قبل أسبوع تقريباً من اغتيال حسن نصر الله أمين عام "حزب الله"، أضافت الحكومة الإسرائيلية المصغرة هدفاً رابعاً لحربها الحالية، تبدأ بالقضاء على حركة "حماس"، إطلاق سراح المحتجزين، وأن تكون غزة مكانا آمنا لإسرائيل ولا تهددها، ليأتي الرابع ولم يكن موجوداً وهو عودة سكان الشمال إلى منازلهم النازحين منها بسبب هجمات "حزب الله" منذ أكتوبر الماضي.
فشلت إسرائيل على مدى عام من إنجاز الأهداف الثلاثة الأولى، ومع ذلك سارعت الخطى لتحقق الهدف الرابع الخاص بسكان الشمال ليكونوا في مناطقهم وقت الدراسة، وقررت شن حرب مدمرة أخرى مع "حزب الله" ولبنان، بدأتها بحملة "البيجر"، على أمل القضاء على قدرات الحزب وخفض الروح المعنوية لعناصره، وإبلاغ رسالة لإيران بأن وكيلها اللبناني أصبح من الماضي.
نيتنياهو وعسكريوه وسعوا نطاق الحرب، ولكن سكان الشمال الإسرائيلي لم يروا مساكنهم حتى الآن رغم ما حققه جيشهم من انتصارات مؤقتة، فما تحقق لنيتنياهو مجرد إنجازات وقتية سيتجرع كأس مرارتها لاحقاً، ومهما شعر الإسرائيليون بالفخر لما حققوه (اغتيال هنية ونصر الله) لن يهدأ بال للمقاومة، وربما خسرت معركة تكتيكية، ولكن الحرب بالتأكيد طويلة وستعيد ترتيب صفوفها، ففكرة المقاومة لا تموت وتبقى قائمة، وكلاهما (حزب الله وحماس) سينهضان من تحت الرماد والركام.
ربما تكون المرة الأولى التي تدرك فيها الإدارة الأمريكية هذا الواقع، فبعثت رسائل عدة لتل أبيب تبلغها فيها ضرورة وقف إطلاق النار (في غزة ولبنان)، ولكن الصلف الإسرائيلي أصر ألا ينصت لواشنطن، وقررت تل أبيب إقحام لبنان كاملة في حرب مدمرة جديدة تذكره بأهوال حرب 2006.
طبقت إسرائيل نظرية جديدة في المعادلة العسكرية تُدعى "التصعيد من أجل خفض التصعيد" فضمت لبنان إلى غزة، وفي النهاية تعرضت لوابل صواريخ إيرانية (بغض النظر عن فعاليتها) وهجمات من "حزب الله"، وبالتالي لم تحقق هدفها الرابع وإعادة سكانها إلى الشمال، الذين أدركوا مدى خطأ حسابات حكومتهم المتطرفة، فـ"حزب الله" لن يجعل عودتهم سهلة وإنه من الأفضل التهدئة. الأيام تمر والخسائر تتضاعف في كل الجبهات، والانتخابات الأمريكية دخلت ساعاتها الأخيرة، ليبقى الحال على ما هو عليه.
(الأهرام المصرية)