واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع حالة من الترقب لإمكانية نجاح جولة المفاوضات الجديدة، المقررة الأسبوع المقبل في العاصمة المصرية القاهرة، في الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، في ظل الأجواء الإيجابية التي يبثها الوسطاء. في حين عبرت تل أبيب عن تفاؤل حذر، بينما أشارت حركة "حماس" إلى أن ما يتم الحديث عنه مجرد وهم.
في هذا السياق، نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصادر تفاصيل بشأن المقترح الأميركي الأخير، لافتة إلى أنه حدد عدد وأسماء المحتجزين الذين سيطلق سراحهم بالمرحلة الأولى. وبحسب المقترح الأميركي، فإنه سيتم إطلاق سراح النساء والمجندات أولاً والمحتجزين الأحياء، كما تضمن أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم مقابل كل محتجز إسرائيلي. وأشارت إلى أن المقترح لبّى معظم مطالب إسرائيل، دون حل الخلاف بشأن محوري فيلادلفيا ونتساريم.
وفي حين نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين أن الرئيس جو بايدن يهدف للتوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الأسبوع المقبل، بينما يحاول أيضاً ردع إيران و"حزب الله" عن شن هجوم على إسرائيل يمكن أن يقوض هذه الجهود. وأعرب وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، السبت، عن دعمهم جهود الوسطاء. في وقت اعتبر القيادي في حركة "حماس" سامي أبو زهري أن حديث بايدن عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة هو "وهم"، قائلاً: "لسنا أمام اتفاق أو مفاوضات حقيقية، بل أمام فرض إملاءات أميركية".
في المقابل، أشار مكتب نتنياهو إلى أن فريق التفاوض الإسرائيلي أبدى "تفاؤلاً حذراً"، بينما كشف مسؤولون إسرائيليون أن "حماس" ستعتبر الاقتراح الأميركي الجديد موقفاً إسرائيلياً، لافتين إلى أنهم يقدرون أن الحركة لن توافق على المقترح، بحسب ما نقل موقع "والا" الإسرائيلي. في وقت أفادت صحيفة "يسرائيل هيوم" بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي مُصرّ على استئناف الحرب في غزة بعد استنفاد الاتفاق، ويطلب تعهداً أميركياً مكتوباً.
بالتزامن، شهدت تل مظاهرات حاشدة تطالب الحكومة الإسرائيلية بالتوصل لاتفاق لتبادل الأسرى مع "حماس". بينما لفتت عائلات الأسرى الإسرائيليين إلى أنّ المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى "هي الفرصة الأخيرة لإعادة أبنائنا"، وأوضحت أن "غالبية شعبنا والمنظومة الأمنية والأميركيون مع الصفقة ولا يوقفها سوى أقلية متطرفة".
في ظل هذه الأجواء، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة أن الجيش الاسرائيلي ارتكب خمس مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، خلال الـ48 ساعة الماضية، وصل منها للمستشفيات 69 شهيداً و136 إصابة. في حين أفادت وكالة "الأونروا" بأن آلاف العائلات الفلسطينية تواصل النزوح في قطاع غزة مع إصدار السلطات الإسرائيلية أوامر إخلاء جديدة، فيما لا يوجد مكان آمن تذهب إليه. وأوضحت أن تقليص إسرائيل "المنطقة الإنسانية" إلى 11 بالمائة فقط من القطاع، تسبب في حالة من الفوضى والخوف بين النازحين.
في الضفة الغربية، أفادت وسائل إعلام فلسطينية، فجر اليوم، بأن إطلاق نار استهدف حاجز عناب شرق طولكرم، في وقت اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة سبسطية شمال غرب نابلس، وبلدة السموع جنوب مدينة الخليل. وفي حين أشارت وسائل إعلام فلسطينية إلى اندلاع اشتباكات بين مقاومين والقوات الإسرائيلية، خلال اقتحامها مخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس، نعت "كتائب القسام" اثنين من مقاتليها، بعد استشهادهما في قصف الجيش الإسرائيلي مركبة بمدينة جنين.
على مستوى جبهة جنوب لبنان، يستمر التصعيد العسكري بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله"، في حين أعلن الحزب أنه أدخل على جدول نيرانه مستعمرة إييليت هشاحر، وقصفها لأول مرة بصليات من صواريخ الكاتيوشا، رداً على اعتداء الجيش الإسرائيلي على بلدة الكفور، والذي أسفر عن سقوط شهداء وجرحى مدنيين من الجنسية السورية.
بينما أفادت "العربي الجديد" بأنه على الرغم من عدم تواصل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والوفد الذي رافقه إلى لبنان بشكل مباشر مع مسؤولي "حزب الله"، إلا أنه جرى نقل رسائل إلى قادة الحزب، من خلال قنوات خاصة، فحواها ضرورة التزام ضبط النفس في عمليات الحزب الموجهة إلى إسرائيل، مقابل وعود ببذل جهود من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة.
في هذا المجال، أشارت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أن جولة القاهرة المقبلة يمكنها أن تشهد التوصل لاتفاق، شريطة أن يسعى الجانبان (إسرائيل وحماس) إلى عدم تقديم شروط جديدة لعرقلة هذا الاتفاق، وتجاوز النقاط الخلافية، ولعل في مقدمة تلك النقاط إصرار إسرائيل على أن السلام لن يتحقق إلا بالقضاء على "حماس"، بينما تقول حماس إنها لن تقبل إلا بوقف دائم لإطلاق النار وليس مؤقتاً.
بينما اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن التوصل إلى الهدنة المنتظرة وتجنيب الشرق الأوسط ما لا يحمد عقباه، لن يتم من دون ممارسة ضغوط مباشرة على إسرائيل ورئيس حكومتها من أجل تحقيق وقف إطلاق النار وإتمام صفقة تبادل الأسرى والرهائن في غزة، وهذه مسؤولية الوسيط الأمريكي حصراً الذي يريد لعب دورين معاً، "الوسيط النزيه" والحامي لإسرائيل، وهو لا يستقيم ما لم تتوافر الإرادة الفعلية لفصل هذا الازدواج.
ولفتت صحيفة "الوطن" القطرية أنه يجب اغتنام فرصة المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار بقطاع غزة، والتوصل إلى اتفاق يحقن الدماء ويجنب المنطقة عواقب التصعيد، خاصة أن استمرار الحرب بالقطاع يجر المنطقة إلى دائرة مفرغة وخطيرة من عدم الاستقرار، معتبرة أن المجتمع الدولي عليه مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بالضغط لخفض التصعيد، ومُعالجة جذور النزاع بإقامة دولة فلسطينية وإنفاذ حل الدولتين.
بالتزامن، نقلت صحيفة "الجريدة" الكويتية عن مصدر في وزارة الخارجية الإيرانية تأكيده أن بلاده تلقت رسالة أميركية عبر قطر تطلب منها التريث في الرد حتى انتهاء المفاوضات حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن في قطاع غزة، لافتاً إلى أن أن المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس مسعود بزشكيان وجها بالرد على هذه الرسائل بتجديد التأكيد أن إيران سوف تنتظر نتيجة المفاوضات قبل أي رد على اغتيال هنية، لكن بالنسبة لحلفائها، خصوصاً "حزب الله"، فإنه لا يمكن لطهران ضمان التزامهم بالتأجيل، لاسيما أن إسرائيل تواصل سياسة الاغتيالات والقصف بشكل يومي ضد الحزب.
ورأت صحيفة "الدستور" الأردنية أن استمرار العبث الإسرائيلي، من خلال التصعيد الخطير في الأراضي الفلسطينية المحتلة وارتكاب المجازر اليومية في قطاع غزة، واستمرار الاعتداءات في الضفة الغربية، سيؤدي إلى انفجار المنطقة المشتعلة أصلا، وتتحمل مسؤوليته الإدارة الأميركية، التي توفر كل أشكال الدعم لاستمرار العدوان.
(رصد "عروبة 22")