلى أن قواتها نجحت في تدمير محطة تحكم أرضية تابعة للحوثيين، في منطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.

كما أعلن الحرس الثوري الإيراني وفاة ضابط برتبة عقيد، متأثراً بجراحه التي أصيب بها في غارة جوية في سوريا الشهر الماضي.

في هذا السياق، أشارت صحيفة "الوطن" القطرية إلى أن مفاوضات الدوحة تمثل مرحلة جديدة، وربما تشكل فرصة أخيرة، لانتزاع قرار بوقف لإطلاق النار في قطاع غزة، موضحة أن نتائج المفاوضات لن تؤثر على وضع الحرب والعدوان على قطاع غزة فقط، وإنما ستؤثر على مجمل الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن الأمر الواضح، الذي لا لبس فيه على الإطلاق أن رد إيران و"حزب الله" المحتمل أصبح مرتبطاً بما سيخرج عن جولة الدوحة من نتائج.

وأفادت صحيفة "الجريدة" الكويتية بأن المرشد الأعلى علي خامنئي بات يميل في الأيام الأخيرة إلى سيناريو الذهاب إلى رد قوي على إسرائيل. وأشارت إلى أن خامنئي أصبح أكثر حزماً بعد أن تلقت بلاده قبل يومين تهديداً عبر دولة أوروبية بأن إسرائيل ستشن ضربات نووية ضد إيران قد تستهدف منشآتها النووية، في حال مضت الأخيرة وحلفاؤها بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، ورئيس أركان "حزب الله" فؤاد شكر.

واعتبرت صحيفة "عكاظ" السعودية أن السياق الجيوسياسي المعقد يجعل أي قرار إيراني، بشأن الرد على حادثة كبيرة مثل اغتيال قيادي فلسطيني بارز أمراً بالغ الحساسية، فإيران تحتاج إلى الموازنة بين الحفاظ على صورتها كداعم للقضية الفلسطينية، وبين تجنّب التصعيد الذي قد يؤدي إلى عزلة أكبر أو مواجهة عسكرية لا ترغب فيها.

من جانبها، لفتت صحيفة "البيان" الإماراتية إلى أن أعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي يدركون أن "عناد وحماقات "رئيس الوزراء الإسرائيلي يمكن أن تأخذ المنطقة والعالم إلى حرب غير محدودة يصعب السيطرة على قواعدها أو تصميم حدودها أو معرفة السلوك الحقيقي والنهائي لكافة أطرافها، موضحة أنه رغم ذلك تم إرسال الأسلحة من أجل ردع وتأمين وحماية "الحليف الإسرائيلي"، معتبرة أنه "أوكازيون الابتزاز السياسي" حتى النخاع من قبل نتانياهو للإدارة الأميركية الحالية.

ورأت صحيفة "الشروق" المصرية أنه بعيداً عن ترتيبات "اليوم التالي"، ستسكن المتبقيات الناجمة عن أحداث غزة، ليس فقط في النفوس والعقول، وإنما أيضاً فى الزمان، حيث تمتد تأثيراتها وانعكاساتها بشكل يكاد لا تكون له حدود، مصحوباً بسلاسل لا نهائية من الشواشات، لافتة إلى أن ذلك يعني تخطي المحتملات والممكنات المتولدة عن أحداث غزة لمنطق "اليوم التالي"، بل ووصولها إلى مسارات من نوع "ما ينبغي أن يكون"، سواء بالنسبة للحق الفلسطيني أو النظام الدولي.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن