عكست عناوين الصحف العربية الصادرة اليوم التعنت الإسرائيلي جراء التمسك بمحور "فيلادلفيا" وسط تجديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محاولة تصويب الاتهامات على حركة "حماس" باعتبارها تتحمل مسؤولية عرقلة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، في سبيل التعمية على حقيقة موقفه الرافض لوقف الحرب أمام الوسطاء والرأي العام الإسرائيلي والدولي.
ورغم محاولات الوسطاء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية، التي تحاول إرساء تسوية قبل موعد الانتخابات الأميركية في شهر تشرين الثاني /نوفمبر المقبل، إلا أن المشهد العام ينذر بالمزيد من التوتر وتصاعد وتيرة العمليات العسكرية التي تحصد المزيد من الأرواح في قطاع غزة وشمالي الضفة الغربية.
ويمكن القول أن "لا جديد" هو عنوان المرحلة الحالية بعدما جدّد نتنياهو مواقفه السابقة، زاعماً أن "التزام إسرائيل بهزيمة حركة "حماس" واقتلاع الشرّ من جذوره لن يتحقق في حال رحيلها من محور فيلادلفيا". وتوجه للاسرائيليين قائلاً: "إذا أردتم تحرير الرهائن، فأنتم بحاجة للسيطرة على هذا الممر".
بدورها، حذرت "حماس" من "الوقوع في شرك نتنياهو وألاعيبه"، واضعة قراره بعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا في إطار إفشال التوصل لاتفاق. فيما سلطت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية، في تقرير لها، الضوء على حالة التشاؤم التي تحيط بمصير الصفقة. وقالت "إن الاستنتاج السائد هو أن الصفقة قد ماتت وما نراه حياً هو في الواقع مراسم دفنها".
وكانت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية نقلت عن مصادر قولها إن محادثات جرت بين مصر والولايات المتحدة، بمشاركة مسؤولين إسرائيليين، لبحث "آلية لمراقبة الحدود" بين قطاع غزة ومصر. ولفتت الى أنه من بين المقترحات "بناء حاجز فائق التقنية تحت الأرض على الجانب المصري، كما تركيب معدات استشعار لرصد حفر الأنفاق وتكليف قوات مصرية من النخبة بمنع التهريب فوق الأرض"، وذلك بهدف اقناع نتنياهو بإمكانية تأمين الحدود من دون قوات إسرائيلية.
إلى ذلك، برزت زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى أنقرة ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد قطيعة استمرت أكثر من عقد. وأكد الطرفان ضرورة التصدي للأزمات الإقليمية وفي مقدمتها غزة، مشددين على أن "مصر وتركيا تدعوان لوقف إطلاق النار ووضع نهاية للعنف في الضفة الغربية".
في الشق الميداني، تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية وتتركز في طولكرم ومخيم الفارعة بمحافظة طوباس. وتأتي الاشتباكات بينما تواصل الجرافات الإسرائيلية تدمير البنية التحتية وممتلكات الفلسطينيين بشكل ممنهج ووحشي.
من جهته، قال موقع "والا الإسرائيلي" إن الجيش قرر تمديد فترة عمليته العسكرية في مخيم جنين بأمر من وزير الدفاع يوآف غالانت وذلك بناء على استمرار وصول معلومات استخباراتية بشأن البنية التحتية العسكرية بالمخيم.
وأظهرت المعطيات المتداولة أن 706 جنود وضباط إسرائيليين قتلوا منذ بداية الحرب على غزة، بينهم 340 بالمعارك البرية، في حين تتهم تل أبيب بالتكتم على الحصيلة الحقيقية لقتلاها وجرحاها من الجنود.
وعلى الصعيد اللبناني، كشف موقع "اكسيوس" الأميركي عن اجتماع أميركي- إسرائيلي عقد للبحث في سبيل منع اندلاع حرب بين إسرائيل و"حزب الله"، مشيرة إلى أن المطلب الإسرائيلي الرئيسي هو "أن يتضمن أي اتفاق دبلوماسي مع لبنان انسحاب قوة رضوان النخبوية التابعة للحزب لمسافة لا تقل عن 10 كيلومترات من الحدود".
ميدانياً، شنّ الجيش الإسرائيلي هجمات جوية وبرية على مواقع عسكرية لـ"حزب الله" في جنوب لبنان، فيما واصل الحزب استهدافه لمواقع عسكرية وقوات إسرائيلية في المنطقة الحدودية.
وفي جولة الصحف العربية اليوم:
أشارت "الخليج" الاماراتية الى أن توحيد المواقف بين مصر وتركيا مهم للقضية الفلسطينية، التي تشهد عملية تصفية شاملة، معتبرة أن "حل القضية الفلسطينية والتصدي الحازم للسياسة الإسرائيلية المتطرفة، لم يعد استحقاقاً من أجل الشعب الفلسطيني فحسب، بل هو هدف استراتيجي لوقف هذا التهديد الخطر وردعه ووأد مخططاته الخبيثة، بما يسمح بتجنيب المنطقة الانزلاق إلى أتون صراع مدمر".
ورأت "الأهرام" المصرية أن التوترات الهائلة حالياً في الشرق الأوسط، والناتجة عن حرب الإبادة الجماعية في غزة والضفة، تتطلب تنسيقاً على أعلى مستوى بين الدولتين المهمتين، كمصر وتركيا، لافتة إلى أن "المباحثات بين الرئيسين السيسي وأردوغان اشتملت على كيفية التعامل مع نتنياهو، الذى يرفض إيقاف المذبحة فيي غزة، ويعاند حتى شعبه الراغب في التوصل إلى صفقة لإعادة المحتجزين الإسرائيليين".
وفي تقرير خاص لها، اعتبرت صحيفة "الراي" الكويتية أن "حرب غزة حرفت نتنياهو عن نمَطه المعتاد كاشفاً في شكل غير مألوف عن استعداده للانخراط في حرب طويلة ومدمّرة من أجل بقائه السياسي". وقالت: "يبدو أن الجانبين عالقان في مواجهةٍ مميتة غير قابلة للحل بسبب استعداد نتنياهو لجرّ أميركا وحلف "الناتو" خلفه إلى حرب شاملة شرق أوسطية لا يرغب بها سواه من أجل بقائه هو في الحُكم".
تحت عنوان "اسرائيل: قوة احتلال بمنطوق قانون الحرب"، كتبت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "أبشع مخالفة ترتكبها اسرائيل واكبر جريمة في حق الشعب الفلسطيني والشرعية الدولية ومبادىء القانون الدولي الإنساني هي أن الحرب التي شنتها على غزة صار عمرها عشرة اشهر وهي ما زالت مستعرة حتى اليوم وبدأت تمتد الى الضفة الغربية".
بدورها، لفتت صحيفة "عكاظ" السعودية إلى أنه "إذا كانت الدول العربية تدعو دائماً للتهدئة وإحلال السلام العادل في المنطقة وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وإذا كانت بعض الدول العربية عقدت اتفاقيات سلام مع إسرائيل، فإن ذلك كله لا يعني أن المعادلة قد لا تتغير إلى النقيض إذا كانت إسرائيل تمارس استخفافها إلى هذا الحد، وتتطاول على دولة عربية كبرى، أي مصر، قد جربت معها الحرب، وذاقت على يدها الهزيمة".
(رصد "عروبة 22")