الحوار الإستراتيجي بين أمريكا والجامعة العربية

في 19 يوليو 2023، انعقدت أولى جلسات الحوار الاستراتيجي فى العاصمة الأمريكية واشنطن بين وفد جامعة الدول العربية برئاسة أمينها العام السفير أحمد أبو الغيط، ووفد وزارة الخارجية الأمريكية برئاسة وزيرها أنتوني بلينكن، وذلك لأول مرة في تاريخ الجامعة منذ إنشائها في عام 1945. وهو حدث أعتقد أن له أهميته الرمزية والمعنوية، ويشير إلى ازدياد اعتراف واشنطن بالجامعة العربية كفاعل إقليمي ودولي جدير بالحوار معه.

ظهر مفهوم الحوار الاستراتيجي فى سياسة الخارجية الأمريكية كتعبير عن إدراك واشنطن بأهمية الانخراط في مناقشات مع الدول والأطراف الدولية الأخرى بشكل معمق بهدف التعرُف على أهداف كل منها ودوافعه، وبحيث يتجاوز الاتصالات العاجلة والمُشاورات السريعة التي تتم عادة عند نشوب مشكلة أو أزمة إقليمية أو دولية. وهكذا، فإن هدف الحوار الاستراتيجي، هو التعرُف بشكل مُباشر على معتقدات وأفكار ومصالح الأطراف الأخرى. وتدير الولايات المتحدة عشرات من الحوارات الاستراتيجية مع دول العالم، ومع بعض المنظمات الإقليمية كمجلس التعاون الخليجي، ومجلس التعاون الإسلامي. أما بالنسبة للجامعة العربية، فقد وقعت مع أمريكا مذكرة التفاهم والتعاون في 2012، وصولا إلى الحوار الاستراتيجي فى يوليو 2023.

لابد أن يتوقف الباحث أمام الأسباب التي دعت الخارجية الأمريكية لإجراء هذا الحوار، والأسباب متعددة (...) وربما يكون السبب، هو تخوف الولايات المتحدة من ازدياد نزوع الدول العربية لمواقف مستقلة، وهو ما ظهر في خطابات عديد من القادة العرب فى لقائهم مع الرئيس بايدن فى يوليو 2022 ومع الرئيس الصيني فى ديسمبر من نفس العام. ويدُل عليه عدم انحياز أغلب الدول العربية بشكل كامل للمواقف الأمريكية ضد روسيا بشأن الحرب الأوكرانية، بل وحرص عدد من القادة العرب على الاحتفاظ بعلاقات مصالح وتقارب مع موسكو والرئيس بوتين شخصيًا. كما يدُل عليه الانتقادات الأمريكية لمواقف الدول العربية الأعضاء في منظمة "أوبك بلس"، والتى وصفتها بأنها ضارة للمصالح الغربية.

ولا بد من إدراك الفارق بين موقف كل من بيلنكن وأبو الغيط في هذا الحوار. فبينما كان الأول يعبّر عن مصالح دولة واحدة، فإن الثاني كان يعبّر عن الوفاق العربي العام الذى تُشير إليه قرارات مؤتمرات القمة ومجالس وزراء الخارجية العرب.

... ويبقى القول إنّ بدء الحوار الاستراتيجي بين الجامعة العربية وأمريكا هو أمر مُهم ينبغي الحفاظ عليه واستمراره للتعبير عن المصالح العربية المُشتركة وقضايا الأمن الجماعي العربي.


لقراءة المقال كاملًا إضغط هنا

("الأهرام") المصرية

يتم التصفح الآن